ان جريمة قتل وإعدام الشهيد الأسير نصار طقاطقة (31 عاما) من بلدة بيت فجار في محافظة بيت لحم، في العزل الانفرادي بمعتقل «نيتسان» الإسرائيلي في الرملة، هي من الجرائم الارهابية المنافية لكل القوانين الدولية ولحقوق الانسان وتأتي في سياق العدوان علي الاسرى الفلسطينيين واستكمالا للجرائم البشعة التي ترتكبها سلطات الاحتلال العسكري بحق الشعب الفلسطيني.
الأسير نصار طقاطقة اُعتقل في 19 حزيران/ يونيو الماضي 2019، وما يزال موقوفاً وقيد التحقيق، وكانت قوات الاحتلال أعادت طقاطقة مكبل الأيدي إلى منزل ذويه قبل نحو أسبوعين، لتفتيشه، وأوسعته ضربا، قبل أن تعيده إلى السجن مرة أخرى، بعد ان داهموا منزل ذويه، ونقلته إلى سجن «الجلمة» للتحقيق، وبعدها تم نقله إلى العزل الانفرادي في «نيتسان»، واستشهد هناك، والاسير طقاطقة لا يعاني من أية مشاكل صحية، وهذا الاعتقال الأول له، وتأتي جريمة اعدامه بشكل منظم من قبل ضباط التحقيق التابعين لجهاز الشاباك الاسرائيلي.
إن دولة الاحتلال اتبعت سياسة التعذيب النفسي والجسدي والاعدامات، وأساليب التعذيب الجسدى التى تمارسه سلطات الاحتلال الاسرائيلى بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين منذ لحظة الاعتقال مروراً بأقبية التحقيق للحصول على الاعترافات بالقوة، وحتى خلال الاعتقال في السجون أثناء الاعتداءات المستمرة على الأسرى، مثل الضرب المبرح بالبساطير ذات الرؤوس المعدنية، وتغطية الوجه والرأس، والشبح بأنواعه وأشكاله المختلفة، وأساليب الهز العنيف، والتقييد من الخلف على كرسى قصير، والحرمان من قضاء الحاجة، والحرمان من النوم، واستخدام الجروح لزيادة التعذيب، وتجاهل حالة الأسرى الصحية وممارسة سياسة الاستهتار الطبي وخاصة مع ذوي الأمراض المزمنة، ولمن يحتاجون لعمليات جراحية، الأمر المخالف للمبادىء الأساسية لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1979 و 1990م على التوالي والتي أكدت على حماية صحة السجناء والرعاية الطبية للأشخاص المحتجزين، والتي اعتبرت أن أي مخالفة في هذا الجانب يرقى إلى درجة المعاملة الغير انسانية، ويجب تقديم مرتكبيها الي المحاكمات الدولية.
أن استمرار الصمت والسكوت على جرائم الاحتلال الاسرائيلي وخاصة ما يعرف الان بعمليات الاعدام المنظمة التي تمارسها عناصر المخابرات الاسرائيلية خارج نطاق القانون، والتي كان اخرها جريمة اعدام الاسير طقاطقة، ستضاف الى السجل الاسود لمخابرات الاحتلال العسكري وتلك القائمة من شهداء الحركة الوطنية الأسيرة، الذين تم اعدامهم بشكل مباشر وبدم بارد في زنازين الاحتلال، ويضاف الي ذلك جرائم الاحتلال التي تمارس بحق الاسرى المرضى، وعدم تقديم العلاج المناسب لهم وتركهم يواجهون الموت البطيء والاستهتار الطبى فى السجون، وان كل هذه الجرائم تمر دون رقابة من احد او مؤسسات حقوقية او دولية، وبات من الضروري العمل علي المستوى الدولي والمطالبة وطالب بأهمية زيارة الأسرى والإطلاع على مجريات حياتهم وحصر المرضى منهم والسماح للطواقم الطبية لإجراء عمليات جراحية عاجلة لمن هم بحاجة لذلك، ولعل هنا تكمن اهمية تشكيل لجنة تحقيق دولية من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية ودعوة محققين وأطباء دوليين للإشراف علي تشريح جثمان الشهيد طقاقطة للتعرف على أسباب وفاته وللوقوف علي الاساليب المستخدمة بحق المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال، واهمية تدخل منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الدولية والحقوقية لإنقاذ حياة الفلسطينيين المرضى في السجون الإسرائيلية ممن يعانون من أمراض مختلفة ومنهم العشرات ممن يعانى من أمراض مزمنة كالغضروف والقلب والسرطان والفشل الكلوي والربو وأمراض أخرى، وأن هنالك خطورة على الأسرى المرضى بمستشفى سجن مراج بالرملة، كونهم بحالة صحية متردية وهنالك خطر حقيقى على حياتهم نتيجة الاستهتار الطبى وعدم توفير الرعاية والعناية الصحية والأدوية اللازمة والفحوصات الطبية الدورية للأسرى، الأمر الذى يخلف المزيد من الضحايا في حال استمرار الاحتلال في سياسته دون ضغوطات دولية جدية من أجل انقاذ حياة المرضى منهم قبل فوات الأوان.
ان انتهاك القانون الدولي يجب ان يمر دون صمت من قبل مؤسسات الدولية وخاصة الصليب الاحمر الدولي، فالمطلوب الان الاسراع في فتح تحقيقات بقضايا المخالفات القانونية بحق الأسرى، وفرض القانون الدولي على الاحتلال، ووقف الاعدام المنظم خارج القانون، والعمل على تشكيل لجنة تحقيق دولية بإشراف الصليب الأحمر الدولي للوقوف على ملابسات وتفاصيل هذه الجريمة العنصرية، وتوفير الحماية القانونية والسياسية للأسرى جميعاً.
ان سلطات الاحتلال تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم العنصرية بحق الفلسطينيين كالتعذيب الجسدي، والنفسي، والاهمال الطبي للأسرى، والتي تتوج بممارسة حكم الاعدام بدون قوانين وبشكل مباشر وتتساوق مع غيرها من الانتهاكات والإجراءات التنكيلية المرتكبة بحق الاسرى، وبالمقابل فان اللامبالاة التي يبديها المجتمع الدولي ومنظماته ومجالسه المختصة اتجاه انتهاكات وجرائم الاحتلال، تشجع سلطات الاحتلال على التمادي في ارتكاب مثل هذه الفظائع، وإن استشهاد طقاطقة في أقبية التحقيق يستدعي تحركاً عاجلاً من الجنائية الدولية، وفتح تحقيق رسمي في جرائم الاحتلال وملاحقة ومحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
بقلم/ سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية