شعار (أرض بلا شعب) تبنته الحركة الصهيونية منذ البداية حيث عملت الحركة الصهيونية علي تنفيذ عملي لهذا الشعار مستخدمة كل الوسائل الممكنة من اجل تطبيقه عمليا على ارض الواقع وقامت بتهجير ابناء الشعب الفلسطيني من ارضهم عبر ارتكابها المجازر بحقهم وترويعهم لاقتلاعهم من أرضهم، واليوم يعود الاحتلال الاسرائيلي ومؤسسات المجتمع العنصرية المتطرفة لدى حكومة الاحتلال لتنادى بتهجير ابناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة وفتح ابواب الهجرة وتقديم اغراءات مادية للدول التى تستعد لاستقبال المهاجرين من ابناء قطاع غزة، بل دعت بعض القيادات الامنية والسياسية المتطرفة لدى الاحتلال الى تقديم تسهيلات من اجل تسفيرهم، وبدأت تعلو الأصوات العنصرية التي تنادى وتطالب بتسهيل مغادرة ابناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة الى عدة دول ويعكس هذا التوجه الى فرض سياسة جديدة تتناغم مع ما وصلت اليه معدلات البطالة وما الت اليه سياسات حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ احدى عشره عاما وتتحكم بمجريات الاوضاع ووصلت الامور معها الى طريق مسدود من ارتفاع للبطالة وانسداد الافق، ومع انعدام فرص العمل والمستقبل في قطاع غزة لتبدأ تطرح الاحزاب الاسرائيلية وتعود لتنادى بتوفير السبل لفتح الطريق وتقديم الاغراءات لتسهيل مغادرة الشباب من قطاع غزة باتجاه واحد فقط مما يعكس جوهر الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتعود حكومة الاحتلال العسكري الاسرائيلي لتطرح شعار ارض بلا شعب كهدف استراتيجي لها بدلا من العمل لتوفير فرص تحقيق السلام المبني على اقامة الدولة الفلسطينية ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه بالعيش بحرية اسوة بشعوب المنطقة .
وليس غريبا على المستوى الرسمي الإسرائيلي طرح تهجير الفلسطينيين فهذه السياسة هي سياسة اسرائيلية مارستها حكومة الاحتلال العسكري الاسرائيلي منذ احتلالها لفلسطين، ولم تكن سياسة جديدة لكن عودتها لطرحها وتبنيها من قبل المستوى السياسي لدى حكومة الاحتلال وبالشكل العلني وفى هذا الوقت بالذات يعكس في جوهره الاهداف الخبيثة التى تسعى سلطات الاحتلال لتحقيقها وهي افراغ الارض الفلسطينية من ابناء الشعب الفلسطيني وتخفيف الاحتقان فى قطاع غزة وإجراء تسويه شاملة مع العائلات والاتحادات في الضفة الغربية من خلال مشاريع الضم للضفة الغربية وتوسيع المستوطنات القائمة التي باتت تنادى فيها الاحزاب الاسرائيلية المتطرفة بدعم الادارة الامريكية والعمل ايضا الى التوصل لتسوية مع حركة حماس في قطاع غزة ما يعرف بتهدئة طويلة الأمد، فلذلك مخطط افراغ الشباب وتخفيف الضغط المتواجد في قطاع غزة يضمن سهولة التوصل الى هذه التوصيات بشكل او بأخر والعمل على توفير السبل والتسهيلات الممكنة لمغادرة الشباب الفلسطينيين وخاصة من قطاع غزة، وقد عملت سلطات الحكم العسكري على تهويد المدن والقرى التي دمرتها العصابات الصهيونية، وغيرت من شكلها ونمطها العربي وغيرت اسمائها وعملت عبر سلسلة من المجازر الارهابية البشعة على تهجير أكبر قدر من ابناء الشعب الفلسطيني من ارضهم ووطنهم الاصلي فلسطين، وألان ما يتم طرحه ليس بعيدا عن هذه السياسة التي تعمل حكومة الاحتلال وأجهزتها الامنية منذ ذلك الوقت حتى الان على تهجير الفلسطينيين من وطنهم بطرق ووسائل مختلفة سرية وعلنية وتقوم اجهزة مخابرات الاحتلال وبطرق متنوعة لتدعم تهجير ابناء الشعب الفلسطيني ومنعهم من العودة وقد حرم الكثير من حق العودة الى وطنهم بالرغم من حصولهم وتسجيلهم كمواطنين مقيمين منذ عام 1967 ولكنها لم تلتزم بعودة كل من خرج من قطاع غزة او الضفة الغربية ولم يتمكن من العودة قبل ثلاث سنوات حيث يمنع من العودة وتلغى رقم الهوية الخاص به ويصبح وفقا لقوانين الاحتلال نازح عن ارضه ولتبدأ مشكلة جديدة يطلق عليها اسم النازحين الي جانب المشكلة الاساسية وهي مشكلة اللاجئين .
إننا نقف الان امام هذه المخططات الاسرائيلية وسياسة التهجير الاسرائيلية الهمجية وما يتم طرحه من قبل سلطات الاحتلال لا بد من مواجهته بحكمة ووطنية عالية والعمل فورا على اجراء تقييم شامل ووطني علي الصعيد الفلسطيني من قبل الفصائل والمؤسسات الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني وصياغة اسس لمواجهة هذه المخططات التي تمس بروح الصمود والنضال الفلسطيني والعمل على الرد السريع على هذه المخططات التدميرية للمشروع الوطني الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وانه حان الوقت فعلا الى إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل قطاع غزة من خلال الاسراع فورا بالانتقال الى اقصر الطرق للحلول وهى تجسيد الوحدة الوطنية على اساس التزام واضح من الجميع بتنفيذ اتفاق 2017 الذي عقد ووقع برعاية مصرية، دون اي شروط او معوقات من أحد ومن اجل مواجهة صفقة القرن ومخاطر التهجير الجديدة التي باتت تواجه الشعب الفلسطيني .
إن إنهاء الانقسام وآثار الانقلاب يعد مصلحة وطنية عليا وأساس لمواجهة التحديات التي أمامنا ومواجهة تطرف حكومة الاحتلال وفى مقدمة ذلك كله العمل على تمكين الحكومة الفلسطينية برئاسة الدكتور محمد اشتية من بسط سيادتها وسيطرتها الكاملة على قطاع غزة كما فى الضفة الغربية وإعطائها فرصة العمل لحل أزمات غزة، وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة هو أساس إنهاء الانقسام والتصدي لمخطط تهجير ابناء قطاع غزة حيث بدأت الاوساط الاسرائيلية العمل على تطبيقه.
بقلم/ سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية