سياسات دونالد ترامب ومستقبل امريكا والعالم ..!!

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

من يظن او يعتقد ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب قد يحقق المصالح القومية للشعب الامريكي من خلال سياساته الرعناء التي يتبعها في التعاطي مع الشان الدولي فهو واهم ... إنه يعمل في خدمة فئة واحدة من فئات الشعب الامريكي هي (البنتاغون والمجمع الصناعي العسكري المهيمن على الدولة الامريكية العميقة وعلى سياسته الرعناء).....

وهذا ما ادى الى زيادة الدين العام لامريكا عن 22 ترليون دولار. مع نهاية العام 2018م وزاد عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة في عام 2018 م بنسبة7 بالمئة عن عام 2017 اي ان العجز في الميزان التجاري قارب ال 800 مليار دولار وأن نسبة الفقر قد وصلت الى 20 بالمئة من الشعب الامريكي .... كل ذلك بسب سياساته العسكرية وحروبه التجارية وإنقلابه على نظام العولمة وعلى دول العالم المختلفة...

إن استمرار هذه السياسات الامريكية المرتكزة اليوم على تحالف (المحافظين الجدد او بالأصح المسيحية الصهيونية والمجمع الصناعي العسكري والبنتاغون ..) ستؤدي الى اشعال المزيد من الحروب العسكرية المباشرة وغير المباشرة التي تتورط فيها امريكا والتي لا تخدم سوى هذا التحالف اليمني العسكريتاري الامبريالي .... يضاف اليها الحروب التجارية التي يخوضها دونالد ترامب مع القوى الاقتصادية الدولية وعلى الاخص مع الصين واوروبا والهند وتركيا والبرازيل والمكسيك والانقلاب على نظام العولمة واتفاقيات التجارة الدولية المنظمة له .....

كل ذلك سيدخل الولايات المتحدة الامريكية مستقبلا في ركود اقتصادي لم تشهد له مثيل من قبل .... مما سيؤدي الى تراجع كبير في مكانتها الاقتصادية الدولية خلال السنوات العشر القادمة .. لتفسح المجال امام اقتصاديات الدول الاخرى المنافسة لها للتقدم عليها وتسجيل ارقاما قياسية في النمو والازدهار والرخاء يقابله التراجع في مكانة الولايات المتحدة اقتصاديا وسياسيا وازدهارا ورخاء....

ما يعني ان سياسة سباق التسلح الذي تفرضه هذه السياسات الامريكية الآن سوف تكون الولايات المتحدة الامريكية واقتصادها ضحيته الرئيسية.. ..

ما سيؤدي الى فشلها وتراجعها وسقوطها امام نمو وتطور اقتصاديات الدول المنافسة التي تعتمد اساسا على تطوير بناها الاقتصادية المنتجة في مجالات غير عسكرية ونموذج ذلك الصين والهند وكوريا واليابان والبرازيل والمكسيك .. وغيرها من الدول فهي التي ستمتلك مفاتيح المستقبل الاقتصادي الدولي وستفقدها الولايات المتحدة خلال عقود قليلة..... !

هكذا يكون الرئيس دونالد ترامب والتحالف المساند له الذي يقود امريكا اليوم ..... يقودها نحو السقوط في الهاوية.. فهو إذا عدو للسواد الأعظم من الشعب الأمريكي الذي بات يعاني من تراجع كبير في مستوى الرفاهية والخدمات والغنى.... وازدياد مساحات الفقر لديه وانتشار الجريمة و تفشي المخدرات ..... حيث اصبحت الولايات المتحدة الامريكية تحتل مركز الصدارة والمرتبة الأولى في عدد السجناء بين دول العالم حيث أن (نصف عدد السجناء في العالم تغص بهم سجون الولايات المتحدة الأمريكية اليوم)....

لقد باتت امريكا تسير نحو الكارثة ونحو السقوط في الهاوية بقيادة دونالد ترامب وفريقه وسياساته الشعوبية اليمينية العسكريتارية وحروبه التجارية الرعناء .. !

ومن النماذج لهذه السياسة الامريكية اليمينية الخرقاء والرعناء سياسات دونالد ترامب وامريكا في منطقتنا العربية والتي تتجلى في الإنحياز السافر للمستعمرة الاسرائيلية وسياساتها التوسعية الاستيطانية والعنصرية والمجافية للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية والذي من شأنه ان يدمر جميع الفرص والجهود الدولية من اجل اقرار السلم والامن في المنطقة العربية .. بل يدفع الى تأجيج الصراع العربي الأسرائيلي والعودة به الى نقطة الصفر من خلال سلسلة المواقف والاجراءات التي اتخذتها ادارة ترامب خلال السنتين المنصرمتين .. يضاف الى ذلك العمل على تأجيج مزيد من بؤر النزاعات والصراعات في دول المنطقة وفيما بينها .. ومواصلة سياسة الحروب المباشرة او الحروب بالوكالة والتي مارستها الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وكانت اداتها الطيعة خلال فترة الحرب الباردة واستمرت بعدها ولا زالت قائمة نهجا واسلوبا امريكيا في زعزعة امن واستقرار العديد من الدول خصوصا في منطقتنا العربية وبعض المناطق في امريكا اللاتينية..

أن استمرار هذه السياسات التي تعتمد على فلسفة القوة والتجاوز على حقوق الدول والشعوب في العيش بأمن وسلام لن يجلب الامن والاستقرار للعالم بل يبقيه في دوامة العنف وعدم الاستقرار وافتقاد الرفاهية والنمو وستدفع الولايات المتحدة ثمن هذه المواقف والسياسات من مستقبلها ومكانتها السياسية والمعنوية والاقتصادية على المدى القصير والطويل ...

على امريكا ان تنقذ نفسها والعالم من جراء هذه السياسات .. في اعادة النظر فيها والتراجع عنها والتزام قواعد القانون والشرعية الدولية واحترامها فيما يخدم مصالحها ويخدم الامن والسلم الدوليين وابعاد شبح الكارثة عن مستقبلها ومستقبل دول وشعوب العالم الأخرى ...!!!

بقلم/ د. عبدالرحيم جاموس

رئيس المجلس الاداري للاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

الرياض 27 / 4 / 2019م