الجيش الافتراضي يسقط صفقة القرن ووعد بلفور المشئوم

بقلم: عبد الرحمن القاسم

مؤتمر البحرين او المنامة او ورشة المنامة والمقررة الأسبوع القادم والتي ستحضرها دول كثيرة بتمثيل متفاوت ما بين رئيس الدولة او رئيس الوزراء او اي مندوب عن الدولة يعكس حجم اهتمام هذه او تلك الدولة او بشكل اوضح حجم الضغوط  والترغيب والترهيب الامريكي الاسرائيلي وهما اللاعبان الوحيدان اللذان لها اهداف ومدخلات ومخرجات الورشة او المؤتمر وباقي الدول موزع ما بين دول افهم قادتها ان لهم دور اقليمي وسيقتصر دوره الى التحول لصراف آلي يتحمل التكاليف وتبعات المخرجات ودول ضيوف شرف وحتى يقال ان المؤتمر او الورشة حضرها ستين او سبعين او اقل او اكثر.

ولن نغرق في تقصيلات اوراق المؤتمر ونسبة النجاح والفشل خاصة في ظل موقف الطرف الرئيس والمستهدف وهو الفلسطيني وحتى الداعين والمنظمين يدركون انه لن يكتب له النجاح ولن يستطيعوا فرض حلول قسرية متعلقة بالحقوق الوطنية كفلتها وضمنتها قرارات اممية استنادا على حقوق تاريخية للشعب الفلسطيني. ولكنه سيحدث حراكا وربما قبولا من بعض االدول ومزيدا من الضغوط على الشعب الفلسطيني لخفض سقف التوقعات والحلول المستقبلية ومزيدا من التطبيع بين دولة الاحتلال ونشوء علاقات مع النظام العربي الرسمي وهو شئنا ام ابينا نجاح نسبي لدولة الاحتلال وامريكا وقد يكون المخرج الوحيد للمؤتمر.

وبالطبع لن يكون المؤتمر التآمري او الخياني الأول  ولا الاخير فقبله عشرات المؤتمرات منذ ثلاثينيات القرن الماضي وما يسمى بالكتاب الابيض زمن الانتداب البريطاني ومؤتمرات دولية باريس شرم الشيخ وبأسماء عواصم ومدن دولية كثيرة فشلت في أوراق كثيرة ونجحت نسبيا في خفض سقف التوقعات والآمال الوطنية الفلسطينية ومحاولة الاستماتة في الدفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني بحدوده الدنيا باقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967 مع القبول بتبادل محدود للاراضي, وان القضية ليست سلام اقتصادي وبضعة مليارات من الدولارات موزعة على عناوين الاعمار ومشاريع اقتصادية صناعية وخلق فرص عمل ووعود بصرفها خلال عقود زمنية قادمة وقد لا تساوي الحبر الذي كتبت به لأنها ليست كصفقات السلاح بحجة البعبع الايراني 8 مليار دولار اسلحة ""كاش ماني" رغم وجود البارجات والقواعد الامريكية.

وفي نفس الوقت فان اختزال ما يجري او على الاقل كمية الضخ الاعلامي والتحليلات ورسم صورة وكان الورشة ستشكل منعطف تاريخي وزلزال يختلف عن التاريخ السابق ليس دقيقا لاننا في الواقع لا نعيش وضعا سويا واننا في حالة هجوم, بل نحن نعيش  في حالة دفاع والمناعة تتاكل تحت ضفط الوهن والتشتت والاصطفافات والانقسامات وان مخرجات الورشة فارقة ومصيرية فيها شيء من المبالغة, وبالتالي فان الجيوش التي امتشقت "هاشتاق" فلتسقط صفقة القرن واغلب الذين لديهم حسابات على مواقع التواصل فلسطينيين وعرب رفعوا شعارات.... مؤتمر البحرين خيانة..وانا ضد صفقة القرن.. بالتاكيد لن تجد مواطن سوي يؤيد صفقة القرن ولا كل أفراد الجيش الافتراضي مع الخيانة او صفقة القرن ولأننا ما زلنا نردد ومنذ أكثر من قرن فليسقط وعد بلفور ونصر على كلمة المشؤوم.

وان الادعاء ان مخرجات هذه الورشة والتي لن تكون الأخيرة وانه بعد 25 او 26 حزيران سيصار الى تنفيذ صفقة القرن او ما شابهها من عمليات لمحاولة فرض واقع جديد علي الارض هو تسطيح لحجم الكارثة واختزال لفعل وإجراءات حقيقية تجري على الأرض وبقاءنا في حالة تشخيص ووصف الواقع وحالة دفاع متاكلة وسقف مطالبات وحقوق يهبط امام تردي الأوضاع والوهن والانقسامات والضغوطات العربية قبل الأمريكية والإسرائيلية.

وليس سرا ان المقدمات واللوائح التنفيذية لصفقة القرن تترجم بخطوات عملية بشرعنة الاستيطان ونقل السفارة الأمريكية للقدس وضم الجولان واعلان القدس موحدة وان التطبيع دفع رئيس وزراء الاحتلال للقول اننا قد نتفاجيء بحجم العلاقات الإسرائيلية العربية, وحتى ان بعض الانظمة العربية باتت تتبجح بان شكل العلاقة وحجمها مع إسرائيل لتكون طرفا ضاغطا على إسرائيل ووسيطا قويا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

والمفارقة هنا ان ورشة البحرين وما يسرب او يقال عن صفقة القرن على سؤها وكارثيتها لها حسنة وحيدة انها كشفت وحدة الموقف الفلسطيني الرافض رغم الاختلاف السياسي وهو نقطة الضوء الوحيدة التي يجب البناء عليها والخروج برؤية فلسطينية صلبة لا تقف عند التشخيص والتوصيف والاعتماد على الجيوش الافتراضية صاحبة شعار تسقط صفقة القرن ويتوقف "بلفور" عن ضحكته الصفراء وهو يسمع يسقط وعد بلفور

 

عبد الرحمن القاسم