أحرز فلسطينيان من قطاع غزة المراكز الأولى على مستوى الوطن العربي كأفضل مقال صحفي وأفضل صورة فوتوغرافية، ضمن فعاليات "جائزة نواة 2019" في العاصمة اللبنانية بيروت والتي تنظمها جمعية نواة للموهبة والابتكار.
وتطرق المقال الفائز الذي أعده الصحفي الفلسطيني باسل القاضي، بعنوان "بشكل بطيء إسرائيل تقتل البيئة الفلسطينية" إلى الجرائم الإسرائيلية البيئية في مناطق شرق قطاع غزة عبر رش مبيدات وصفها التقرير بمجهولة المصدر مستغلًا حركة الرياح والتي يتجاوز تأثيرها الأراضي الزراعية إلى المواشي.
واستشهد المقال بالتقرير الحديث الذي نشرته وكالة الأبحاث اللندنيّة "فورنسيك أركيتكتشر", وفيه قدمت تحليلًا لعمليات الرش الجويّ لمبيدات الأعشاب التي قامت بها إسرائيل على طول السياج الفاصل مع قطاع غزة بين الأعوام 2014- 2018.
ويكشف التقرير الذي اعتمد بشكل كبير على أبحاث ميدانيّة وجهود قانونيّة عن اعتراف إسرائيل بتنفيذ 30 عملية رش من الجو خلال 5 سنوات.
ويُظهر التقرير ذاته أن تلك العمليات تمت عندما كانت الرياح شرقيّة، لكي تحمل المواد الكيميائية ذات التركيز العالي والمضر إلى الأراضي في عمق قطاع غزة.
وأوضح القاضي في حديثه لوكالة "قدس برس"، أن الهدف من المقال يتجاوز البعد الشخصي المتعلق بتحقيق إنجاز والفوز بالجائزة إلى بعد أسمى وهو إيصال معاناة الشعب الفلسطيني للعالم بسبب الانتهاكات الإسرائيلية على كل الأصعدة.
وقال: "قد توخينا الحذر والمهنية عند إعداد المقال حتى ننقل الصورة كما هي حتى أقنع من يقرأ بمضمون الرسالة التي أريد إيصالها".
وأكد القاضي أن كل شيء في فلسطين في خطر ولا يقتصر الأمر على البيئة.
وأضاف: "بصفتي كصحفي ومذيع فأنا على متابعة ومواكبة يومية للانتهاكات الإسرائيلية وأن اختيار موضوع البيئة في غزة يستند إلى مرجعية معرفية كافية بالإضافة لعمليات البحث والاتصالات التي أجريتها مع شخصيات ذات صلة بالموضوع".
واستطرد: "نحن نشهد في كل يوم عمليات تجريف للأراضي الزراعية شرق القطاع ونتحدث عن رش للمبيدات بشكل شبه يومي.. نتحدث عن إطلاق نار على المزارعين ومنع لرعاة الأغنام للوصول إلى مناطق الرعي، مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية لا يستطيع المزارعون الوصول إليها".
ودعا إلى إعداد ملف كامل ووضعه أمام المحافل الدولية، يتضمن كافة الانتهاكات الإسرائيلية بحق البيئة الفلسطينية، رغم توقيع العديد من الاتفاقيات التي تنص على حماية البيئة والمناخ.
من جهته، تحدث المصور الفوتوغرافي أحمد كمال والفائز بجائزة أفضل صورة فوتوغرافية عن صورته التي تناولت مشكلة صب المياه العادمة في البحر.
وبيّن كمال في حديث لـ "قدس برس"، أن الحصار الذي يفرضه الاحتلال تسبب بأضرار كبيرة على البنية التحتية في القطاع وخاصة الصرف الصحي بالإضافة لانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.
وتابع: "البحر هو المتنفس الوحيد للناس في غزة، والمحافظة عليه واجب يتحمله الجميع شعبيًا ورسميًا".
ودعا إلى اتخاذ إجراءات لمنع تلويث الشاطئ وأوضح أن الصورة التي شارك بها رسمها قبل عام وأن المشكلة مازالت مستمرة رغم تراجعها.
وعبر عن أمنيته أن يكون مصورًا عالميا ينقل للعالم سحر وجمال قطاع غزة.
بدوره، أوضح رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية "نيد"، أحمد حلس، أن الوضع في غزة صعب ومعقد لعدة أسباب؛ الحصار والحروب وترهل المؤسسات بسبب الانقسام وغياب التمويلات لمعالجة المشكلات سواء البيئية أو الصحية.
ولفت حلس في حديثه لـ "قدس برس"، إلى النمو السكاني الذي يصل إلى 4% بواقع 22000 نسمة في مساحة 378 متر مربع.
وبين أن الواقع البيئي السيء أفرز واقع صحي سيء وانتشار أمراض مرتبطة بالتلوث. مشيرًا إلى وجود 16 ألف حالة سرطان في القطاع.
وعن عمليات الرش التي يقوم بها الاحتلال، أشار إلى أن تأثير هذه المواد محدود في أغلب الأحيان خاصة أن اتجاه الرياح غربية "من الغرب إلى الشرق".
واستشهد بعمليات حرق الإطارات في مسيرات العودة والتي تؤثر على المستوطنات شرق القطاع. مستدركًا: "إسرائيل قد تستغل الرياح الشرقية لرش المبيدات بحيث لا تصل إلى مستوطناته".
وأضاف: "مصادر التلوث في القطاع متعددة ولم نتمكن من معرفة أسباب الحالات المرضية الناتجة عنها، فنحن نتحدث عن تناول أطعمة ربما تفسد في الثلاجة بسبب انقطاع الكهرباء أو بسبب السباحة في بحر ملوث بمياه الصرف الصحي أو بسبب الزراعة بتربة ملوثة أو بسبب انتشار ظاهرة حرق القمامة الصلبة وتأثيرها على الهواء الذي نتنفسه".
وتطرق "حلس" لبعض العادات الخاطئة كاستخدام عصارة القمامة الصلبة واستخدامها في الزراعة لاحتوائها على النتروجين وبعض المعادن إلا أنه بين أن هذه العصارة شديدة السمية.
وشدد أنه من دون إنهاء الانقسام والحصار والاحتلال وفتح مجالات للتمويل للنهوض من خلال مشاريع استراتيجية بالواقع البيئي بشكل محترم "سنبقى نراوح مكاننا وتتعقد أمورنا أكثر فأكثر".
من جهته، قال المهندس بهاء الدين الأغا؛ مدير عام الإدارة العامة لحماية البيئة: "على مدار العقد الماضي تقريبًا تراوحت نسبة طول الشاطئ الملوث إلى طول الشاطئ غير الملوث بين 60 إلى 75% تقريبًا".
وتابع الأغا في تصريحه لـ "قدس برس": "يبلغ طول شاطئ قطاع غزة نحو 41 كلم. حدث إلى نحو 45% وذلك بسبب جهود حكومية لربط كافة محطات الضخ الواقعة على الشاطئ ومحطات المعالجة بخطوط كهرباء مستمرة".
واستدرك: "يبقى هذا التحسن هشًا بصورة بالغة نتيجة لعدة عوامل منها التوفر الحالي للمنحة القطرية لتوفير وقود لمحطة كهرباء غزة وهو ما يحافظ على برنامج كهرباء".
وأكد: "في حال توقفت هذه المنحة، وهو وارد تمامًا، سيحدث تراجع دراماتيكي في جودة الشاطئ ليعود طول الشاطئ الملوث لأكثر من 75%".
وعن الأضرار البيئية والصحية والاقتصادية لتلوث الشاطئ، أفاد: "يكفي أن نشير هنا إلى أن تلوث الشاطئ يحرم مئات آلاف الفلسطينيين في غزة من الاستمتاع بشاطئ البحر، في حين أن كثيرًا منهم يسبحون في المياه الملوثة وغالبًا ما يصابون بأمراض نتيجة لذلك".
ونوه: "تتراوح هذه الأمراض بين التهابات وحساسية الجلد أو التهابات الأذن الوسطى أو التهابات الجهاز التنفسي أو الهضمي والإصابة بالإسهال وغيرها".
وبين أن العمل جار حاليًا على تشغيل 3 محطات معالجة مركزية لمعالجة مياه الصرف الصحي ويفترض أن تعمل كلها قبل موسم الاصطياف القادم في 2020.
وأكد: "لو تحقق هذا الفرض ستنتهي تقريبًا هذه المشكلة".
واستدرك: "لكن تبقى الأوضاع في غزة دائمًا هشة ومتقلبة خصوصًا عندما نعلم أن تشغيل هذه المحطات الثلاث المركزية الجديدة والتي استمر العمل على إنشاؤها سنوات عديدة ستبقى عرضة أيضًا لمشكلة توفر الكهرباء!".
وأشار إلى وجود برامج توعية ولكنها غير كافية.
وأضاف: "لدينا برنامج لمراقبة جودة الشاطئ بالتعاون مع وزارة الصحة حيث نفحص كل شهر أو يزيد جودة مياه الشاطئ وننشر خرائط بالمناطق الملوثة والمناطق الآمنة للسباحة".