إن منظمة التحرير الفلسطينية هي بيت الفلسطينيين وهي الاطار السياسي للشعب الفلسطيني والتي كانت هي الدولة وليست حزبا بالدولة، وهي معترف بها معترف بها في الأمم المتحدة والجامعة العربية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين، وتم تأسست عام 1964 بعد انعقاد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في القدس نتيجة لقرار مؤتمر القمة العربي 1964 (القاهرة) لتمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية، وان البنية الاساسية للنظام السياسي الفلسطيني لم تبدأ بأوسلو، بل بدأت من حيث تم الاعتراف بالمنظمة كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، مما ساهم في تجسيد الدولة الفلسطينية ومؤسسات الشعب الفلسطيني، لتعبر وتمثل جميع الفلسطينيين اينما تواجدوا ضمن الاعتراف العربي والإقليمي والدولي حيث بدأت المنظمة تمثيل الشعب الفلسطيني ومن ثم تحولت الي تمثيل دولة فلسطين في مختلف دول العالم، واليوم تتمتع فلسطين بعضوية الدولة المراقب في الامم المتحدة، وعليه يجب العمل علي ان تتحول السلطة الفلسطينية الي دولة، وان يتحول المجلس التشريعي الي البرلمان الفلسطيني وبات من المهم العمل علي صياغة استراتجية التحرر الوطني الكامل من اجل الانفكاك عن الاحتلال ووضع حد لتشابك لاستمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
لقد اكدت اتفاقيات اوسلو التي وقعت بين منظمة التحرير الفلسطينية، على اعتبار أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبين إسرائيل التي كان رئيس وزرائها إسحق رابين زعيم حزب العمل في تلك المرحلة الحاسمة، وجاء في إعلان المبادئ الذي وقعه الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي في الثالث عشر من سبتمبر (أيلول) عام 1993، أن الطرفين يعتبران الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة، وأنه سيتم الحفاظ على سلامتها خلال المرحلة الانتقالية، وأنه سيتم الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة في عام 1999 (على حدود الخامس من يونيو/ حزيران عام 1967) وعاصمتها القدس الشرقية، وان اي متتبع لمسلسل الاحداث الدامية وتشابكها يستنتج انه عمليا الاتفاقيات كانت في وضعية مجمدة وان الواقع لا يعكس هذه الاتفاقيات التي اصبحت اليوم بحكم المنتهية، ببساطة لأنها لم تطبق علي الارض وبقيت حبرا على ورق نتيجة المراوغة والتضليل الاعلامي وصناعة الكذب الذي تمارسه حكومة الاحتلال الاسرائيلي.
انه ومنذ وقت طويل باتت تتصرف حكومة الاحتلال وكأن اتفاقيات اوسلو غير قائمة وهي غير معنية بهذه الاتفاقيات ولم تعد قائمة، ومع كل هذه التطورات والتشابكات القائمة والدعم الامريكي للاحتلال الاسرائيلي وسلوك حكومة الاحتلال من تدمير وهدم المنازل ومصادرة الاراضي، باتت اتفاقات أوسلو عملياً بحكم المنتهية، وفي الحقيقة تتصرف حكومة الاحتلال والولايات المتحدة الامريكية ومنذ فترة وكأن الاتفاقات غير قائمة، ولكن دون الإعلان عن إنهاء الاتفاقات أو إلغائها، وحكومة الاحتلال مستمرة في تنفيذ مخططاتها لاستمرار الاحتلال وتجزئة المدن الفلسطينية وتقوم إدارة الرئيس ترامب باتخاذ خطوات احادية حول القدس واللاجئين ومنظمة التحرير الفلسطينية متجاهلة كل اتفاقيات اوسلو وما الت اليه من نتائج باتت عقيمة ولا يمكن الاستمرار في هذه الوضعية التي فرضت علي الشعب الفلسطيني.
ان المرحلة المقبلة تتطلب وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الاسرائيلي لأنها لم تعد قائمة، والعمل على ترجمة القرار الذي اتخذته القيادة الفلسطينية عمليا على أرض الواقع من اجل انهاء وضعية هذه الاتفاقيات تغليباً للمصلحة الوطنية العليا وإعادة رص الصف الفلسطيني الموحد على أساس برنامج وطني وكفاحي شامل يتمسك بالحقوق والثوابت الوطنية، والاستفادة مما سبق أخذين بعين الاعتبار اكاذيب الاحتلال الاسرائيلي وغطرسته وبطشه فضلاً عن عدم التزامه بكافة الاتفاقيات والمواثيق الموقعة، والتي هي اتفاقيات مجحفة اصلا ولا تلبي حاجة الشعب الفلسطيني وطموحه وإقامة الدولة الفلسطينية والعمل على تحشيد كافة طاقات وامتنا العربية وشعبنا الفلسطيني في مواجهة إرهاب الاحتلال.
اننا اليوم بحاجة ماسة الي استراتجية جديدة ورؤية قيادية واضحة توحد الوطن، وتساهم في تبني مواقف الجماهير الفلسطينية وتعبر عن صوت الشعب، وتلامس معاناة الاسرى في سجون الاحتلال وتتصدى للاستيطان الغير شرعي، وحتى لا نقف جميعا لنبكي الوطن ونتحسر علي الماضي ونتألم من المستقبل المجهول لحياتنا التي بدأت متناقضة في الفهم والممارسة يكون لزاما علينا أن نعمل علي ملامسة الواقع فبعد اكثر من عشرة اعوام من الانقسام حان الوقت لوحده شعبنا وإنهاء هذا الانقسام الاسود وملامسة هموم المواطن وخلق فرص عمل لطوابير الخريجين، فأما أن تكون لنا دولة تهتم في المستقل او نخسر كل شيء، اننا اليوم بحاجة الي أن نفتح صفحة جديدة ومرحلة جديدة، وبحاجة ماسة الي وضع استراتجية وطنية شاملة للتحول الي الدولة الفلسطينية والعمل علي اتخاذ قرارات مصيرية تنهي الانقسام وتعيد الاعتبار لمكانة القضية الفلسطينية على مختلف المستويات لمواجهة المخاطر والتحديات الجمة التي تنتظر قضيتنا في ظل ما تشهده المنطقة من متغيرات.
إن المرحلة القادمة هي مرحلة العمل الجاد والبناء للمؤسسات الفلسطينية مؤسسات الدولة وبناء الانسان القادر على حماية اهداف شعبنا الوطنية المتكاملة، وما يجب أن يدركه الجميع بان كل محاولات النيل من وحدوية التمثيل الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية ستبوء بالفشل، وان الكل الفلسطيني هو داعم لجهود القيادة الفلسطينية الرافضة لمشاريع الصفقة الامريكية من خلال إعلان حالة الرفض التام لممارسات الاحتلال الاسرائيلي، وما يشكله مرتزقة الاحتلال وأعوانه من مؤامرات تستهدف المشروع الوطني الفلسطيني وتصفية النضال الوطني، وأننا هنا وفي هذا النطاق نثمن عاليا مواقف امتنا العربية والدول الشقيقة التي عبرت عن مواقفها الرافضة لمشاريع الوهم الامريكية ووقفت داعمة لنضال شعبنا من أجل استعادة حقوقه كاملة في انهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية والتمسك الكامل بمبادرة السلام العربية، ضمن الرؤيا والموقف الفلسطيني الرافض لما يحاك ضد القضية الفلسطينية وللمشاريع الهادفة إلى تصفية المشروع الوطني الفلسطيني، وفي مقدمتها ما يعرف بصفقة القرن، تحية لكل من ساهم في دعم المسيرات الجماهيرية العارمة التي انطلقت للتصدي لمشاريع الوهم الامريكية وصفقة القرن في كل المواقع والميادين، تحية لكل الاخوة العرب الذين ساهموا ويساهمون في دعم اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ودعم منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتحية لكل من يدعم ويساند قيام الدولة الفلسطينية في المحافل الدولية وتجسيدها عمليا على ارض الواقع.
بقلم : سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]