ورشة البحرين الإقتصادية ولدت ميتة

بقلم: ماهر تيسير الطباع

لا تعتبر ورشة البحرين الإقتصادية الأولى التي يتم الحديث عنها ، حيث كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن المبادرات الاقتصادية الخاصة بالاقتصاد الفلسطيني , فتارة تسمى مبادرة و تارة يطلق عليها السلام الاقتصادي وكلها تأتي في سياق إنعاش الاقتصاد الفلسطيني و تطويره و تنميته لكن للأسف الشديد لم يتحقق أي نتائج مرجوة من تلك المبادرات ، وبالرغم من تلقي السلطة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها مساعدات تتجاوز 36 مليار دولار ، إلا أن الاقتصاد الفلسطيني ما زال يعاني من ضعف في كافة الأنشطة الاقتصادية و ارتفاع في غير مسبوق في معدلات البطالة و الفقر و انخفاض في الناتج المحلى الإجمالي و انخفاض في مستوى الدخل و ارتفاع في مستوى المعيشة.

ومن أبرز المبادرات التي تم طرحها خلال السنوات السابقة وبالتحديد خلال عام 2013 خطة كيري الاقتصادية و التي تشتمل على مساعدات بقيمة 4 مليار دولار تقدم خلال ثلاث سنوات ، لكنها فشلت فشلا ذريعا لأنها كانت بعيدة كل البعد عن الواقع الفلسطيني ، كما تجاهلت جوهرة القضية الفلسطينية وهو الحل السياسي ، وبقيت حبرا على ورق ، وأي مبادرات أو خطط إقتصادية تطرح في الوقت و الوضع الراهن سوف تبقى حبر على ورق أيضا ، وذلك دون الوصول إلى حل سياسي جذري للقضية الفلسطينية يمهد لإستقرار سياسي وإقتصادي في المنطقة لعدة سنوات قادمة , و يهيئ الفرصة لإجتذاب الإستثمارات المحلية و العربية و الأجنبية من خلال مشاريع اقتصادية ذات تنمية حقيقية و مستدامة تساهم في رفع حقيقي لمعدلات نمو الاقتصاد الفلسطيني وخفض معدلات البطالة والفقر المرتفعة وتحسين الأوضاع المعيشية في فلسطين.

إن دعوة أمريكا لعقد ورشة إقتصادية خاصة بدعم الفلسطينيين بالبحرين والمنوي إنعقادها خلال يومي 25-26 من شهر حزيران/ يونيو  الجاري، تتناقض مع السياسة الأمريكية إتجاه السلطة الوطنية الفلسطينية والمتمثلة في قطع المساعدات عن الحكومة والشعب الفلسطيني وإغلاق العديد من المؤسسات الأمريكية العاملة في فلسطين.

إن هذه الورشة كتب لها الفشل الذريع قبل إنطلاقها و ولدت ميتة ، حيث أنه تم الإعلان والدعوة لها دون التنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني ، كما لاقت ورشة المنامة الاقتصادية رفضا رسميا من القيادة الفلسطينية، والفصائل الوطنية والإسلامية والقطاع الخاص الفلسطيني المحرك الرئيسي لعجلة الإقتصاد ، بالإضافة إلى رفض شعبي جامع، حيث أن ورشة البحرين الإقتصادية تمهد الطريق لتطبيق صفقة القرن والتي تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات كبرى لإسرائيل ، والقفز عن الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة دوليا وتصفية القضية الفلسطينية.

وهنا يبقى التسائل الأهم من سوف ينفذ المشاريع التي سوف يتم اقراراها في ورشة البحرين الإقتصادية ، إن تم إقرار تلك المشاريع ؟ ... في ظل رفض الكل الفلسطيني لتلك الورشة !!!

ومن وجهة نظري بأنه قد حان الوقت لإنهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على مواجهة تحديات المرحلة الحالية السياسية و الاقتصادية ، ومواجه كافة الخطط والمؤامرات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية ، و يجب الإعلان عن سلسلة من الفعاليات خلال الأيام القادمة يشارك بها كافة أطياف المجتمع الفلسطيني رفضا لورشة البحرين الإقتصادية ولكل السياسات الأمريكية المنحازه لإسرائيل والتي تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

بقلم/ د.ماهر تيسير الطباع