بداية عام جديد يذهب فيه عشرات الألاف من أبناءنا وعلى كافة المستويات الدراسية ، وهم بمجموعهم وباختلاف فئاتهم يهدفون الى زيادة تحصيلهم العلمي وزيادة وعيهم التربوي وبناء انسانيتهم المجتمعية على أسس سليمة وصحيحة .
بداية عام دراسي جديد بكافة المستويات والأعمار ، في ظل ظروف استثنائية لضائقة اقتصادية ومالية يدور الحديث فيها وحولها ، لكنها بالمجمل بداية لعام دراسي لا أريد أن أفسد فرحة الأبناء ولا حتى أسرهم مع بداية هذا العام الدراسي الجديد.
عشرات الألاف يتحركون منذ الصباح بروح مفعمة بالأمل ، وبإرادة خالصة دوافعها الإنسانية تفوق مصاعب وتعقيدات الحياة ، ودوافعها التعليمية والتربوية تعتبر أمرا ضروريا، يرتبط بوجود الإنسان وأهمية تطوير ذاته .
صناعة الإنسان من المهام الأصعب في حياة البشرية جمعاء ، وهناك الكثير من المجتمعات التي قامت على جهد بشري ، وهذا ما ميز تلك المجتمعات ما بين مجتمعات متقدمة ومجتمعات نامية .
صحيح أن ما سبق من جهد بشري ومجتمعي يحتاج الى بناء الإنسان بصورة علمية وحضارية انسانية وثقافية متسلحا بالعلم والتطور والحداثة ، في اطار منظومة مجتمعية تدخل بكافة التفاصيل لإحداث تطور نوعي في الحياة البشرية لتلك المجتمعات.
كما يُقال التعليم في الصغر كالنقش في الحجر ، بمعنى أن كل ما يمكن أن نعلمه بمراحل الطفولة يبقى ملازما لتلك الطفولة في مراحل الشباب والرجولة وحتى الشيخوخة، وهذا ما يستوجب علينا جميعا ايلاء اهمية كبيرة لكافة مراحل التعليم خاصة ونحن مع بداية العام الدراسي، وبهذه الاعداد الكبيرة والتي تحتاج الى امكانيات ضخمة والى رعاية شاملة والى استعدادات تعليمية وتربوية وانشطة مدرسية مخططة بصورة علمية لإحداث ما نسعى لتحقيقه وما نأمل برؤيته .
الأسرة الفلسطينية والتي تبذل جهدا كبيرا بتنظيم نفسها واستنهاض قوتها لأجل التحضير للعام الدراسي، في ظل ظروف اقتصادية فيها من الصعوبة الكثير كما فيها من المعيقات التي تقلل من فرحة الاسرة بأطفالها .
كنا في الزمن القريب والبعيد نعيش طفولتنا بجانب ملابسنا الجديدة وحقائبنا المدرسية مدفوعين بفرحة غامرة لا حدود لها، ورغبة اكيدة لأجل بداية عام دراسي جديد لزيادة التحصيل العلمي والتربوي وممارسة الانشطة بكافة انواعها ، في اطار اجواء مدرسية فيها من النظام والهدوء ، وبمساهمات تربوية لها وقع طيب على مجمل الانشطة المدرسية والمجتمعية .
صناعة الانسان منذ الطفولة التي يجب ان تأخذ حقها من الاهتمام والمتابعة والرعاية، وهي تعتبر مهمة استراتيجية لا يتقدمها شيء اخر على اعتبار ان الانسان هو الوسيلة والهدف، الذي يجب ان يأخذ الحظ الاوفر من الاهتمام والرعاية والامكانيات ، حتى يكون الحصاد لقدر ما يقدم من جهد منظم لأنشطة مدروسة ولمناهج تعليمية قادرة على اكتشاف المواهب وتطويرها وعلى اساليب تدريسية تكتشف القدرات وتبني عليها.
يجب الانتهاء من سياسة التلقين وان ندخل بقوة الى واقع التعليم المفتوح الذي يعتمد على الابتكار والابداع والجهد المشترك والعصف الذهني، حتى نتمكن من بناء مجتمعات ومن بناء اجيال قادرة على التطور والحداثة الابداعي والابتكاري، وحتى لا نكرر انفسنا بأساليب قديمة يستمع فيها من يستمع، ومن لا يستمع يجد نفسه خارج مسيرة التعليم.
فنحن بحاجة الى الجميع حاجتنا الى التعليم لكافة اشكاله ولكافة الاعمار والفئات ، حتى نتمكن من بناء مجتمع قادر على النضوج والتقدم وحتى يمكن لنا المحافظة على ابناءنا وفلذات اكبادنا .
بقلم / ريم زنداح