المجازر الصهيونية بحق شعبنا لم تنته ولن تتوقف، جاؤوا الى أرضنا بمشروعهم الصهيوني تحت شعارات خادعة ومضللة،"أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"،ومنذ اللحظة الأولى لغزوتهم،وبعد مؤتمرهم الصهيوني الأول في بازل بسويسرا في آب/1897 وضعوا نصب اعينهم طرد وتهجير شعبنا عن أرضنه ووطنه وإحلال مستوطنيهم مكانه،ولذلك كانت العصابات الصهيونية،ترى بأن تحقيق ذلك غير ممكن إلا عبر المجازر والمذابح،ولترتكب عصابات "الأرغون"و"شتيرن" و"الهاجانا" و"المالباخ" الصهيونية مذبحتها بحق سكان قرية دير ياسين،من اجل بث الرعب والخوف في قلوب أبناء شعبنا واهلنا،ليس في دير ياسين فقط،بل في كل القرى والمدن الفلسطينية في الجذر الفلسطيني- 48 -،من اجل حملهم على الرحيل القسري،ولم تكن مجرزة دير ياسين الوحيدة بل إستتبعتها مجازر اخرى الدوايمة وكفر قاسم والسموع ومخيم جنين وصبرا وشاتيلا وغزة وتلك القائمة الطويلة من المجازر المتواصلة بحق شعبنا دون توقف،ودون ان يرف جفن أو يذرف دمع لهذا الغرب الإستعماري المجرم والمتوحش والمتشدق بقيم الحرية والديمقراطية والعدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها،و"المعهر" لمثل هذه القيم والمبادىء الإنسانية،والمستخدم والمدافع عنها فقط عندما تخدم اهدافه ومصالحه،في وقت يتنكر لها،بل يحاربها حينما تتعارض مع ذلك،فالديمقراطية الأمريكية والأطلسية المزعومة جلبت الخراب والدمار لشعوبنا وامتنا العربية،فالعراق خير شاهد ودليل على تلك الديمقراطية التي يدفع العراقيون ثمنها حتى اللحظة مئات ألآلاف القتلى والجرحى والمعتقلين والمشردين، والحروب المذهبية والطائفية والقبلية والعشائرية والتقسيمات الجغرافية والجهوية،عدا عن الخراب والدمار والجوع والفقر وإمتهان الكرامة وغياب الحريات والتعددية الحزبية والسياسية وغيرها.
وما حدث ويحدث في ليبيا وسوريا واليمن والعراق،حيث جرى الزج بالجماعات الإرهابية والتكفيرية بمختلف مسمايتها وتلاوينها،وتم مدها بالمال والسلاح والفائض البشري من الجماعات الإرهابية،وكذلك وفرت له الرعاية والتغطية الإعلامية والسياسية والحماية في المؤسسات الدولية،وأيضاً دعمت ومولت وشنت الحروب العدوانية عليها،تحت حجج وذرائع تخليصها من الأنظمة الدكتاتورية،واستخدام تلك الأنظمة لأسلحة محرمة دولياً،الأسلحة الكيماوية،والتي اتهم الجيش السوري أكثر من مرة زوراً وبهتاناً في استخدامها لتبرير شن العدوان الأمريكي- الأطلسي عليها.
من قتل الشعوب في اليابان وفيتنام بالأسلحة الذرية والمحرمة دولياً،ويحمي دولة الإحتلال التي تمارس القتل والإرهاب بحق شعبنا الفلسطيني منذ واحد وسبعين عاما،لا يحق له الحديث عن الإرهاب وحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية.
هذا الغرب الإستعماري المسؤول الأول والمباشر عن كل الجرائم المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني لا يأبه ولا يلتفت لمصير شعبنا ولا يتعامل معنا على أساس اننا بشر لنا حقوق كبقية أبناء البشرية،نريد ان نحيا ونعيش في وطن حر ينعم فيه اطفالنا بالحرية والأمن والأمان كباقي بني البشر،بل همه وهاجسه الأول توفير الأمن والأمان والحماية لدولة الإحتلال،فامريكا والغرب المجرم يذرفون الدموع ويزعقون وينعقون رسمياً وشعبياً لمجرد سقوط جريح او قتيل صهيوني،وينعتون شعبنا بأقذع الأوصاف أقلها قتلة وإرهابيون،رغم انهم يخوضون نضالهم وكفاحهم ضد المحتل ووفق ما كفله لهم القانون الدولي من إستخدام لكافة أشكال النضال من اجل نيل حريتهم وإستقلالهم،وهذا الزعيق والنعيق لا نسمعه منهم،بل نرى صمت مطبق او دعوات لضبط النفس،وإيجاد الحجج والأعذار لإسرائيل في ارتكابها لجرائمها بحق شعبنا الفلسطيني،وليس ذلك فقط بل كانت امريكا والغرب الإستعماري المجرم والمتوحش في الخط الدفاعي الأول ضد اي قرارات او عقوبات قد تتخذها او تفرضها عليها المؤسسات الدولية على خلفية تلك الجرائم،لكي تصبح اسرائيل بفعل تلك الحضانة والمظلة والحماية دولة فوق القانون تعربد وتقتل كيفما تشاء وبدون حسيب او رقيب.
المأساة والطامة الكبرى،رغم كل المجازر المرتكبة بحق شعبنا،والتي يفترض ان توحدنا في مواجهة تلك الجرائم والمجازر،وجدنا أنفسنا نقتتل ونوغل في دم بعضنا البعض على خلفية صراعات على سلطة بدون سلطة ومصالح فئوية وحزبية،وقسمنا الوطن جغرافيا على مذبح شهوة السلطة والمصالح والمنافع،ومن يشاهد عمليات القمع والملاحقة السياسية في قطاع غزة والضفة الغربية،وتقديم صراعاتنا وخلافاتنا على الصراع والخلافات مع الإحتلال،يستشعر حجم الخطر الجدي على قضيتنا ومشروعنا الوطني،بفعل أيدينا،قبل اعداءنا المتربصين بنا.
اليوم باتت مشاريع تصفية القضية الفلسطينية وتفكيك المشروع الوطني،اخطر من أي وقت مضى،حيث نشهد مشاركة امريكية مباشرة في العدوان على شعبنا وأمتنا العربية،فالمتصهين ترامب يوزع أرضنا هدايا وعطايا على دولة الإحتلال،وكأنها جزء من أرضه،فمن بعد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس والإعتراف بها عاصمة لدولة الإحتلال،ومحاولة شطب وتصفية قضية اللاجئين وحق العودة،كان قرار الإعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل،والمتوقع بعد الإنتخابات الإسرائيلية الجارية اليوم،ان يعلن نتنياهو عن ضم مناطق( سي) من الضفة الغربية لدولة الإحتلال.
أمريكا واسرائيل تشعران بان الظروف مؤاتية لتمرير مخططاتهما ومشاريعهما في المنطقة،وفي مقدمتها ما يسمى بصفقة القرن،صفعة العصر،فالحالة العربية تشهد حالة غير مسبوقة من الإنهيار،والنظام الرسمي العربي " تعفن" حيث يدعو الى شرعنة وعلنية التطبيع مع الإحتلال،وتبديد هواجسه ومخاوفه الأمنية والعمل على طمانته على وجوده وإحتلاله للأرض،وليذهب نتنياهو أبعض من ذلك بالقول،بأن الزعماء العرب يتفهمون تمسك اسرائيل بالأراضي المحتلة،اما الوضع الداخلي الفلسطيني،فهو في أسوء مراحل ضعفه وترديه وتشظية،والإنقسام ليس فقط يتكرس،بل نحن ذاهبون بفضل " حكمة" القيادات الى حالة من الإنفصال بين قطاع غزة والضفة الغربية،ونشهد حالة من الردح والردح المضاد وعبارات التخوين والعمالة والإتهامات بالمشاركة في المشروع الأمريكي،لم نعدها في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني على مدار سنوات عمره.
في الذكرى الحادية والسبعون لمذبحة دير ياسين، نستشعر بأن مذبحة كبرى قادمة بحق حقوق وثوابت شعبنا،بحق قضيته ومشروعه الوطني،ولذلك يجب علينا أن لا نكون شركاء في هذا الذبح،فخلافاتنا وفرقتنا وانقساماتنا،من شأنها ان تشكل مساهمة وخدمة مجانية لأعدائنا لتحقيق أهدافهم ومشاريعهم،ألم يحن الوقت لقياداتنا لكي ترتقي الى مستوى المخاطر المحدقة بقضيتنا ومشروعنا الوطني...؟؟ألم يحن الوقت لكي ننهي الإنقسام المدمر العابث بالجسد الفلسطيني كالسرطان...؟؟ ألم يحن الوقت لكي يكون لنا رؤيا وطنية جامعة،ونرسم استراتيجية سياسية كفاحية تقوم على الصمود والمقاومة ..؟؟،ألم يحن الوقت لكي نستعيد وحدتنا الوطنية على أساس برنامج سياسي موحد،ينهي ويقطع التدخلات العربية والإقليمية والإسرائيلية والأمريكية في ساحتنا وقرارنا الفلسطيني..؟؟.
فلسطين- القدس المحتلة
9/4/2019
بقلم/ راسم عبيدات