اللبناني والفلسطيني حكاية بقاء ..

بقلم: مازن صافي

كتب التاريخ ان فورة الدم اللبناني-الفلسطيني التي خرجت من عمق الدمار

والركام والمجازر والمحن من خلال شلال الدم ومواكب الشهداء ومن كبد

الايمان وروعة الجهاد، اكدت مجد الصمود وارادة التصدي ومعجزة العطاء.

 

ان الانسان الفلسطيني يدافع عن كرامة الأمة العربية، وهذا الفلسطيني الذي

وجد منذ آلاف السنوات فوق هذه الأرض ليبقى فيها لا ليرحل عنها او يشرد او

يطهر عرقيا وتمارس ضده كل مؤامرات الأرض ليعش النكبات والويلات، هذا

الفلسطيني الانسان لا يكره الآخرين وموروثه الثقافي أكبر من هؤلاء

الطارئين المحتلين،  هذا المحتل العنصري الذي ارتكب جرائم حرب ومجازر ضد

أهلنا في المدن والقرى، لازال يطاردهم ويحرض عليهم، فأهلنا الذين هاجروا

الى لبنان كانوا في معظمهم من أبناء مدن وقرى فلسطين، وقد تجمع أبناء عكا

ويافا وحيفا وصفد والحولة والويب والكابري وسعسع وصفورية في مخيمات لبنان

التي امتدت من جنوبه حتى شماله، وكبقية أبناء شعبنا الذين تم تهجيرهم

قسراً ووعدوا بالعودة خلال أيام أو اسابيع الى بيوتهم وارضيهم وكان هذا

الوعد "من الحكومات العربية آنذاك"، ولازالوا ينتظرون، والان هم في طريق

الخلاص من نار الغربة وصعوبة الاندماج ورفض التوطين والتهجير لأبعد من

حدود فلسطين، هؤلاء جزء أصيل من القضية العربية الفلسطينية المركزية،

وقدرهم أن يدفعوا ثمن التشرذم العربي.

 

إن أجداد أبناء اليوم في المخيمات الفلسطينية بالشتات عامة وبلبنان خاصة،

كانت لديهم الشجاعة أن يعيشوا في ظل ظروف مأساوية، ليقينهم أنها "فترة

قصيرة"، وسيحظون بالعودة للزيتون الفلسطيني والبيت الواسع الجميل والحياة

الآمنة، لكنهم صبروا طويلا وانجبوا الابناء الذي أصبحوا آباء وأجداد، ولم

يتوقفوا عن النظر الى عقارب ساعة العودة ويقينهم التام أن لبنان ليست

النهاية ولكنها القدر الذي أجبروا عليه، وبقية الحكاية معروفة.

 

ان شعبنا الفلسطيني يعاني داخل الأرض المحتلة وخارجها، شعب يراد شطبه من

التاريخ والذاكرة من خلال مؤامرة "صفقة القرن المشؤومة" وتلك القرارات

الاحتلالية العنصرية الظالمة، التي تتمثل في شتى أصناف الظلم والقهر

والاضطهاد والاستعباد ومصادرة الحقوق والقتل والتعذيب والزج في السجون،

ولكن هذا الشعب الفلسطيني أكثر صلابة مما يتصوّرون، لأنه يراهن على كل

التاريخ القريب والبعيد، فالاحتلال الى زوال ولن يضيع حق وخلفه مطالب،

ويتعالى على جراحه وبل سباق البعض لعناق المحتلين في مشاهد مخزية وغير

مسبوقة.

 

وسيكتب التاريخ أن شعبنا الذي وقع تحت كل تلك الضغوطات والتحديات ويرفض

الابتزاز والاشتراطات والتنازل عن حقوقه، جدير بالحياة الكريمة

والاستقرار والدولة والعاصمة وحق العودة وانتهاء مأساة ونكبات من تم

ممارسة كل أنواع الجريمة ضدهم، وتم اخراجهم من ارضهم بالقوة، وللحكاية

بقية طالما بقي الاحتلال وبقيت معالم الهجرة وتداعياتها واللاجئ الذي

ينتظر العودة الى وطنه.

 

 بقلم د.مازن صافي