حكومة الاحتلال تنتهك حرية الإعلام في فلسطين

بقلم: سري القدوة

ان الانتهاكات الاسرائيلية ضد الصحافيين في فلسطين ليست وليدة الحدث بل هي سياسة متبعة تفرضها سلطات الحكم العسكري الاسرائيلي لاستمرارها في اجهاض الحقيقة وحجب ما يجري عن العالم، وعدم تداول ونشر المعلومات ولذلك تعمل سلطات الاحتلال علي فرض كل انواع الرقابة الاحقة والسابقة علي عمل وكالات الانباء العالمية والمحلية ووسائل الاعلام الفلسطينية، وخصوصا العاملة بداخل القدس المحتلة لتمنع نقل جرائم الاحتلال، وتمنح سلطات الاحتلال الاسرائيلي جنود ووحدات جيشها الصلاحيات الكاملة في مصادرة معدات التصوير وملاحقة الصحافيين ميدانيا وفي كثير من الاوقات تقوم بإطلاق الرصاص الحي نحو الصحافيين وقتلهم اذا ما تمكنوا من التقاط صور تفضح انتهاكات جيش الاحتلال .
وفي هذا الصدد أشارت تقارير إعلامية وحقوقية متخصصة ان قوات الاحتلال الإسرائيلي، تمادت في انتهاكاتها بحق الصحفيين والإعلاميين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويظهر ذلك جلياً من خلال تصاعد الانتهاكات بحق الصحافيين الفلسطينيين، وأظهرت التقارير التي صدرت خلال الربع الأول من العام الحالي 2019، عدد الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال بحق الصحفيين في الأراضي الفلسطينية، بلغت (150) انتهاكاً، ووثق التقارير تنوع الانتهاكات، والتي تمثلت في إصابة واستهداف أكثر من (66) صحافياً، كان من ضمنهم استهداف وإصابة (43) صحافياً من قطاع غزة خلال تغطيتهم فعاليات مسيرة العودة السلمية، وتنوعت الإصابات في استهداف 10 صحافيين بالرصاص الحي والمتفجر وشظايا الرصاص، فيما أصيب أكثر من 23 إصابة بقنبلة غاز مباشرة، أدت الى حروق وجروح وكسور، عدا عن إصابة 6 صحفيين بالاختناق والإغماء وتسمم بالغاز السام، واستهداف 4 آخرين بالرصاص المغلف بالمطاط، ومن ضمن مجمل الإصابات 4 صحفيات، وبشأن الاعتقال والاحتجاز والاستدعاء، استمرت سياسات الاحتلال الإسرائيلي لتسجيل (16) حالة منذ بداية العام الحالي، فيما جدد الاحتلال (6) حالات أمر اعتقال وتمديد حكم من بينهم الكاتبة الصحافية لمى خاطر، في حين وصل عدد حالات المنع من التغطية خلال الربع الأول من العام الحالي إلى (17) حالة، تخللها عدد (2) من التهديد والتحريض، وقامت سلطات الاحتلال خلال النصف الأول من عام 2019 بمواصلة مداهمة منازل الصحافيين حيث سجلت (8) حالات اقتحام ومداهمة لمنازل الصحافيين، تخللها مصادرة أكثر من (4) حالات من المعدات والملفات والأجهزة الخاصة بالعمل الصحافي، كما فرضت وأجبرت قوات الاحتلال عدد (7) من الصحافيين على دفع غرامة مالية، عدا عن استخدام أسلوب الإهانة والمضايقات داخل سجون الاحتلال .
وتواصل سلطات الاحتلال استهداف الجسم الصحفي نفسه بل استخدمت أسلوب الضغط والتحريض بالاتفاق مع إدارة مواقع التواصل الاجتماعي، والتي قامت بإغلاق وحظر وحذف ما يقارب (24) حساباً وموقعاً وصفحة لصحافيين وإعلاميين، وذلك استمراراً لسياستها في محاربة المحتوى الفلسطيني مما يساهم في انتهاكات حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير.
وواصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ممارسة انتهاكات صارخة بحق الأسرى الصحافيين، التي ينتهجها الاحتلال كسياسة تمديد الاعتقال الاداري للصحافيين مرات عدة دون تهمة أو محاكمة، وإصدار الأحكام غير المنطقية ولا الشرعية في المحاكم العسكرية، وتوقيفهم في سجون الاحتلال بانتظار محاكمتهم .
وتأتي هذه الاعتقالات، ضمن النهج الهادف لطمس معالم الحقيقة، وتكميم الأفواه وتشويش الصوت والصورة بهدف حجب الحقيقة والمعلومة الصادقة عما يدور من انتهاكات ترتكبها حكومة الاحتلال العسكري الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وفي ظل ذلك تتمادى سلطات الحكم العسكري الإسرائيلي في استهدافها للصحافيين حيث بات المطلوب من المؤسسات الدولية والحقوقية التدخل الفورى من أجل الضغط للإفراج عن 21 صحافياً وناشطاً وإعلامياً فلسطينياً معتقلين في سجون الاحتلال، والتدخل من أجل وقف سياسة اعتقال الصحافيين واحتجازهم خلال تأديتهم واجبهم الصحافي .
إن الأخطر والجديد فى انتهاكات حقوق الإنسان والصحافيين في فلسطين هو إقدام سلطات الاحتلال الاسرائيلي على ملاحقة المحتوى الفلسطيني من خلال نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتويتر والزج بعدد كبير منهم في السجون وتقديمهم للمحاكمات وإخضاعهم للتحقيق وفرض غرامات مالية بحقهم جراء ما يكتبونه من أراء وأفكار والتعبير عن ما يشعرون به، وهذا ما يتنافى تماما مع المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة (10) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والتي تحمي حرية التعبير على قاعدة أن لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة، كذلك كفلت المادة (9) من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والمادة (13) من الاتفاقية الأمريكية لحماية حقوق الإنسان تنص على الحق نفسه، وبذلك تكون سلطات الاحتلال اقدمت علي انتهاك كل المواثيق الدولية وتعاملت مع الشعب الفلسطيني بالقوة القمعية في انتهاك فاضح لكل هذه القوانيين، وأن الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الصحافيين الفلسطينيين ما زالت تشكل خطرا على حياتهم، وتعيقهم عن أداء واجبهم المهني، وتهدف قوات الاحتلال من خلال هذه الانتهاكات الي إرهاب الصحفيين ومنعهم من ممارسة عملهم في كشف الممارسات والاعتداءات ضد الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومقدساته وإبرازها للعالم ليعرف الكثير عن ما تمارسه قوات الاحتلال من جرائم التي ترقى في كثير من الأحيان الى مستوى جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي ومحكمة الجنايات الدولية .
أن الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة بحق أبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته وبحق الصحافيين والإعلاميين في فلسطين هي جزءاً من حرب الاحتلال المفتوحة على الحقوق الوطنية والعادلة لشعبنا ومحاولات متواصلة لفرض القوة وممارسة الغطرسة والقمع ضد حرية الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وفرض هيمنة القوة، تحت غطاء ومظلة التبني الأمريكي الكامل للمشروع الاحتلالي في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي تتحمل المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائج هذه الانتهاكات التي ترتكب بحق الصحافيين في فلسطين، وخاصة في ظل استمرار صمت المجتمع الدولي والاستخفاف الأمريكي الإسرائيلي بالقانون الدولي والانقلاب على الاتفاقيات الموقعة الذي يشجع الاحتلال علي الاستمرار في قمع الصحافيين والتطاول علي حرية الاعلام في خرق فاضح للقانيين الدولية، وإننا ندعو المجتمع الدولي لضرورة توفير الحماية للصحافيين، وإلى تفعيل آليات المحاسبة والمساءلة وملاحقة مرتكبي الجرائم من قوات الاحتلال العسكري الاسرائيلي .

 

بقلم : سري القدوة


سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]