المتهم بتفجيرات غزة

بقلم: مصطفى رضوان

عايشنا في قطاع غزة خلال الأيام القليلة الماضية تفجيرات اجرامية استهدفت قوات الشرطة الفلسطينية، وبينما انشغل المحللون والمراقبون في التركيز على البعد الأمني والسياسي لهذه التفجيرات والايدي الخفية التي وجّهت الانتحارين والمآرب التي تراد من خلف هذه التفجيرات غفل الكثير عن جانب لا يقل أهمية، ألا وهو البعد الاقتصادي الذي يساهم بشكل مباشر -إلى جانب أبعاد أخرى- في خلق الانحراف الفكري لدى الشباب.

هذا البعد الذي عمل الاحتلال على تدميره على مدار 12 سنة حصار؛ من خلال خلق الأزمات وصناعة الفقر وإدارته بشكل أوصل حاجز الفقر المدقع في قطاع غزة إلى ما يزيد عن 80%، وارتفاع معدل البطالة عن الـ 60%.

"الرأس فوق الماء" سياسة إسرائيلية اتبعتها حكومة الاحتلال على مدار الأعوام السابقة ضد قطاع غزة، أغرقت الجسد الفلسطيني بماء الفقر والجوع والبطالة، وأبقت الرأس مرفوعا قليلا فوق الماء لتتحكم بحياته عبر حبل المساعدات الإنسانية.

هذه الحالة أدت الى تفشي الظواهر الاجتماعية السلبية المتمثلة في انتشار الجريمة والرذيلة، وفتحت الباب أمام ضعاف النفوس للغرق في مستنقع العمالة، وشكلت بيئة خصبة لانحراف عقول الشباب كون الفقر والبطالة يعززان الشعور بفقدان القيمة الذاتية والنقص لدى الفرد.

إزاء هذه المخاطر الكبيرة، لم تكن المؤسسة الفلسطينية الرسمية والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني على قدر كاف من المسؤولية لمواجهتها، فشاهدنا هجرة العشرات من العقول الشابة إلى الخارج، وبروز أصحاب الفكر المنحرف الذين كانوا ضحية جهات مشبوهة أدارتهم مستغلة الحالة النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي وصلوا اليها.

ما حدث، وما هو قادم حتماً، ينذرنا إلى خطورة الوضع الاقتصادي القائم، وما ينجم عنه من ظواهر لا يحمد عقباها، وعلى الأحداث الأخيرة وما سبقها أن تدق ناقوس الخطر على طاولة صناع القرار الفلسطيني، الذين لابد أن يقع على عاتقهم ترميم الوضع الاقتصادي القائم، ووأد أسباب هذه الظواهر في مهدها، والمعالجة على قاعدة أن الفقر هو أبو الجرائم، واستحضار فلسفة عمر بن الخطاب في معالجة هذه الظاهرة: (إن لم تشغلهم بطلب الحلال شغلوك بطلب المعصية).

 

بقلم/ مصطفى رضوان

ماجستير تنمية اقتصادية