الحالة التي تعيشها غزة هذه الفترة لم يسبق أن كانت بهذا الشكل، من خلال الحصار الجوي والبري والبحري، وإسرائيل تصول وتجول على حدود غزة وبحذر، لم يسبق أن كان هذا الوضع سابقاً، وجميع خطوات هذا الكيان محسوبة وبدقة متناهية.
نعت القسام احد مجاهديها الذي اغتالته إسرائيل في غزة، وكان الإعلان الإسرائيلي بأنه حصل بالخطأ وتعتذر، والمقاومة توعدت بالرد على هذا الفعل، هذا أمر يعتبر بالطبيعي والعادي، ولا يحدث مثل هذا إلا في حالة تواجد قوى متكافئة.
عندما يعتذر نتنياهو للمقاومة عن هذا العمل تكون المقاومة في وضع قوي، والتهديد الذي جاء من المقاومة كان له صدى كبير وواسع عند هذا العدو، وعلى الفور طلب من الوفد المصري التحرك إلى غزة لتهدئة الوضع، وشرح ما حصل واستيعاب الموقف، خوفاً من أن يتطور إلى الأسوأ في هذه المنطقة التي تشهد اضطراباً منذ سنوات.
إسرائيل تدرك تماماً قوة المقاومة ومدى قدرتها الصاروخية التي تطال جميع التجمعات الإسرائيلية والمناطق الحيوية في الداخل، وكما أعلنت المقاومة بأن أي اعتداء على غزة سيكون الرد من حيث انتهى العدوان عليها في القصف الأخير، وهو من تل أبيب ابتداءً، وليس من غلاف غزة وما بعدها.
هذه الرسالة التي أرسلتها المقاومة كان لها رد فعل عند العدو الإسرائيلي، وفهم معناها وأبعادها وقام بالتصرف مع المقاومة على أساس أنها دولة، وقدم اعتذاراً عن استشهاد احد عناصر المقاومة على حدود غزة بطريق الخطأ.
المقاومة في هذه الفترة هي المسيطر على الوضع العسكري، وإسرائيل في حالة رعب من أي خطأ يمكن أن يحدث سواء كان متعمداً أم غير متعمد، والحادثة الأخيرة دليلاً على ذلك، فموازين القوى اختلفت تماماً وأصبح لا فائدة من الاغتيالات، لأن أي اغتيال لأي شخصية كانت سيكون له رد فعل غير متوقع من الجهة المعتدى عليها، والحادثة الأخيرة في غزة هي دليل على أن إسرائيل لا تريد أن تلعب بالنار مع حماس، لإدراكها بأن هناك مقاومة قادرة على الوصول إلى أي هدف داخل هذا الكيان، وهذا الأمر الذي تخشاه إسرائيل في حال انهارت الهدنة بين حماس وإسرائيل.
هذا الوضع سيعقد الأمر كثيراً في غزة أكثر من التعقيد الموجود، وتحديداً خلال الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على غزة، وما رافقه من تدخل الوفد المصري للتهدئة الفورية خوفاً من أن يتفاقم الأمر وتنتقل المعادلة إلى حرب شاملة ومفتوحة، وهذا ما يحاول نتنياهو تجنبه كي لا يخوض حرباً خاسرة مع مقاومة مسلحة قادرة على الوصول إلى أي هدف تريد سواء كان من خلال صواريخ دقيقة أو أسلحة لن تعلن عنها المقاومة إلا في حينه.
بقلم/ محمد الكيلاني