لا يمكن مناقشة الأزمة التي إفتعلتها وزارة العمل اللبنانية بدءاً من منتصف شهر تموز (يوليو) 2019 بشأن العمال الفلسطينيين في لبنان، إلا في اطار الصراعات والإنقسامات السياسية والطائفية التي يعيشها لبنان منذ زمن، والتي ينتمي جزء كبير منها إلى مربع الصراعات الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وما تتعرض له من محاولات أمريكية وإسرائيلية لتصفيتها..
وإن كانت المشكلة – الأزمة بين وزارة العمل واللاجئين الفلسطينيين في لبنان قد إنفجرت، شكليا، نتيجة إجراءات وزير أطلق خطة تحت عنوان «مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية» وصفها كثيرون أنها إرتجالية، تفتقد للموضوعية، وتستهدف فئة بشرية بعينها، إلا أن جذور هذه الأزمة تعود إلى عقود مضت، وتتعلق بشكل مباشر بقصور القوانين اللبنانية عن التعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفق خصوصيتهم التاريخية والسياسية والقانونية باعتبارهم جزء من شعب هُجِّر عام 1948 من أرضه في سياق تاريخي معروف:
ثانياً- العمالة الفلسطينية ومنظومة القوانين اللبنانية
(1)
غياب التشريعات الداخلية وقصور بعضها
■ بإلقاء نظرة سريعة على القوانين اللبنانية، يتضح أنه ليس هناك من قانون واحد يتعاطى مع اللاجئين الفلسطينيين إنطلاقاً مما يميّزهم عن بقية المقيمين في لبنان من غير المواطنين اللبنانين. وباستثناء ما أصدرته المؤسسات اللبنانية من قوانين تُعنى بإنشاء هيئات ومديريات تتابع أوضاع اللاجئين الفلسطينيين القادمين إلى لبنان في تهجير جماعي عام 1948 وبعده، فلا يمكن القول إن هناك قوانين تتعاطى مع هذه الجموع كفئة خاصة لها وضعيتها التاريخية والقانونية، بل تميَّز لبنان عن غيره من الدول العربية المضيفة للاجئين، بأن ليس لديه تعريف خاص للاجيء الفلسطيني، وعلى هذه المعضلة تتأسس الممارسات الإقصائية والتمييزية ضد اللاجئين الفلسطينيين..
فمنذ عام 1948 وحتى اليوم، لم يُلمس أن المؤسسات الرسمية اللبنانية أعطت موضوع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الأهمية الذي يستحق لجهة تنظيم أوضاعهم القانونية. وكل ما حصل كان عبارة عن مرسوم هنا، وإجراء هناك، هدفت جميعها إلى تطوير أسلوب الإمساك بالأعداد الكبيرة من اللاجئين. ولهذه الغاية صدر بداية المرسوم رقم 11657 بتاريخ 26/4/1948 الذي إنحصرت أهدافه بتشكيل لجان مركزية وإقليمية يناط بها الإهتمام بجميع شؤون القادمين من فلسطين إلى لبنان، لجهة إحصائهم وتأمين إيوائهم وإعاشتهم والعناية بأحوالهم الصحية.
■ بتاريخ 31/3/1959 صدر المرسوم رقم 42 الذي أنشأ «إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين» في إطار وزارة الداخلية والبلديات، وهي إدارة وظيفتها الإهتمام باللاجئين الفلسطينيين لجهة عمليات القيد والإحصاء ومنح بطاقات التعريف وغير ذلك من أمور.. وفي التاريخ نفسه صدر المرسوم رقم 927 الذي حدد مهام هذه الإدارة حاصراً إياها بالقضايا التالية: إعانة اللاجئين الفلسطينيين وإيوائهم والعناية بشؤونهم الصحية والإجتماعية بالتنسيق مع الأونروا، وتنظيم طلبات الحصول على جوازات سفر وقضايا تنظيمية أخرى..
أما حديثا، فقد صدر المرسوم رقم 4082 تاريخ 4/10/2000 المتعلق بتنظيم وزارة الداخلية والبلديات والذي تعدلت بموجبه تسمية «إدارة شؤون اللاجئين» لتصبح «مديرية الشؤون السياسية واللاجئين»، ومصطلح اللاجئين لا يقتصر على اللاجئين الفلسطينيين، بل يشمل جميع حالات اللجوء في لبنان، مما وضع قضية اللاجئين الفلسطينيين، بنظر التشريع اللبناني، على سوية قضايا اللجوء واللاجئين الأخرى.
■ في العام 2005 أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 89/2005 الذي أنشأ لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، وهي لجنة تعمل بمرجعية رئيس الحكومة ومهمتها التنسيق بين الوزارات المختلفة، خاصة تلك التي تقع على تماس مباشر مع موضوع الفلسطينيين المقيمين في لبنان، وهي تهدف إلى تحسين ظروف حياة اللاجئين الفلسطينيين وتأمين حياة كريمة لهم. غير أن صلاحيات وقرارات هذه اللجنة تبقى قرارات إستشارية وليست ملزمة، وتتشكل من مندوبين عن الوزارات التالية: العمل، الداخلية، الشؤون الإجتماعية، الدفاع الوطني، الخارجية، العدل، الصحة، الطاقة، والمياه.
لذلك، فإن وجود جميع اللاجئين الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية هو وجود قانوني ومُشَرَّع بموجب بطاقة صادرة عن «مديرية الشؤون السياسية واللاجئين»، وهي تتشابه من حيث التعريف والتسجيل مع بطاقة المواطنين اللبنانيين، غير أنها تختلف عن بطاقات الإقامة الممنوحة للأجانب لكونها بطاقة دائمة تمنح للاجيء تلقائيا بمجرد ولادته من أب لاجيء مقيم في لبنان.. وبهذا المعنى فإن قيود اللاجئين الفلسطينيين هي مسألة منظمة من قبل المؤسسات اللبنانية، رغم أن هناك أكثر من حالة فلسطينية تقيم في لبنان، ولكل منها وضع قانوني مختلف عن الأخرى.
■ يلاحظ من خلال التشريعات السابقة أن جميعها لا تتطرق إلى تنظيم الأوضاع القانونية للاجئين، كما لا تتطرق إلى أوضاعهم الإقتصادية والإجتماعية، وأن جميع ما صدر كان عبارة عن مراسيم وليس قوانين، وثمة فارق بين الإثنين: فالقانون يصدر عن البرلمان الممثل لكل الشعب ويحدد المباديء العامة لكيفية تعاطي مؤسسات الدولة مع قضية أو قضايا ما؛ أما المرسوم فهو يصدر عن رئيس السلطة التنفيذية، رئيس جمهورية أو حكومة، ويتعلق بمسائل تنظيمية فحسب، ليس بالضرورة أن تتسم بصفة الشمولية، بل هي تتعلق بقضية أو قضايا مباشرة كالتعيينات مثلاً، أو تشكيل هيئات ولجان وغير ذلك.
وليس صدفة أن لبنان الرسمي لم يتعاطَ مع الوجود الفلسطيني في لبنان إستنادا إلى قوانين تحدد حقوق وواجبات هذا التجمع البشري تجاه الدولة ومؤسساتها، وتحدد أيضا واجبات الدولة تجاه فئة كبيرة تقيم على أرضها.. بل إن كان اللاجئون الفلسطينيون ملتزمون باحترام قوانين الدولة ومؤسساتها، خاصة تلك التي تتصف بالشمولية، كقوانين السير مثلاً والقوانين العامة، التي تحفظ المجتمع وتطبق عليهم جميع القوانين كقوانين الضرائب مثلاً، والعقوبات، وغير ذلك من قوانين تسري عادة على كل من يقيم فوق الأرض اللبنانية، والتي تمارسها الدولة عادة إنطلاقا من صلاحياتها السيادية. وفي هذا الإطار نلاحظ أن كثيراً من القوانين، نظراً لغياب القوانين الخاصة باللاجئين، فإنها تطبق بالتفسير الإستنسابي السلبي، ما يجعل حقوق الفلسطيني عُرضة للإنتهاك الدائم، وهذا ما يطلق عليه الفلسطيني عادة ظلم وتشدد القوانين اللبنانية حياله، رغم أن فلسفة القانون تقول أن القاضي حين تعرض عليه قضية لا قانون تفسيري لها، يؤخذ بالتفسير الإيجابي للقانون ولصالح المواطن، وليس العكس. وهذا ما لم يحصل بالنسبة للاجيء الفلسطيني■
(2)
الواقع القانوني لعمل الفلسطينيين في لبنان
■ صرَّحت وزارة العمل اللبنانية في أكثر من مناسبة أن الإجراءات التي تطبقها الوزارة ليست موجهة ضد الفلسطينيين، وهي إجراءات لا تستثني أي جنسية، بل أن الوزارة والوزير يطبقون القانون لا أكثر ولا أقل. وقد تكرر مثل هذا الكلام أكثر من مرة، فيما إعتبرت قوى سياسية لبنانية والبعض من وسائل الأعلام، بأن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في تحركاتهم الشعبية الرافضة لإجراءات وزارة العمل، إنما يرفضون تطبيق القانون اللبناني. فعن أية قوانين يتحدث وزير ووزارة العمل وبعض هذه القوى، وما هي نصوصها؟
الإجابة تتضح من خلال ما يلي: رغم أنه ليس هناك من قوانين تتعلق باللاجئين الفلسطينيين حصراً، كما سبقت الإشارة، إلا أن هناك الكثير من القوانين، وبالتفسيرات الإستنسابية، تنطلق في تعاطيها مع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين باعتبارهم أجانب.. ومن هذه القوانين:
1- قانون تنظيم الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه، وتعديلاته، الصادر في 10 تموز(يوليو) 1962، الذي يقول في مادته الأولى: «يعتبر أجنبيا كل شخص حقيقي من غير التابعية اللبنانية»؛ كما تحظر المادة 25 منه على «الأجنبي غير الفنان أن يتعاطى عملاً أو مهنة في لبنان ما لم يكن مرخصا له بذلك من وزارة العمل وفقا للقوانين والأنظمة النافذة».
2- مرسوم تنظيم عمل الأجانب رقم 17561 الصادر في 18 أيلول(سبتمبر) 1964 وتعديلاته، الذي نص في مادته الثانية: «على كل أجنبي يرغب في الدخول إلى لبنان لتعاطي مهنة أو عمل، بأجر أو بدون أجر، أن يحصل مسبقا على موافقة وزارة العمل قبل مجيئه إليه».
3- قانون العمل اللبناني في 23/9/1964 وتعديلاته المختلفة، ينص في مادته رقم 59 على أن «يتمتع الأجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون شرط المعاملة بالمثل ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل على إجازة عمل».
4- قانون الضمان الإجتماعي بتاريخ 14 أيار(مايو) 1969، ينص على أن «لا يستفيد الأجراء الأجانب الذين يعملون على أراضي الجمهورية اللبنانية من أحكام هذا القانون في بعض أو جميع فروع الضمان الإجتماعي إلا بشرط أن تكون الدولة التي ينتسبون إليها تقر للبنانيين مبدأ المساواة في المعاملة مع رعاياها فيما يتعلق بالضمان الإجتماعي. على الأجراء الأجانب أن يكونوا حائزين مبدئيا على رخصة عمل ليخضعوا لأحكام هذا القانون».
■ من خلال التدقيق في مصطلح «أجنبي» كما هو وارد بأكثر من مكان في النصوص القانونية الوارد ذكرها، يتأكد، بلا أدنى عناء، أن هذا المصطلح لا ينطبق على اللاجيء الفلسطيني، ولم يكن قصد المشرِّع اللبناني تطبيقه على الفلسطيني بدليل قانون تنظيم دخول الأجانب الذي يكثر من مصطلحات: الدخول إلى لبنان، مراكز الأمن العام، وثائق السفر، سمة المرور، الإقامة، وغير ذلك من مصطلحات لا يمكن تطبيقها إلا على أشخاص يقيمون خارج لبنان ويودون الدخول إليه بقصد العمل أو السياحة أو لأسباب سياسية ودبلوماسية؛ ولو كانت نية المشترع غير ذلك لأشار صراحة إلى الفلسطينيين، كما فعلت التعديلات القانونية عام 2010 بذكر الفلسطيني صراحة في النص.
■ ونظراً لقصور هذه النصوص القانونية وصعوبة تطبيقها على العمال الفلسطينيين بشكل خاص، وعلى اللاجئين بشكل عام، إضافة إلى تلمس تيارات وقطاعات سياسية وشعبية واسعة من الشعب اللبناني حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان، فقد بادرت بعض الكتل النيابية في العام 2010 إلى اقتراح تعديلات قانونية لتصحيح هذا الواقع القانوني الذي أثبت قصوره المجحف في التعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين وأوضاعهم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، وبات هذا الواقع سببا مباشراً لممارسة أشكال من القهر والتمييز ضد جماعة بشرية مشكلتها أن ليس هناك من نصوص واضحة تحمي حقوقها في دولة يقيمون على أرضها إقامة دائمة بشكل قانوني.
■ قد يكون هذا الواقع المرير وغيره من أسباب قانونية وسياسية، محلية وخارجية دفعت بعض القوى لاقتراح التعديلات على القوانين الموجودة، فعقد مجلس النواب جلسة بهيئته العامة بتاريخ 15/6/2010 لمناقشة أربعة مشاريع قوانين تقدمت بها كتلة اللقاء الديمقراطي حول «حق العمل والتملك وإلغاء مبدأ المعاملة بالمثل واستفادة العمال الفلسطينيين من تقديمات صندوق الضمان الإجتماعي»، إضافة إلى مشروع قانون من كتلة الحزب السوري القومي الإجتماعي لإقرار الحقوق الإنسانية كسلة متكاملة في قانون واحد (راجع مشاريع القوانين المقدمة في الملحقين II و III في نهاية هذا الفصل).
وقد شكلت تلك الجلسة مرآة لنظرة المجتمع اللبناني، في ظل الإنقسامات السياسية والإصطفافات الطائفية التي يعيشها، إلى الفلسطينيين وإلى حقوقهم الإنسانية، وترجمة هذه النظرة بـ «هواجس» تشكل اللبنة الرئيسية لكل الحملات التي توصف من قبل الفلسطينيين بأنها حملات تحريض مقصودة، سرعان ما تتحول إلى مادة سجالية في مختلف الأوساط المحلية اللبنانية والفلسطينية، وسرعان ما تنتقل إلى الشارع لتأخذ أبعاداً أكثر خطورة، سواء في فهم بعض اللبنانيين ونظرتهم إلى الملف الفلسطيني في لبنان، أو في التعاطي اليومي بين اللبنانيين والفلسطينيين■
(3)
نتائج أعمال لجنة الإدارة والعدل النيابية
■ على مدى إجتماعات ماراثونية إمتدت لسنة، ناقشت لجنة الإدارة والعدل النيابية مشاريع القانونين 128 و129، أضافت وحذفت وعَدَّلت، إلى أن أقرت تعديلات قانونية بصيغتها المعروفة. وبغض النظر عما أثارته تلك التعديلات من ردود فعل وتعليقات ومواقف متباينة، على نسق الخارطة السياسية اللبنانية، بتضاريسها المعروفة، سياسياً، وطائفياً، فإن لجنة الإدارة والعدل والمجلس النيابي، لم يستطيعا تجاهل واجبات لبنان نحو اللاجئين الفلسطينيين، فأقرت الجلسة العامة للبرلمان اللبناني التالي:
1- تأجيل مشروع القانون المتعلق باكتساب الفلسطينيين الحقوق العينية العقارية بذريعة أن منح الفلسطينيين حق التملك يتناقض مع مقدمة الدستور لناحية رفض التوطين على ما جاء على لسان أكثر من نائب لبناني، خاصة المسيحيين منهم، وكأن التوطين أمر يتعلق فيما إذا تملك اللاجيء الفلسطيني شقة السكن أم لا (!).
2- أما بشأن تعديل المادة 9 من قانون الضمان الإجتماعي فقد رفض النواب المشاركون في لجنة الإدارة والعدل الإقتراح المقدم باستفادة العمال الفلسطينيين من تقديمات الصندوق، وجاء نص التعديل على الشكل التالي: «تعدَّل الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من قانون الضمان الإجتماعي، بحيث تصبح كما يلي: «يخضع اللاجيء الفلسطيني العامل المقيم في لبنان والمسجل في مديرية الشؤون السياسية واللاجئين - وزارة الداخلية والبلديات – إلى أحكام قانون العمل دون سواه لجهة تعويض نهاية الخدمة وطواريء العمل» و«لا يستفيد المشمول بأحكام هذا القانون من تقديمات صندوق ضمان المرض والأمومة والتقديمات العائلية»، أي أن الجديد هو إضافة تعبير العامل الفلسطيني، ولكن، (الفلسطيني) لن يُسجَّل في صندوق الضمان، بل يُفرد له حساب خاص، ولن يستفيد من تعويضاته إلا من خلال ما يساهم به هو ورب العمل عبر صندوق تعويضات نهاية الخدمة.
3- وفيما يتعلق بالمادة 59 من قانون العمل، فقد أصبحت على الشكل الآتي: «يتمتع الأجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون شرط المعاملة بالمثل، ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل على إجازة عمل. يُستثنى حصراً الأجراء الفلسطينيون اللاجئون المسجلون وفقا للأصول في سجلات وزارة الداخلية والبلديات - مديرية الشؤون السياسية واللاجئين - من شروط المعاملة بالمثل، ومن رسم إجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل».
■ وهكذا تكون لجنة الإدارة والعدل النيابية قد أقرت التالي:
1- إلغاء مبدأ المعاملة بالمثل بما خص حق العمل للأجراء.
2- الإبقاء على إجازة العمل، وإلغاء الرسوم التي كانت مفروضة على العامل الفلسطيني.
3- إبقاء العامل الفلسطيني خاضعا كليا لقانون العمل، وإعفاء صندوق الضمان الإجتماعي من أية تقديمات تجاه العمال الفلسطينيين وإحالة الأمر إلى وكالة الغوث باعتبارها المسؤولة عن رعاية اللاجئين الفلسطينيين في شتَّى المجالات الطبية والصحية والتربوية والتقديمات الإجتماعية.
4- تبقى أحكام قانون العمل سارية المفعول تجاه الفلسطيني بالنسبة لتعويض نهاية الخدمة الذي يبقى على مسؤولية العامل اللاجيء ورب العمل■
(4)
تعديلات البرلمان اللبناني
■ إنطلاقا من ذلك، فإن ما خَلُصَ اليه البرلمان اللبناني يبقى منقوصا في كثير من الأمور، ولم يصل المجلس في مقرراته إلى الحد الأدنى من الحقوق التي كان اللاجئون الفلسطينيون وغيرهم يطالبون الدولة اللبنانية بإقرارها. وما عبَّر عنه اللاجئون في حينه من تحفظ ورفض لما جاء في التعديلات القانونية أتت الأيام لتثبت صحته، وليتأكد أن تلك التعديلات، رغم نواقصها، إلا أنها وضعت كي لا تنفذ، بدليل وجودها في أدراج وزارة العمل منذ إقرارها عام 2010 وحتى اليوم دون أن توضع لها المراسيم التنظيمية، وأيضا دون أن تكلف الكتل النيابية التي صادقت عليها نفسها عناء السؤال أين أصبحت هذه التعديلات.
■ وكخلاصة، فإن تعديلات البرلمان اللبناني، وإن كانت تشكل خطوة محدودة جداً، إلا أنها بقيت ناقصة وجزئية، بعد أن إختصرت الحقوق الإنسانية بحق العمل فقط وبشكل مجزوء أيضا، وهي تعديلات لم تستجب إلى الحد الأدنى من الحقوق التي كان يطالب بها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان. ومن بينها حق تملك شقة للسكن، وإلغاء إجازة العمل، والحق في ممارسة المهن الحرة (كالطب، والمحاماة، والصيدلة، والهندسة، وغيرها)، وحق العامل في الإفادة من صندوق الضمان الإجتماعي بجميع فروعه، دون أن يمس ذلك حقه في الإفادة من خدمات الأونروا، أو أن يؤثر على وضعه القانوني كلاجيء، أو أن يفسر على أنه شكل من أشكال التوطين، أو تمهيداً له■
بقلم/ فتحي كليب
أيلول (سبتمبر) 2019
لأية ملاحظات او استفسارات او لطلب الدراسة كاملة، الرجاء التواصل على العنوان التالي: