بكل تأكيد ان حالة التعقيد وتشابكاتها الاقليمية وطبيعة المعادلات الدولية تجعل من ذوي الفكر واصحاب القرار او من يمتلكوا بعد عناصره من الصعب الخروج عن تراكمات التجربة وان قلت سلبياتها اكثر من ايجابياتها ،ولذلك نجد التعلق بالماضي وعدم تجاوزه بخطواط الحسم والقرار الجريء اكثر صعوبه فهي مرتبطة بكل ما ذكرت .
وعندما نتحدث عن فتح فالحديث ذو اشجان وقد يصل الى التراجيديا كون هذه الحركة اي حركة التحرر الوطني لم تحقق اهدافها على مدار عقود من التضحيات وتعرضت لهزات لا نستطيع القول انها مؤثرات خارجية بل لعبت الحيئيات الداخلية دورا كبيرا في هدر طاقاتها والتي كان يوما عليها اجماع شعبي اكثر من اي حركة تحرر اخرى انتصرت ، بل كان لفتح الحاضنة من كل فئات الشعب وعرب واجانب .
دخلنا في العام الثامن ونحن نتحدث عن مصالحة فتحاوية داخلية وعرضتم كل ما لديكم من اجل تحقيقها ، وقدمتم لشعبكم في ازماته مالم يقدمه من يمتلكون القرار وما يسمى الشرعية سواء في فتح او السلطة او منظمة التحرير .
مناطق الفراغ لا يمكن ان تبقى فارغة تحت مسمى المصالحة الفتحاوية والوحدة الفتحاوية ، فالتاريخ لا يعود للخلف ولا ازمنته الا اذا صُنع الجديد الذي يستحق ان يملاء الفراغ قانون فيزيائي ميكانيزمات الطبيعة لا يمكن ان تتجاوزه سواء في العلاقات الانسانية او الاقتصاد او تطور الشعوب ، او في اي برامج وضعية تقود للحرية والعدالة والانعتاق.
ستكون رسالتي تلك قصيرة ولكنها ستعبر عن مضامين ومفاهيم كبيرة ، وعندما نقف على ابواب شخصيتين يمكن لهما صنع الجديد ، اذا ما خرجا خارج قيود التجربة قليلا مع مداعبة المناخات الاقليمية والدولية التي بكل تاكيد لها مؤثراتها على الواقع الفلسطيني ، وهنا لا اقول اننا بمنأى عن تلك المؤثرات ، ولكن الحاجة الوطنية اصبحت تحتاج فدائي يمتلك كل الاسلحة ليخوض معركة التغيير وتعديل المفاهيم النضالية للشعب الفلسطيني بعد السقوط المدوي لكل السلوكيات والاطروحات منذ عقود وللان .
نحن بحاجة الان الى برنامج متكامل اجتماعي اقتصادي ثقافي سياسي امني يعتمد على ماذا نريد من مفاهيم الجغرافيا السياسية لنحقق الحُلم الفلسطيني ، هذا هو المهم وفي توازن بين كل العناصر والمفردات ، هي تلك الرسالة التي يمكن ان تصنعوها لتنتقل للاجيال القادمة فالصراع لن تحله كل الاطروحات الحاضرة ومراكز صياغتها ونفوذها ومن تطوعوا لتنفيذها ، تستطيعوا ان تفعلوا عملا عظيما لشعبكم اذا ما اخذتم عرين العلم والتكنولوجيا والابحاث ايضا طريقا لصناعة الموقف والحدث والانجاز .
لم اكن عابر سبيل على حركة النضال الوطني الفلسطيني ، وان فعلت الايام ما فعلت ، ومن هم كانوا اصحاب الفعل ، ومن هم احدثوا الانهيارات ، وهنا ليس بمجال ان نفصل ، فدرايتكم ببواطن الامور تكفي ، وان كانت حبيسة واقع وفرضيات ، ولكن بالتأكيد لا تنعدمون من التشخيص للحالة الفلسطينية الماضية والحاضرة .
لقد تحدثتم حتى اخر رسالة لكم عن الوحدة الوطنية وتحدثتم عن الشراكة وتحدثتم وطرحتم انتخابات رئاسية وتشريعية للخروج من كل الازمات ، طرح مثالي لظروف من المفترض ان تكون مثالية لكي يتم استقبالها ، ولكن كل المناخات في الساحة الفلسطينية فتحاوية وفصائلية ليست طبيعية ، والواقع الدولي بقيادة امريكا خرج عن كل المفاهيم الطبيعية ، اذا امام هذه الوقائع التي نلمسها جميعا ، ما العمل ..؟؟ وماذا يمكن ان نصنع من جديد ..؟ نعم نحتاج ثورة على كل القيم السياسية والامنية والسلوكية الماضية وبخطاب واضح فقد يسجل لكم التاريخ وفي هذا الواقع الصعب هذه الخطوات الخالدة في ذاكرة الاجيال .
لقد شدتي رسالتكم الاخيرة في ذكرى امير الشهداء ابو جهاد رحمه الله الذي مضى في وقت كنا بحاجه اليه ليحدث الاصلاح والتصحيح لنهاية مهزلة ، لقد حملت رسالتكم كثير من المفاهيم والعمق والتنويه والاشارة ، ولذلك نحن الاحوج الان ان نقف جميعا للاعداد لمواجهة متغيرات يجب ان نعد لها نسبق الزمن ولا يسبقنا ، والوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك .
والله من وراء القصد
بقلم/ سميح خلف