كان يجب على ميلادينوف منسق الامم المتحدة لعملية السلام في "الشرق الاوسط" ان يراجع ارشيف الامم المتحدة ، مجلس الامن والجمعية العامة وكل المؤسسات الاممية والانسانية التي ترعاها الامم المتحدة والتي لا ترعاها ايضا ولكن بالحد الادنى ان يكون متذكرا وليس متناسيا 84 قرار اممي لصالح الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ومئات القرارات الاخرى الصادرة المرتبطة بذلك من منظمات اقليمية واممية ، ويبدو ان ميلادينوف تجاوز قرار 194 والقرار 181 والذي ينص على دولتين والاعتراف باسرائيل مرتبط بالاعتراف بالدولة الفلسطينية والملحقات الاخرى للازمة ، ونسي السيد ميلادينوف ان هناك قرار اممي صادر عن الجمعية العامة باعتبار الصهيونية حركة عنصرية حيث تم الغاء هذا القرار في اوائل التسعينات واعتقد كان في مخاض تغير برنامج منظمة التحرير والتسارع حول المفاوضات والاعتراف فبقرار 242 ، ولكن هذا لا يلغي طبيعة وجود اسرائيل المخالفة للقانون الدولي والاعراف الاخرى .
يا سيد ميلادينوف : اعترفت منظمة التحرير بقرار 242 وهو الاهم في تغير المنهجية السياسية الوطنية والسياسية لمنظمة التحرير وقبول دولة تحت مبدأ الارض مقابل السلام وتحت فهم متغيرات موضوعية وذاتية قبلت منظمة التحرير دولة لا تزيد مساحتها عن 22 % من اراضي فلسطين وكان خطأ كبيرا ً ان اعطت منظمة التحرير غالبية الارض الفلسطينية هبة لما يسمى اسرائيل تحت ضغط مرحلة وتوزيع قوى دولية واقليمية ، وكأن الصراع قد بات مرهون في مرحلة معينة فقط ، ولكن من ضيق التصور ان يختزل هذا الصراع بهضم حقوق الفلسطينيين والتي اصبحت تتجاوز الهضم الجزئي بل الكلي والسعي لغياب الشخصية الوطنية الفلسطينية على الارض الفلسطينية مقابل نمو علاقات اقليمية ودولية وتسويات على اسس المصالح وليس على اسس التاريخ وانت مكلف باحد هذه المهام .
السيد ميلادينوف لقد تجاوزتم بصفتكم منسق لعملية السلام في الشرق الاوسط كل القرارات الصادرة عن الامم المتحدة ، فكيف لك ان تمثل الامم المتحدة وكيف لكم ان تتجاوزوا نصوص كل القرارات الصادرة عنها .
قضية التنازلات التي منحتها منظمة التحرير للجانب الاخر في الصراع دعت الاخرين سواء اسرائيل او امريكا او ما يحوم حولها او سيطرتها على القرار في المؤسسات الدولية لان يتحول الصراع التاريخي الذي من المفترض ان يحل بان تعيش كل الشعوب بامن وامان وعادلة على هذه الارض بدون ادعاءات بملكية او مجد سابق فلكل الشعوب الحق ان تعيش بحرية كاملة على ارضها بدون تغول مجموعة او فئة او ديانة على اخرى ، ولذلك اصبح تعريفكم للصراع انها ارض متنازع عليها اي يمكن بالتصور الاخر المعمول به ايضا الان ان قضية اللاجئين الفلسطنيين في مفهومكم خرجت عن كونها قضية وطنية لها امتداد عربي وحضاري تاريخي الى كونها تتبع لنظرية الامن الصهيوني والوجودي على الارض الفلسطينية ولذلك ابتعدتم عن ان تحل القضية الفلسطينية بناءا على القرارات الدولية ليلقى عبؤها على المفاوضات المباشرة مع من هو يمتلك القوة والدعم امام شعب ضعيف على هذه الارض .
السيد ميلادينوف تحدثنا عن الجانب الذي يتعلق بالقانون الدولي والقرارات الدولية الخاصة بالصراع مع الاحتلال الاسرائيلي الذي تغول الان وتجاوز قرار 242 والمبادرات الدولية والعربية واهمها المبادرة العربية وبداتم تتحدثون عن حل اقليمي متجاوزين ارتكازات ونصوص المبادرة العربية التي تتحدث عن تسوية والارض مقابل السلام واقامة الدولة ثم التطبيع مع الدول الاقليمية الى علاقات اخرى وتحالفات اخرى وتوزيع مراكز قوى اخرى اقليمية وتحول الصراع في دائرة النزاع الاقليمي بين قوى مختلفة .
لم تعد القرارات الدولية على طاولة البحث الان، بل الان كل ماهو مطلوب ان يكون الامن مقابل الغذاء للشعب الفلسطيني والمنح المشروطة من الدول المانحة ودعم قوى الامن لتكون هي مصدر الاستقرار للوضع الفلسطيني مقابل تغول الاستيطان الذي لم يبقي شيئا في الضفة الغربية والغذاء مقابل ان يتنازل الفلسطينيين في غزة عن اي مناسك للمقاومة او الصمود او المطالبة بحقوقهم ، في حين بانكم تعلمون ان حتى اتفاقية اوسلو تجاوزتها اسرائيل وحقيقة تلك الاتفاقية لم تنص على قيام دولة ذات سيادة ولكن كانت هناك مرحلة انتقالية في اوسلو 2 ليقرر الشعب الفلسطيني مصيره وينطلق الى بناء دولة التي مسحت ملامحها برامج الاستيطان الاسرائيلي والحصار على غزة مما فتح شهية الدولة العظمى بقيادة من يدعي النبوة ترامب للحفاظ على العنصر الصهيوني وقيام الساعة كما يدعون ! لينطلقوا بما يسمى صفقة القرن التي تريد ان تثبت هذا التصور في الخرافات التي تحملها المسيحية الصهيونية وخاصة في القدس وما يسمى يهودا والسامرة ، انتم تعلمون يا سيد ميلادينوف اذا رجعتم للتاريخ ان هذه كلها تراهات وحجج واقاويل لسيطرة الامبريالية على فلسطين ومنطقة الشرق الاوسط من خلال ما يسمى اسرائيل ، انها عجلة الاقتصاد والمنافع يا سيد ميلادينوف وليست قضية دينية .
ولكن اريد ان اذكر يا سيد ميلادينوف عندما ادنتم عملية التفجير الاخيرة غرب رام الله ونتج عنها قتيلة اسرائيلية اظهرت الصور تجمعات الفتيات الاسرائيليات بكامل العتاد العسكري واعتقد ان سيد ملادينوف ان المجتمع الاسرائيلي مجتمع عسكري بامتياز وهو كما بدا على ارض فلسطين في الكيبوتس وتصف من قاموا بعملية التفجير بعبوة بدائية مصنعة محليا ً " بعمل حقير وجبان " ! وتسمونه ارهابا ً !
ولكن ماذا يا سيد ملادينوف عن احداث التاريخ واقاويلها واشهادها وشهودها ؟ واذكرك فقط بالحصر ليس بالتفاصيل فهي كثيرة :
1 - حرق عائلة باكملها في الضفة الغربية عائلة دوابشة .
2 – تدمير منازل من يدافعوا عن ارضهم وعن اشجار الزيتون التي زرعها اجدادهم والسيطرة عليها .
3 – غزو الارض الفلسطينية التي اقرها المجتمع الدولي وهي الضفة الغربية وغزة بمئات الالاف من المستوطنين المدججين بالسلاح .
4 – اذا كان التفجير الاخير بعبوة بدائية الصنع فما بالكم بصواريخ الكروز والقنابل الثقيلة والفسفور التي تدك غزة واحيائها !
5 – ماذا عن الاجتياحات المتكررة للمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية ؟!
6 – ماذا عن استهداف رجال الاسعاف والاعلام على حدود غزة وفي الضفة الغربية .
7 – ماذا عن مذابح الشجاعية عام 2014 و 2008 و 2010
ولكن سنتحدث ايضا عن تاريخ قريب لتلك التي تسمى دولة الديمقراطية التي تدعمونها ويدعمها الغرب وتحاولون تطبيع الواقع الفلسطيني واحتوائه لصالح ما يسمى اسرائيل تحت الحاجة للقمة الخبز :
1 – ماذا عن مذبحة مصانع ابو زعبل في مصر
2 – ماذا عن مذابح مدرسة بحر البقر للابتدائي في مصر
3 – ماذا عن مذابح قانا 1 وقانا 2
4 – ماذا عن مذابح صبرا وشاتيلا
5 – ماذا عن مذابح دير ياسين وكفر قاسم
6 – وهناك تفاصيل كثيرة في التاريخ تمارس اسرائيل فيها القتل والسطو على حقوق المواطنين الاصليين على تلك الارض .
واخيرا يا سيد ملادينوف اليسوا هم من يقومون " بعمل حقير وجبان " !
بقلم / سميح خلف