محمد أبو شملة.. مات في الغربة وحلمه لم يكتمل بعد

بقلم: محمود غانم

بداية، ما دفعني لكتابة هذه المقالة هو ما يمر به واقع الشباب قطاع غزّة من تيه وضياع نحو المجهول، وخاصةً بعد سماعنا نبأً مفجعًا مؤلمًا أمس عندما تداولت وسائل الإعلام خبر وفاة الشاب محمد أبو شملة الذي نهشت جسده الغربة وبعده عن الوطن الذي كان حلمه أن يكون شابًا نافعًا في وطنه يُعمر ويبني مستقبلاً يليق بطموحاته البسيطة التي تحطمت على صخرة الألم والعذاب.

وأًعلن، الجمعة، عن وفاة الشاب الفلسطيني محمد أبو شملة "25"عامًا في المشافي التركية أثناء هروبه من ملاحقة الشرطة التركية لمجموعة من الشبان الذي ينتظرون دورهم للهجرة إلى اليونان عبر البحر، حيث مكث أبو شملة نحو "10" أيام في المستشفى في حالة خطيرة جداً، حيث كان يعاني من تهشم في الجمجة مع نزيف حاد في الرئة.

لا يخفى على أحد واقع الشباب في قطاع غزّة المرير الذي يعاني الويلات منذ "12"عامًا، حينها بدأ الشباب يسلكون مسلكاً آخراً لا يعرفون مصيره وما الذي يخبئ لهم من واقع مرير ومستقبل نحو المجهول كل ذلك سببه تعنت ساساتنا وعدم الانصياع لتلبية أدنى حقوق المواطن في بلده وتغيير الواقع المرير والنهوض بالشباب الذين هم عمادة هذا الوطن، كأنهم تناسوا أن وطن بلا شباب "كزهرة دبلانة ما بقي الإ تهر".

حال الشباب في قطاع غزّة ينقسم إلى صنفين: الأول من يتحدى الصعب ويكافح في جمع لقمة عيشه المغموسة بالمرارة والذل والإهانة ويعيش على أمل كل يوم بأن القادم أفضل، والصنف الآخر ذلك الذي ضاقت به السبل وبقى المخرج الوحيد له هو الرحيل عن وطنه مغرماً كارهاً لعله يقتنص فرصةً تعوضه ولو قليلا ًعن معاناته في غزّة.

لا استطيع وصف المشهد عندما قرأت الرسالة التي بعثها الشاب محمد إلى أمه قبل رحليه من غزّة، كأنها تحمل من معاني الحب والألم والتردد بين نار الغربة والرحيل عن العائلة والبقاء في غزّة والرضا بالواقع المرير، بالإضافة إلى الذكريات والمشاعر التي لا تنسي مع أمه، وسرعان ما جاء القرار الصعب عندما تلقت نبأ وفاة ابنها الذي كان قطعة من قلبها.

إلى متى وإلى أين ستؤول الأمور في حال بقيت الأوضاع على هذه الحالة التي لا يرثى لها، سنخسر الكثير أمثال محمد الذي لم يحتضنه وطنه وفقد حنان أمه الذي حلمت أن تضمه إلى صدرها وأن يكبر في كنفها.

الكلام واللوم كثير ولكن تبقى العبرة في الخواتيم بأن تستيقظ القيادات الفلسطينية من غفلتها وفي هذا المقام لا استثنى أحداً من الفصائل، لأنهم يحملوا جزءاً من واقع غزّة المرير الذي يأخذ كل يوم منحنى سلبي.

رسالتي إلى صناع القرار في غزّة بأن يتقوا الله في شبابها الذين صبروا وتحملوا الويلات وأن يقدموا مصلحة الوطن على الحزب حتى لا نفقد شباب آخرين في الهجرة والغرق في البحر.

والرسالة الثانية إلى شباب غزة المغتربين عن وطنهم، لا تنسوا وطنكم في حبكم الإنساني ولا تنسوا الإنسانية في نزعتكم الوطنية، فالوطن باقٍ والاحتلال إلى زوال أن شاء الله.