يبدو لي ان القانون بقرار رقم 16ورقم 17 بتاريخ 18/7/2019م لاصلاح القضاء واعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى و اللذين قد صدرا مؤخرا عن الرئيس ابو مازن في فلسطين ونشرا في الجريدة الرسمية .. انهما قد لا يحققان الاصلاح المنشود .... بقدر ..... ما يمثله الأول من قانون للقضاء على ما تبقى من سلطة القضاء واستقلاله وخبراته ..!
إنه يمثل تجاوزا فاضحا للقانون الاساسي للسلطة الوطنية اي الدستور ......
ان القانون بقرار والصادر مؤخرا والمعلل بإصلاح القضاء هو بحد ذاته قانون غير دستوري ....
وعلى القضاة ان يتوجهوا فورا للمحكمة الدستورية وطلب ابطاله لعدم دستوريته ولما يمثله من تغول على السلطات (التشريعية الغائبة وعلى السلطة القضائية)...... واعتباره منعدما ....
قرار بقانون لا يمكن ان يرتقي بأي حال من الاحوال الى مصاف القواعد الدستورية حيث يتناول اجراء تعديل للنظام الاساسي الذي ينظم السلطة القضائية اي قواعد الدستور .. ...
وإنما يجب على القرار بقانون ان يحترم ويحتكم لقواعد الدستور .... وان لا يكون مخالفا لها او متعارضا معها .....
الاصلاح لا يعني تعديل النظام الاساسي وإنما يعني تأكيد الالتزام به وتنفيذه نصا وروحا ...
انني ادعو جمهور القضاة للتقدم الفوري بشكوى للمحكمة الدستورية للنظر في عدم دستوريته ومشروعيته لانقاذ القضاء الفلسطيني من هذا التغول غير المحمود العواقب للسلطة التنفيذية ...
كما ان القرار بقانون القاضي بإعادة تشكيل مجلس القضاء الاعلى وبشكل مؤقت هو ايضا قانون اجرائي باطل نصا وروحا وموضوعا ومخالفا للنظام الأساسي وتعديلاته الباطلة ...
ان الغلو والشطط في استخدام السلطة من قبل فريق السلطة التنفيذية والمكون من مستشاري الرئيس واللذين ظهرا في هذين القرارين ...... قد اجهزا على مبدا الفصل بين السلط الثلاث ... التنفيذية والتشريعة والقضائية .. والذي ينص عليه النظام الاساسي للسلطة الفلسطينية ويتوجب احترامه والإلتزام به ......
واذا عرف السبب الكامن وراء استصدار هذين القانونين بقرار قد يبطل العجب ....
ان رغبة الانتقام من القضاء الفلسطيني الذي مارس دوره القضائي وبمهنية عالية واستقلالية وشفافية كانت واضحة في العديد من القضايا العامة وكانت محل اعجاب الجميع ومنها الكثير في حق رجالات السلطة التنفيذية .... مثل عزل المستشار علي مهنا سابقا من رئاسة مجلس القضاء الأعلى لعدم التنسيب .... وكذلك عزل رئيس دائرة الافتاء والتشريع للسبب ذاته .... وكذلك عزل المدعي العام السابق لنفس السبب او لاسباب اخرى والذي يشغل اليوم منصب رئيس هيئة محكمة الفساد ...الخ....!!!
ان ستار الاصلاح الذي رفع لتبرير هذين القرارين بقانون لن يغطي المجزرة القضائية التي احدثها هذا القرار بقانون ... للسلطة القضائية واستقلالها ولخبراتها ... والذي يقف خلفهما المستشار القانوني للرئيس وكأنه ينتقم لعزله من رئاسة مجلس القضاء الأعلى سابقا ...
كما وتعيين رئيسا لمجلس القضاء الاعلى الاستاذ عيسى ابو شرار وسنه يتجاوز ثمانية عقود قد جاء بحد ذاته....
خرقا فاضحا للقانون الاساسي وللقانون المعدل للسلطة القضائية والتي تعتبر سن التقاعد للقضاة هو سن الستين ...!!!
يبدو ان (البفهموا قد ماتوا) ... ولم يبقى سوى العصابيون يتحكمون في كافة المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية في سلطتنا الفلسطينية العتيدة ويعملون على تكييفها وفق اهوائم ومصالحهم ونزواتهم الشخصية بل واستخدامها لتصفية الحسابات الشخصية (انها الكارثة الصادمة) ... مستغلين غياب السلطة التشريعية وتركز السلطة التنفيذية والتشريعية بيد السيد الرئيس .. حفظه الله
سيدي الرئيس ان فريق الجهلة والمنتفعين من حولك ممن يعتقدون انهم مستشاريك القانونيين وغيرهم ممن لفظهم شعبهم وحركتهم لن يشيروا عليك الا بما يقضي على كل امل باصلاح النظام السياسي ومؤسساته المختلفة .. .. لقد غلبوا الهوى على المصلحة العامة فهم عبء عليك وعلى شعبنا ...
اذا اردت الاصلاح ولا نشك في ذلك ... ابدأ بهم واخرجهم من دائرة القرار والمشورة فهم ليسوا اهلا لها وانظر خارج حدود المقاطعة فالكفاءات الفلسطينبة المخلصة كثيرة والتي تمتلك امكانية الانقاذ للنظام السياسي برمته واعادة البناء ...
اقول هذا وقلبي ينزف دما على ما آل اليه حال سلطتنا وقضيتنا ..
سيدي الرئيس سدد الله خطاكم لما فيه خير العباد والبلاد والقضاء على الفساد .. اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ...
بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس
رئيس المجلس الاداري للاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
E-mail: pcommety @ hotmail.com
الرياض 24 /7 / 2019م