التطرف والعنصرية داخل المجتمع الإسرائيلي

بقلم: سري القدوة

علي قاعدة الموت للعرب ولا لدولة فلسطينية تتسارع الاحزاب الاسرائيلية المتطرفة داخل المجتمع الاسرائيلي لخوض سباق الانتخابات الاسرائيلية المعادة، بعد فشل نيتناهو تشكيل الحكومة، حيث تبنت الاحزاب الاسرائيلية المتطرفة مواقف اكثر تشددا وأكثر عداء للعرب والمجتمع الفلسطيني، لتعكس مفهوم العداء وتضع المخططات وتعمل هذه الاحزاب ضمن مفهوم من يقدم فاتورة حساب علي قاعدة التطرف وممارسة الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني، والدعوة المعلنة للسيطرة علي الضفة الغربية، وتطبيق السيادة الاسرائيلية الكاملة عليها، في ضربه موجعة لمفهوم السلام، وهذا ما يعكسه التطرف وممارسة العنصرية المطلقة داخل المجتمع الاسرائيلي، وما يؤكد بان الرأي العام لديهم لا يرغب ولا يدعم عملية السلام بل يعكس السيطرة والنفوذ والقوة وفرض الهيمنة المطلقة.
لقد اعلن أحد قادة ائتلاف حزب أزرق - أبيض، موشيه يعلون في معرض حديثه حول استعراض خطه حزبه الانتخابية بان حزبه سيعمل على تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وخاصةً المستوطنات، موضحا بأن حزبه لا ينوي الترشح للانتخابات في قائمة واحدة مع حزب أيهود باراك بسبب اختلافات في الرأي حول الصراع مع الفلسطينيين، ومذكرا بمواقف باراك المماثلة لرؤية رئيس الوزراء الأسبق اسحاق رابين حول إقامة كيان للفلسطينيين أقل من دولة وبدون حدود 1967.
ان الاغلبية من الإسرائيليين يدعمون هذا التطرف وكل قياسات الرأي العام بداخل المجتمع الاسرائيلي تؤكد انهم مع الاحتلال ويدعمون القمع والتنكيل والإرهاب ويرفضون السلام، هذه الحقائق التي من الممكن للمتتبع لنتائج سباق الانتخابات الاسرائيلية ان يقرأها حيث ما الت اليه سياسات نتنياهو والحكومات السابقة باتت تعكس عقلية القمع التي بنيت على العداء التاريخي في المجتمع الاسرائيلي تجاه العرب والشعب الفلسطيني بشكل عام، وان المجتمع الاسرائيلي تأثر بشكل كبير من دعم الحكومة الامريكية برئاسة ترامب لسياسة الاحتلال وما ينتج من اعلانهم عن صفقة القرن كتجارة اصبحت رائجة في السوق السياسي الامريكي، حيث يتعامل ترامب مع القضية الفلسطينية كقضية تجارية بحته مستبعدا الشعب الفلسطيني صاحب الحق التاريخي وصاحب الارض الاصلي من أي حلول مستقبلية.
ان الاعلام الاسرائيلي يعمل بشكل ممنهج ومدروس علي ابراز صورة الاحتلال الاسرائيلي وتغير نمطها الاعلامي ليخدم الاستراتجية الاحتلالية الاسرائيلية، ويعمل من خلال ماكينته الاعلامية على تقديم الصورة المعكوسة والمخادعة للعالم، بأن (اسرائيل) هي الضحية والشعب الفلسطيني هو المجرم، كل ذلك يتناغم مع مسلسل وسيناريو اسقاط السلطة الفلسطينية والسعي والعمل علي ضم الضفة الغربية، وفرض شخصيات عائلية بديلة عن الشرعية الفلسطينية التي اكتسبت بالتضحيات الجسام عبر مرحلة طويلة من النضال وبمحصلة الانتصارات التي صنعتها الثورة الفلسطينية من خلال الشهداء والجرحى والمعتقلين، في محاولة فاشلة لإحباط المشروع السياسي الفلسطيني وإسقاط منظمة التحرير الفلسطينية.
ان الشعب الفلسطيني متمسك بالوحدة الوطنية والدولة الفلسطينية وبمشروع السلام المبني علي الحقوق الفلسطينية والشرعية الدولية، كخيار استراتيجي ثابت في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ومحاربة عنجهية الاحتلال وتعرية جيشه والكشف عن جرائم اسرائيل وحكومتها امام العالم اجمع، وان الرد الفلسطيني امام هذا التطرف لا بد ان يكون بمزيد من الالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية والتمسك في بناء اكبر جبهة مقاومة وطنية ثابتة تعتمد اساسا علي المشروع الوطني الفلسطيني ورفضا لكل اشكال الهدنة المجانية مع الاحتلال والتصدي وإفشال مؤامرة ادارة قطاع غزة المزعومة وفصل الضفة عن القطاع، حيث يسعى ويعمل نتنياهو وفريقه بالعمل ضد الشعب الفلسطيني داعما سيطرة حركة حماس علي قطاع غزة، حيث اكد خلال حملته الانتخابية بان فصل غزة عن الضفة الغربية هو مصلحة اسرائيلية.
إن استمرار قادة الاحتلال بممارسة الارهاب الفكري والتطرف والإدلاء بمثل هذه التصريحات الاستعراضية لن يؤدي سوى إلى مزيد من التوتر والاحتقان لدى الشعب الفلسطيني والأمة العربية، وأن كل من يعتقد أن هذه المؤامرات ومثل هذه المواقف والتعنت الفكري وصفقة القرن، ممكن ان تنال من شعب فلسطين وصموده فهو خاطئ ويكون واهنا، لأن الشعب الفلسطيني سيبقي صامدا علي ارضه ومتصديا لكل مؤامرات التصفية والإبادة التي تستهدف النيل من حقوقه التاريخيه وفي مقدمتها حقه في اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
ان نتائج التطرف بداخل المجتمع الاسرائيلي وهذه العنجهية والغطرسة، تدفعنا الى ضرورة توحيد الصفوف والعمل على بناء المؤسسات الفلسطينية القادرة علي حماية الشعب الفلسطيني وأهدافه الوطنية المتكاملة، حيث اننا امام مواجهة مفتوحة مع الاحتلال الاسرائيلي، وهذه العقلية التي تدعم التطرف والسيطرة وتتمنى الموت والهلاك للشعب الفلسطيني، من اجل استمرار دولتهم فهم يتمنون الموت لكل ما هو فلسطيني وعربي، ويسعون الى السيطرة الى الارض الفلسطينية بشكل مطلق، رافضين الانصياع الي الشرعية الدولية والالتزام بالسلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط، على أساس حل الدولتين وفقا للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية.

 

بقلم : سري القدوة

سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]