قرات في الأيام الماضية مقالات وآراء عديدة لأخوة وكتاب محترمين عرب وفلسطينيين.....
يلومون فيها موقف القيادة الفلسطينية من مؤتمر او ورشة البحرين المزمع عقدها في المنامة.. طبعا بالرعاية والتوجيه من الادارةالامريكية تحت عنوان تحقيق السلام والازدهار الاقتصادي وحسب الناطقين الامريكان ان الادارة الامريكية ستكشف من خلالها عن الجانب الإقتصادي من خطتها للسلام الفلسطيني الاسرائيلي المسماة (صفقة القرن)..
بعد سلسلة طويلة من الاجراءات والمواقف التي اتخذتها الادارة الأمريكية المتصهينة و المنحازة لوجهة النظر الاسرائيلية بدءا من اعتبارها القدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الامريكية اليها وتشجيع العديد من الدول والضغط عليها لتحذو حذو الولايات المتحدة في هذا الشأن... الى وقف كافة اشكال المساعدات المادية عن الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية والعمل الدؤوب من اجل الغاء وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين( انروا) الى اغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن .. الى اعتبار الاستيطان في الاراضي الفلسطينية عملا مشروعا بل اكثر من هذا اسقاط صفة الإحتلال عن الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية .... يضاف الى ذلك اسباغ الشرعية على اجراء الاحتلال بضم هضبة الجولان واسقاط صفة المحتلة عنها والاحتفاء اليوم بتدشين مستعمرة اسرائيلية في الجولان تحمل اسم( مستوطنة ترامب) الى غيرها من سلسلة المواقف التحريضية للعديد من الدول بوقف المساعدات عن الشعب الفلسطيني .... الخ.
فكيف يتوافق هدف ورشة المنامة في البحرين في بحث سبل السلام و الإزدهار الاقتصادي للشعب الفلسطيني بالرعاية الامريكية مع سلسلة هذة المواقف والإجراءات الامريكية العقابية في حق الشعب الفلسطيتي وسلطته الوطنية وممثله الشرعي والوحيد م.ت.ف والتي تمثل انحيازا فجا ومطلقا وصارخا لصالح الاحتلال والاستيطان الصهيوني ودعما لسياساته المتنكرة للمطالب والحقوق الوطنية الفلسطنية المشروعة ؟!
امام هذا المشهد السياسي والديبلوماسي المعقد و العدائي السافر والسافل من قبل الادارة الامريكية تجاه الشعب الفلسطيني وجوهر مطالبه الوطنية ... هل يعقل ان يخدع الفلسطينيون وقيادتهم بالتباكي المزيف على ازدهارهم الاقتصادي ويلبوا الدعوة للمشاركة في ورشة المنامة يومي ٢٥/٢٦حزيران الجاري تحت حجة وضرورة التخلي عن( سياسة المقعد الفارغ) وان المقعد الممتلىء والمشغول خيرا وافضل من المقعد الفارغ حيث تعبر عن وجهة نظرك ...،؟؟!
اعتقد ان الإخوة الذين انتقدوا الموقف الفلسطيني لم يكونوا مصيبين في انتقادهم هذا مع احترامي وتقديري لباعثهم الذي هو ليس محل شك فوجهة النظر الفلسطينية والعربية معروفة ومعلنة لمن يريد ان يحقق السلام في المنطقة....
في ظل كل تلك المقدمات التي اتخذتها الادارة الامريكية ومهدت اليها وتمهد لها ايضا المشهد السياسي العام بأكمله لخطتها للسلام ...(صفقة القرن) التي لا زالت تسوف في الكشف عنها ....!
إن المشاركة الفلسطينية في مثل هذه الورشة وعلى هذا الاساس الذي تقوم وتبنى عليه نتائجها ماهي الا ذر للرماد في العيون الفلسطينية والعربية والدولية ....... تأتي للتغطية على سلسلة الاجراءات والمواقف المتخذة من جانب الادارة الامريكية و المنحازة لصالح الكيان الصهيوني إنحيازا مطلقا .. وقبل ان يكشف عن خطته المزعومة للسلام ..!
لذا فإن المشاركة الفلسطينية ستعتبر غطاء للادارة الامريكية ولبقية الاطراف المشاركة في مثل هكذا ورشة دون ان تتراجع وتتوقف الادارة الامريكية عن تلك المواقف والاجراءات المسبقة والتي تمثل اغتيالا وتصفية للمطالب الوطنية الفلسطينية المشروعة في انهاء الاحتلال وكنس الاستيطان وممارسة حق العودة واقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس قبل ان تبدا المفاوضات....
إن المشاركة ستشكل غطاء فلسطينيا وتزكية مجانية للسياسة الامريكية المجافية للحقوق الوطنية الفلسطينية والمنحازة لصالح رؤى ومواقف المستعمرة الاسرائيلية....
والقول بان تذهب القيادة الفلسطينية وان تشارك في ورشة المنامة وان تقول كلمتها هناك خير من المقاطعة والرفض من الخارج ... فإنه ليس من الحكمة ان تنزلق القيادة الفلسطينية هذا المنزلق وتبرر للآخرين من الاشقاء والاصدقاء مشاركتهم فيها ....
لأن المستفيد الوحيد منها هو الكيان الصهيوني..... إضافة الى تبييض وجه الإدارة الامريكية امام العرب والعالم واظهار جهودها للسلام وكأنها محل رضا من طرف الجميع.... ومنحهما شهادة حسن نوايا وسلوك لايستحقانها...( بأنهما يبحثان عن اقامة السلام والازدهار الاقتصادي المزعوم) للشعب الفلسطيني وغيره...!
إن قرار المقاطعة من الجانب الفلسطيني هو قرار صائب كما ودعوة الاشقاء والاصدقاء ايضا للمقاطعة لهذة الورشة امر واجب لكشف زيف المواقف الاسرائيلية من جهة و كشف عدم حيادية المواقف الامريكية من جهة اخرى بل كشف إنحيازها وتعارضها وتحديها لمبادرة السلام العربية ولقرارات الشرعية الدولية ولمبادىء عملية السلام القائمة على مبدأ الارض مقابل السلام وتحقيق مبدا الدولتين هو الافضل والأصوب للشعب الفلسطيني وقضيته على المدى القصير والبعيد... ورفض( احلال مبدأ المال مقابل السلام ).. بدلا من (مبدأ الأرض مقابل السلام.)..!!
لان الصراع قائم على اعتبار أن القضية الفلسطينية قضية تحرر وطني وليست قضية فقر او تشغيل للشعب الفلسطيني وان كان هناك جوانب من هذا القبيل فهي ناتجة عن استمرار الاحتلال وعن غياب الحقوق الوطنية الفلسطينية والتنكر لها...
إن تزكية السياسة الامريكية بعد ان كشفت خطواتها... ماكشفته من موافف يعتبر خيانة وجريمة في حق الشعب الفلسطيني وقضيته وفي حق الامة العربية والاسلامية وفي حق القانون الدولي والشرعية الدولية وفي حق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة العربية...
بقلم/ د. عبدالرحيم جاموس
رئيس المجلس الإداري للإتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
الرياض ١٨ حزيران ٢٠١٩م