تعتبر قضية التسلل قديمة حديثة اختلفت دوافعها وأسبابها من حالة لأخرى إلّا أنها في الآونة الأخيرة باتت تحمل مخاطر كبيرة تستهدف المجتمع الفلسطيني وبشكل خاص في قطاع غزة لما يحمله من خصوصية باعتباره الصخرة التي تعيق المشروع الصهيوني من خلال احتضانها لمشروع المقاومة.
برزت قضية تسلل الشباب الغزّي لداخل حدود المناطق المحتلة الواقعة تحت سيطرة قوات الاحتلال وأجهزته الأمنية المعادية لشعبنا الفلسطيني وللمقاومة بغزة، مما يجعل هناك تساؤلات عن دوافع وأسباب التسلل، البعض يبرر ذلك خطأً بالحالة الاقتصادية فقط واصطدام الشباب بواقع البطالة والحصار، هذا لا يعد مبرراً للتسلل عبر الحدود نحو مصيدة الاحتلال ومخابراته.
التسلل هو سير نحو مستنقع العمالة وإن كانت المبررات مغلفة بدافع الفقر والبطالة إلّا أن إغفال المخاطر الأمنية لهذه الظاهرة يعد سذاجة وبُعد عن واقع صراع العقول مع الاحتلال في محاولاته تجنيد عملاء جدد.
قضية التسلل نحو العدو تحمل في طياتها شبهات أمنية تلاحق المتسللين لأن الاحتلال يعتبر المتسللين صيد سهل للاسقاط في وحل العمالة من خلال استغلال حاجتهم وأطماعهم بتحقيق مكاسب مالية سريعة متجاهلين الثمن المر لذلك.
الاحتلال يروج من خلال عملائه أن الدخول نحو الأراضي المحتلة سهل وأن هنالك مكاسب مالية وأعمال تنتظر المتسللين في محاولة لدفع وتوجيه المستهدفين بالإسقاط نحو التسلل ليدخلوا في نطاق التجنيد المباشر لخدمة الاحتلال.
تستخدم المخابرات الصهيونية المتسللين وتعتبرهم كنز معلومات من خلال استجوابهم و استخلاص المعلومات الأمنية منهم، فإن لم يسقط المتسلل كعميل مباشر يتم تجنيده، فإن فرصة أن يكون عميلاً غير مباشراً كبيرة وذلك من خلال انتزاع المعلومات حول المقاومة ومقدراتها.
إن من يسعي لأن يسلك طريق التسلل للاحتلال يلطخ نفسه بعارٍ يصعب أن يخرج من وحله .
لا ينبغي لوطني شريف أن ينساق لطريق التسلل نحو حدود الأراضي المحتلة لما يحمل هذا السلوك من شبهات ستلاحقه، المقاومة الفلسطينية نجحت بدماء شهدائها أن تكون درعاً للوطن في وجه الاحتلال الصهيوني و أبدعت في كشف غالبية عملاء الاحتلال مما شكل ضربات موجه للمخابرات الصهيونية ومن هنا فإن المتسللين هم كنز أمني لمخابرات الاحتلال، فلا تكن متطوعاً لخدمة الاحتلال.
ينبغي توعية الجماهير بخطورة التسلل من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والإعلام الجديد لكشف خطورة قضية التسلل التي تهدد المجتمع بآثارها وارتداداتها على شعبنا أمنيا واجتماعياً.
ولابد من الإشارة هنا أن المقاومة الفلسطينية أدركت مخاطر التسلل فأنشئت ما يُعرف بقوات “الضبط الميداني” التي شكلت درعاً في مواجهة عمليات التسلل المشبوهة أمنياً، وعلى نطاقٍ متوازٍ نجحت حملة التوعية الأمنية الوطنية #خليك_صاحي التي تناولت عدة مواضيع أمنية لتحصين مجتمعنا من مخاطر الغزو الأمني الصهيوني ومحاولات الاستهداف للمجتمع الفلسطيني.
بقلم/ محمد مصطفي شاهين