(1) أُريد وزارة ... تأخرت الوزارة
لسان حال القوائم الاستوزار المنتشرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ممهورة بمعلومة من مصادر موثوقة أو مطلعة أو مقربة من الرئاسة أو رئيس الحكومة أو مراكز نفوذ، تقول يا ليتني وزيرا بعرض مروجيها أو بعضهم خدماتهم على رئيس الحكومة المكلف ليحسب حسابهم في تشكيلته أو حكومته القادمة. والبعض الاخر يعرض إنجازاته الشخصية أو ادارته عله يلفت الانتباه للحصول على مكانة في الزمن القادم. هذا سببه أولا الرغبة الشخصية للحصول على الامتيازات المادية والمعنوية لمعالي الوزارة التي سيحصل عليها، وثانيا تأخر رئيس الحكومة عن كشف قائمة أعضاء الحكومة وهي مدة طويلة في ظل الحاجة الى حكومة جديدة ذات ديناميكية جديدة تعيد الفعل وليس رد الفعل.
(2) الانتخابات الإسرائيلية ومشروع نتنياهو
وكما هو متوقع فإن الانتخابات الإسرائيلية أبقت على اليمين الإسرائيلي في سدة الحكومة، مع القناعة لدى الأغلبية الفلسطينية أن الأحزاب الرئيسية في إسرائيل هي وجهان لعملة واحدة، لكن المفاجأة تمثلت بعدد المقاعد التي حصل عليها نتنياهو وحزبه على الرغم من شبهات الفساد والتحقيقات التي تجريها المؤسسات انفاذ القانون في إسرائيل على مدار السنتين الأخيرتين وهو بذلك يمثل حالة فريدة وغير مسبوقة. قد ينسب البعض هذا الفوز للتطورات الاقتصادية التي رافقت حكوماته المختلفة وقد يكون أيضا للجوائز والهدايا التي حظي بها من الولايات المتحدة الامريكية أو الاتحاد الروسي وهي عوامل مساندة. لكن في الجوهر، في ظني، لوضوح خطابه الاستعماري وقدرته على اقناع قطاع واسع من جمهور اليمين للتصويت له ولمشروعه الذي ينفذه في الأراضي الفلسطينية المحتلة مقابل غياب الوضوح لدى المنافسين في الانتخابات.
في المقابل غياب مبادرة فلسطينية قادرة على الضغط على الجمهور الإسرائيلي سواء في الكفاح الوطني كالانتفاضة أو المقاومة الشعبية السلمية أو بالصواريخ، أو في القدرة على الاختراق للمجتمع الإسرائيلي. فنتائج الانتخابات الإسرائيلية تطرح من جديد أسئلة فلسطينية داخلية بامتياز. فالرد على المشروع الاستعماري يحتاج الى امتلاك الفلسطينيين لمشروع تحرري مبني على ثقافة وبنى وأحصنة وحصون مختلفة.
(3) مقارنة الانتهاكات بين الضفة وغزة
يخرج علينا البعض يرفض أي انتقاد السلطة الفلسطينية في الضفة وأجهزتها الأمنية خاصة في سلوكها المتعلق بالحريات العامة، ويريد أن يقارن بين الضفة والقطاع، وفي ظني تحمل هذه النعرات أمران، الامر الأول قصر نظر لاحترام السلطة الحاكمة للمعاير القانونية عند ممارستها للقوة المشروعة التي تمتلكها، والامر الثاني أن السلطة الفلسطينية وأجهزتها محمولة على احترام التزاماتها كونها حكومة دولة وهي لا تشبه بالمطلق حزب سياسي يسيطر بالقوة المسلحة على قطاع غزة. فالمقارنة بهذه الصيغة فيها حطٌ من مكانة السلطة الفلسطينية ذاتها، وتوحيدٌ لمشروعية الاعمال في المنطقتين مما يُوقع أصحاب هذا التوجه بالخطيئة وفي اختلالات التوازن الذاتي.
وفي نفس السياق، فإن جريمة التعذيب التي تعرض لها المواطن محمد صافي على يد موظفين أمنيين لدى حركة حماس في قطاع غزة لا تقف عند الإدانة أو فتح تحقيق أو محاسبة الذين اقترفوا هذه الجريمة فقط بل تعويضه عما لحق به وتوفير العلاج اللازم لإنهاء معاناته.
(4) اضراب الاسرى ... الظروف الصعبة
مما لا شك فيه أن اضراب الاسرى الحالي هو الأصعب في تاريخ الحركة الاسيرة، ونضالات رفض الحياة دون كرامة، فهي "الحركة الأسيرة" تخوض الاضراب منقسمة وفي مجازفة لطول هذا الاضراب مع خوف من تراجع المساندة الشعبية. وفي ظل ظروف سياسية فلسطينية بالغة الصعوبة، بل السوء، من انقسام فلسطيني سياسي حاد تتناثر على جانبية توصيفات التخوين. بالإضافة الى تزامنه مع اجراء الانتخابات الإسرائيلية التي تحول دون وضع اضراب الاسرى على اجندة الحكومة الحالية وربما الانتظار الى تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة. ناهيك عن أن الإضرابات الفردية افرزت عدم خوف إدارة السجون من طول الاضراب وتأثيره على الاسرى المضربين. هذه العوامل مجتمعة تضع اضراب الاسرى للعام 2019 أكثر صعوبة من أي اضراب سابق. مما يتطلب المزيد من المشاركة والمساندة والضغط من قبل القطاعات الفلسطينية المختلفة لصد المخاطر التي تحدق بالحركة الاسيرة.
(5) الموجة الثانية من الربيع العربي
في خضون أسبوع واحد سقط رمزي نظامين عربيين في الجزائر والسودان تحت ضغط الجماهير التي انتفضت على سطوة حُكمهما وظُلمهما وفَشلهُما في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية مقابل تفشى الفساد والبطالة وانتهاكات حقوق الانسان وخرق الحريات العامة. لكن هذا السقوط يحتاج الى الحكمة في التعامل مع تبعاته، خاصة أن تجارب الموجة الأولى للربيع العربي للعام 2011 لم تكن مشجعة سواء في إعادة سيطرة العسكر على الحكم أو الدخول في حرب أهلية كسوريا ليبيا واليمن وانهيار الدولة فيها.
بكل تأكيد ان الجيش في كلا البلدين يمثل الدولة العميقة ولهما مصالح متعددة في الدولة. كما أن وحدة القوى السياسية العلمانية والليبرالية في البلاد تمثل أداة القوة الشعبية ليس فقط للانتفاض الشعبي السلمي بل في أي انتخابات مقبلة لضمان عدم انحراف الثورة أو الوصول لدولة مدنية ديمقراطية.
ملاحظة: أحسن تلفزيون فلسطين في طريقة تغطيته للانتخابات الإسرائيلية، وهي خطوة هامة على طريق تناول القضايا المركزية الداخلية والخارجية في ظني يحتاجها الفلسطينيون كما يحتاجون الى الانتخابات الفلسطينية ذاتها.
بقلم/ جهاد حرب