نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا عن سفير أمريكا في إسرائيل ديفيد فريدمان ووصفه بالرجل غير الدبلوماسي "أكثر رجل غير دبلوماسي بين الدبلوماسيين هو رجل ترامب في الشرق الأوسط". فقد قام حسب معدي التقرير إيفان ليفنغستون وديفيد وينر، بقلب السياسة الأمريكية في الشرق الاوسط رأسا على عقب.
فأعلى مبعوث أمريكي في منطقة تعد الأكثر التهابا في العالم قد يكون أي شيء ولكن ليس دبلوماسيا. وقام سفير ترامب في إسرائيل بكسر كل القواعد التي ابتعد عنها سابقوه من الدبلوماسيين بتعليقات أغضبت الفلسطينيين قال فيها إن لإسرائيل الحق بضم مناطق بالضفة الغربية.
وفي حزيران (يونيو) افتتح عملية تنقيب أثرية تحت بيت فلسطيني في مناسبة حضرها شيلدون إديلسون، أهم المتبرعين لحملة ترامب الرئاسية في وقت منعت فيه إسرائيل نائبتين ديمقراطيتين من زيارة الضفة الغربية وهو قرار دعمه فريدمان. وسيظهر مدى تأثير فريدمان بوضوح في الحملة التي يخوضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإعادة انتخابه وذلك يوم 17 أيلول (سبتمبر) مع خطط الإدارة الأمريكية للكشف عن الجزء السياسي من خطة سلام الشرق الأوسط.
وتحدث نتنياهو عمليات الضم التي تعد مطالب يدعو إليها اليمين المتطرف في محاولة منه البقاء في السلطة وبعد فشله في تشكيل حكومة ائتلاف في نيسان (إبريل). ولم يعلن فريدمان عن دعم عام لنتنياهو إلا أن علاقته القريبة مع البيت الأبيض ساعدت على تغيير السياسة الأمريكية – الإسرائيلية تجاه نتنياهو. وقال ديفيد ماكوفسكي، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى "عادة ما ينظر للسفير الأمريكي كشخص يحاول جلب الإسرائيليين والفلسطينيين قريبا من بعضهم البعض" و "لا اعتقد أنه ينظر إلى هذا كجزء من مهمته".
ويواجه نتنياهو اتهامات بالفساد وهو بحاجة ماسة للحصول على أصوات الناخبين. ولهذا يحاول تصوير نفسه بالرجل الذي يحظى بدعم المؤثرين في السياسة الأمريكية. ونصبت يافطات كبيرة تظهره وهو يصافح ترامب. وفي صورة أخرى يقوم فيها الرئيس الأمريكي بمكالمة على هاتفه النقال وتحتها تعليق "من لا يريد الإجابة على هذه المكالمة؟". وتظهر نتائج الاستطلاعات أنه متعادل مع أكبر منافسيه في الدعم الشعبي.
وفريدمان، 61 عاما وهو ابن حاخام، مناسب للعب الدور حيث كان في السابق رئيسا للمركز المؤيد للاستيطان "بيت إل يشفيا". ودفع لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في أيار (مايو) 2018. وهو ما غير عقودا من السياسة الأمريكية وأثار غضب الفلسطينيين وأنهى قدرة أمريكا على لعب دور العراب النزيه للسلام. ويبدو أن علاقة فريدمان الشخصية مع ترامب منحته القدرة على التأثير. ففي أثناء الحملة الانتخابية السابقة أعطى ترامب نتنياهو هدية سياسية من خلال الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967.
وقال ترامب إن فريدمان رد على القرار "مثل طفل جميل رائع". وتخطط إسرائيل لضم مستوطنات في الضفة الغربية التي تعتبرها الأمم المتحدة غير شرعية. ويدعم فريدمان الخطط الإسرائيلية. ووصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس فريدمان بـ "ابن الكلب" في خطاب ألقاه في آذار (مارس). ورفض السفير الأمريكي التعليق على تقرير الموقع.
وكان صعود فريدمان للمنصب الدبلوماسي الحساس غير تقليدي. فقد نشأ في عائلة يهودية محافظة بلونغ أيلاند. ورحب والده الحاخام فريدمان بالرئيس رونالد ريغان قبل اعادة انتخابه عام 1984. ويقول صديق وزميل المدرسة الحاخام زلمان ولويك إن ما يفعله فريدمان تدفعه العاطفة الدينية والتاريخ اليهودي. وقال "لا شيء يمكن أن تأخذه على فريدمان" و"فهناك صفاء وطهارة وانظر إلى رجل يدافع عن أولوياته".
وتوطدت علاقة فريدمان الذي كان يعمل محام في قضايا الإفلاس في نيويورك عندما عزاه ترامب بوفاة والده. وكان يعمل في حينه على كل القضايا المتعلقة بأتلانتك سيتي. وأدت العلاقة لتعيين فريدمان كرئيس مشارك في لجنة الاستشارة عن إسرائيل في حملة ترامب والتي دفعت بنقل السفارة إلى القدس. وأصبح سفيرا في آذار (مارس) 2017 رغم الشجب من الجماعات الليبرالية اليهودية مثل جي ستريت التي عارضت تعيينه بسبب مواقفه المتطرفة. وتخطط الإدارة للكشف عن الجانب السياسي لما أطلقت عليها "صفقة القرن".
وأعطى فريدمان تلميحات حول الخطة، ففي خطاب ألقاه أمام اللجنة الأمريكية- الإسرائيلية للعلاقات العامة (إيباك) قال إن الوقت قد حان لوضع ضمانات تحفظ أمن إسرائيل في الضفة الغربية. وبمناسبة مرور عام على نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس قال إن إسرائيل "تقف بجانب الرب". وقال صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن فريدمان يجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي يبدو "يساريا". وفي الوقت الذي لا يزال الموضوع الفلسطيني – الإسرائيلي على أجندة البيت الأبيض الرئيسية إلا أن الرئيس سيهتم بحملة إعادة انتخابه بشكل سيترك فريدمان وحيدا لإدارة العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية في وقت ينشغل فيه الجميع في واشنطن بحملة إعادة انتخاب ترامب، كما يقول إيلان غولدنبيرغ، من مركز الأمن الأمريكي الجديد.