أجمع متحدثون في ندوة بعنوان "الانتخابات الإسرائيلية وانعكاساتها على الفلسطينيين"، على أن آخر ما يشغل المعركة بين الكتل الانتخابية في إسرائيل هم الفلسطينيون.
وأوضح المتحدثون في الندوة التي نظمها، اليوم الثلاثاء، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" في مقره بمدينة رام الله، أن الفلسطيني موجود في البرامج الانتخابية كعقبة أمام تحقيق ضم أجزاء من الضفة الغربية، أو بوصفه مشكلة أمنية يجب ردعها وضربها "بيد من حديد"، في حين ذهبت بعض الكتل إلى تغييب الشأن الفلسطيني من برنامجها الانتخابي.
وقال المتحدثون إن نتنياهو يعتبر هذه الجولة من الانتخابات حاسمة، ليس فقط على مستوى أثرها على إمكانية محاكمته في ملفات فساد، إنما لاستكمال مشروعه السياسي المتمثل بما يسمى "أرض إسرائيل الكبرى"، الأمر الذي عبّر عنه كلامياً بوعد "فرض السيادة اليهودية"، شاملا البؤر الاستيطانية في مشروع الضم، إلى جانب مغامراته العسكرية المحفوفة بخطر الانجرار إلى حرب.
وأشار المشاركون إلى أن ما يميز هذه الحملة سقوط كلمة احتلال من البرامج الانتخابية لكل الأحزاب الصهيونية، وترسخ المستوطنين والاستيطان كثابت في النقاش السياسي، مع فروق طفيفة بين الحزبين الرئيسيين، إذ تدور المعركة فعلياً بين يمين شعبوي وآخر "عقلاني"، فيما تهرب المعارضة إلى المربع الاقتصادي والاجتماعي.
وشارك في الندوة، مدير وحدة المشهد الإسرائيلي في مركز مدار انطوان شلحت، وعضو القائمة المشتركة عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساوة عايدة توما، وعضو القائمة المشتركة عن التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة، وأدارتها المديرة العامة للمركز هنيدة غانم.
وقالت غانم إن 32 قائمة انتخابية تتنافس على 120 مقعدا في البرلمان الإسرائيلي "الكنيست"، خلال الانتخابات التي ستجري في 17 أيلول/ سبتمبر الجاري.
وأضافت ان هذه هي الانتخابات الثانية التي ستجري خلال العام 2019، حيث أجريت الأولى في 9 نيسان/ ابريل، وحصل فيها حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو على 36 مقعدا، فيما حصل ائتلاف "أزرق أبيض" بزعامة بيني غانتس على 35 مقعدا، وحصلت كتلة أحزاب اليمين على أغلبية المقاعد (65)، وتمت التوصية من قبل غالبية أعضاء "الكنيست" بتكليف نتنياهو تشكيل الحكومة، لكنه فشل في ذلك بعد أن رفض ليبرمان الانضمام بسبب خلاف حول قضية تجنيد الحريدييم (اليهود المتدينين).
وأوضحت غانم أن هذه الانتخابات مصيرية لشخص واحد هو نتنياهو لتورطه بقضايا فساد ورشى، وبالتالي إما أن يكون رئيس حكومة أو في السجن.
وأضافت، "إذا كان نتنياهو هو موضوع الانتخابات الأهم الذي تنشغل به المعارضة، فإن الاحتلال هو الموضوع الذي تحاول التهرب منه، ومن يتابع المشهد الانتخابي يرى أن المعارضة قذفت هذا الموضوع إلى ساحتها الخلفية، ليظل اليمين أكثر الأحزاب وضوحا في موقفه من الموضوع الفلسطيني".
بدوره، قال شلحت إن "التحالف الذي يطرح نفسه بصفته بديلاً لحكم بنيامين نتنياهو، وهو تحالف أزرق أبيض، يتبنّى على المستوى السياسيّ الخطاب والخط اللذين يميزان اليمين الشعبوي والاستيطاني".
وأشار شلحت إلى أن برنامج التحالف يتحدث عن القدس الموحدة وعن الالتزام تجاه الكتل الاستيطانية، ولا يكتفي بالتعامل مع الجولان السوريّ المحتل كـ"جزء من إسرائيل إلى الأبد"، وإنما أيضا وعلى نحو غير مسبوق أن الجولان ليس موضع تفاوض. وتنبغي الإشارة إلى أن مثل هذا الموقف لم يُعلن من جانب أي حكومة في إسرائيل من قبل.
وأضاف شلحت ان مهمة تحالف "أزرق أبيض" الرئيسة تتمثّل بإعادة ترميم "التيّار الصهيوني المركزيّ" كجزء من المعركة حول ترتيب البيت الداخلي، في وقت تشهد فيه إسرائيل شبه إجماع على السياسة الخارجية المستفيدة من الواقع الإقليمي والدولي.
بدوره، تحدث أبو شحادة في مداخلته عن أجواء الانتخابات بين الفلسطينيين في إسرائيل، متوقعاً ارتفاع حصة "القائمة المشتركة" المعاد تأليفها من المقاعد، متطرقاً إلى ما سمّاه "ديمقراطية إسرائيل التقنية"، وانعكاس ذلك على التعاطي الفلسطيني معه.
واعتبر أبو شحادة أنه توجد في إسرائيل الآن معركة انتخابية لكن لا يوجد نقاش سياسي، "حتى ميرتس لا تجرؤ على الحديث عن الاستيطان، وليس فقط لا تجرؤ على الحديث عن الاحتلال".
وحول القوة الحقيقية للفلسطينيين في الداخل، قال: "إن عدد أصحاب حق الاقتراع 950 ألف شخص، ما يعادل 25 مقعداً، و"هذا رقم مؤثر جداً".
من جهتها، قالت توما إن "نتنياهو يستخدم كل الأدوات الممكنة في سبيل الفوز بالانتخابات، لأنه إلى جانب موضوع الفساد والمحاكمة، معني بدخول التاريخ كمن حقق هدف ما يسمى دولة إسرائيل الكبرى"، منبهةً إلى تصعيده العسكري بشن غارات في أربع دول عربية خلال فترة قصيرة، لتحقيق تجنيد وطني حوله يؤثر في المشهد الانتخابي.
وأشارت توما إلى جهود نتنياهو المستميتة لتوحيد اليمين وتوظيف ورقة القدس أيضاً في هذا السياق عبر الهدم الدعائي في العيسوية، والتعهد للمتطرف فيغلين بمنحه وزارة إلى جانب دراسة زيادة المساحة الزمانية المتاحة لليهود لاقتحام المسجد الأقصى.
وأضافت توما: ان الإشكالية في الداخل الفلسطيني تتمثل في تحول الجماعة التي تحمل مشروعا سياسيا إلى أفراد متفرقين، ما يشكل تحديا للأحزاب ومصداقيتها، مقدمة قراءة للخارطة الانتخابية، حيث يقاطع حوالي 12% الانتخابات لأسباب عقائدية، فيما نسبة عالية فقدت الثقة بإمكانية التغيير، تليها شريحة كبيرة من الجيل الجديد لم تمر بعملية "تسييس"، وباتت تستقي معلوماتها من الإعلام العبري بالدرجة الأولى.
وختمت توما أن زوال نتنياهو لا يعني زوال أثره العميق على المشهد الإسرائيلي، وبالتالي على الواقع الفلسطيني، الأمر الذي يتطلب الكثير من العمل