ثمة ما يدعو للقلق دائما ً بل الى حالة من الغثيان من سلوكيات الرئيس تجاه مجمل القضايا المتعلقة بالازمات الفلسطينية المتتالية وخاصة ذات الصلة بالصراع مع الاحتلال وما يثار منذ اكثر من ثلاث اعوام على مايسمى صفقة القرن وسلوكيات الادارة الامريكية لتثبيت رؤيتها للمنطقة عبر عدة قرارات اتخذها الرئيس ترامب وهي تلك القرارات التي فرضت ارضية لما يسمى تسوية بعمقها الاقتصادي والامني والجغرافي والذي يهدد ايضا ً اصول وجذور المشكل التاريخي على الارض الفلسطينية والحقوق الوطنية والتاريخية وذات الصلة ايضا بالمقدسات الاسلامية والمسيحية ايضا وللاجئين .
كل تلك القضايا لم يندفع الرئيس ولو بحس او بنصف حس او بربع حس تجاه اعداد الجبهة الداخلية لمواجهة اصعب الظروف التي مرت وتمر على القضية الفلسطينية ، بل اكتفى الرئيس بمزيد من كلمة لا وفي السياسة والدبلوماسية والبرامج الوطنية ايضا ً لا يفهم ولا معنى لكلمة " لا " الا اذا كانت مقترنة ببرنامج وطني فعلي لصد كافة الهجمات التي تستهدف كل ما ذكرناه سابقا ً وحتى الثقافة الفلسطينية لم تسلم من محاولات تشويه مجرياتها واصولها واهدافها .
لو كان الرئيس يمتلك ربع ما ذكرنا من اعدادات وتوجهات وحراك على الارض سواء في جانب المؤسسات او جانب البنية الاهلية والشعبية وتعزيز وتقوية مؤسسات منظمة التحرير والنظر الجدي في تفعيل قرارات المركزي وانهاء الانقسام سواء في داخل حركة فتح او في داخل البناء الوطني الفلسطيني في غزة والضفة لقلنا ان الرئيس جاد فعلا ً في مواجهة ما يسمى صفقة القرن .
والمثير حقا ً هذه الايام ما نشر حول تقديم دعوة للانتربول بحق النائب والقائد الوطني محمد دحلان والتي تم رفضها للمرة الثانية باعتبار ان الخلاف خلاف داخلي وسياسي وصراع على البرامج ولا يمت لاي حالة من حالات اللائحة الداخلية للجنائية الدولية ، المثير هو فعلا ان يتفرغ الرئيس لمناكفة وملاحقة دحلان تاركا ً مجمل القضايا الرئيسية والهامة التي يتوقف عليها مستقبل الجيل الفلسطيني والتاريخ الفلسطيني ، كيف ينظر العالم والمؤسسات الرسمية والدولية والنظام العربي لمثل هذا السلوك من الرئيس عندما يكرس توجهات المؤسسات الفلسطينية بالانتماء للمنظمات الدولية لملاحقة رجل وطني يعمل بكل دأب ونشاط وتضحية ووقت من اجل صمود شعبه في غزة بالتحديد ولبنان والقدس ، خلايا تتحرك ليلا نهارا وطاقات شبابية تحرث الارض بالسانتمتر والمليمتر للبحث عن كافة الازمات التي سببها الحصار لغزة ، وهل ما يمكن ان يعطيه المجتمع الدولي من شيء لهذا الرئيس الذي يتفرغ بانانية ونرجسية عالية قافزا ً عن كل ما هو مهم واهم في الساحة الفلسطينية ؟ ، فعلا ً شيء يدعو للغثيان .. لم يكتفي الرئيس بتشتيت طاقات حركة فتح واقصاء كادرها واستهداف موظفيها ! ، لم يكتفي الرئيس وان كان يتشدق انه مع الاسرى والجرحى والشهداء بقطع رواتب العديد منهم ولاسرهم ! وفي النهاية يذهب للانتربول ليلاحق هذا الرجل الذي نسي ذاته من اجل ازمات شعبه ، فلم ينقص دحلان شيئا ً عندما يعيش كما هم يعيشون في مدينة روابي وفي الحانات وعلى شواطئ تل ابيب وغيره ! ماذا يجبر دحلان بكل هذا العناء غير حالته الوطنية وثقافته الوطنية وانتمائه لشعبه ولوطنه ، هم نسوا الوطن من اجل ان يصبح الوطن مربعا لشهواتهم ومشاريعهم وغيره والا كيف تفكر وكيف تفسر وفي هذا الوقت الحرج الذي يتحرك فيه المجتمع الدولي بقيادة امريكا وفورة في الاقليم وتحركات ومتغيرات حادة قد تحدث بين حين واخر في المنطقة من حروب بين ايران وامريكا ، واين الامن القومي العربي الذي يتحدث عباس انه جزء منه ؟ وماهي الاستعدادت الفلسطينية لمثل تلك الحروب ايضا ً ؟
امريكا تدعو لمؤتمر اقتصادي في البحرين على نهج تطبيق صفقة القرن ! ، اذا ما هي ردود الفعل غير كلمة "لا" على الواقع الذاتي الفلسطيني وعلى الواقع الاقليمي ؟
الجامعة العربية تلبي دعوة خادم الحرمين لعقد مؤتمر قمة عربي في نهاية الشهر وقمة خليجية للبحث في تطورات قد تحدث كما قلت في الخليج بل قد تعم المنطقة العربية .
ماهي مواقف عباس التي بشكل او باخر اضاء لها الضوء الاخضر لتشكيل حزب تطبيعي مع الاسرائيليين بقيادة الجعبري وماذا عن ردة فعل السلطة تجاه موائد الافطار الجماعي بين رجال اعمال فلسطينيين والمستوطنين وماذا عن اجتماعات اريحا ؟
اذا ً هل كلمة لا التي يطلقها عباس ومن حوله كافية لصد كل المخاطر التي تحدق بالقضية الفلسطينية ؟والتي تنبئ بماهية انهيار السلطة المستقبلي وعملية احلال معد لها مع الاحتلال مع قوى فلسطينية اخرى ؟ نعم يا سادة انها صفقة القرن وتطبيقاتها التي ستفصل الضفة او ما تبقى منها عن غزة وتبقى غزة تحت خيارات محدودة وممرات اجبارية حيث ياتلف كل الواقع عليها .
اذا هل فهمنا لماذا يستهدف محمود عباس هذا القائد الوطني محمد دحلان وفي هذه المرحلة الخطرة ؟ انها مؤشرات ومؤشرات ومؤشرات لقتل اي روح او اغتيالها سياسيا ووطنيا لحالة اليقظة وحالة دعم صمود شعبنا داخل غزة والضفة والشتات .
لو كان الرئيس فعلا يمتلك شيئا ما من .... لخجل على الاقل من تحرك كهذا على مستوى الانتربول ، بل كان سيوجه هذا الانتماء للانتربول في ملاحقة القتلة من قادة الاحتلال الذين مارسوا الحرق والقتل الجماعي والتصفية على الحواجز لابناء الشعب الفلسطيني وما مارسوه ايضا ً من قتل وتدمير لابراج بالكامل في غزة وقتل اسر بكاملها .
اذا هل تبقى شيء عند الرئيس ؟ وماذا يفعل ؟! ولصالح من ؟!
بقلم/ سميح خلف