نميمة البلد: اسراء وكشف العورة ... ودستورية “بحر“

بقلم: جهاد حرب

(1)   اسراء وكشف العورة

أغلقت النيابة العامة الفصل الأول في قضية اسراء غريب بإنهاء تحقيقاتها وإعلان طبيعة الجريمة والمتهمين بها. لكن وفاة اسراء كشفت عورة المجتمع والنظام في المؤسسة وخارجها بمعنى آخر الاستخلاص الأهم، في ظني، يتعلق في كيفية التعامل مع العنف المسلط على النساء ومعالجته، وجاهزية المؤسسات وبنيتها الثقافية، وقدرتهم على التعامل مع هذا النوع من العنف.

فتحت قضية اسراء غريب، وهي قصة مقابل قصص غير محدودة في زوايا البلاد غير مفصح عنها ضحاياها نساء عاجزات عن البوح، النقاش لما هو ابعد من عملية القتل المادي، والضرب المؤدي الى القتل، ووضعت على الطاولة من جديد نصوص القوانين المتعلقة بالعقوبات والصحة والعمل وقانون الأحوال الشخصية، وتعامل المؤسسات واجراءاتها كالجهاز الطبي مع مثل هكذا حالات ودوائر الطب الشرعي وتقادم إجراءات المحاكم الشرعية وطرق اعتماد البيّنات فيها، وغياب الارادة السياسية للحكومات لإصدار قانون حماية المرأة من العنف "حماية الاسرة من العنف". أي بمعنى آخر إعادة النظر بالتركة القانونية البائدة والبينة المؤسسية المتهالكة المتعلقة بمواجهة العنف المسلط على النساء.

 

(2)   دستورية "بحر" الزمان والنص

اعلان د. احمد بحر بانتهاء ولاية الرئيس محمود عباس دستوريا، يحتاج هذا الامر الى نقاش من زاويتين الأولى التوقيت الزماني والثانية النص القانوني. في ظني أن بحر قد خسر قبول أو انجذاب الفلسطينيين لاختياره التوقيت الخاطئ قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرب اجراء الانتخابات الإسرائيلية. يبدو واضحا ان هناك خطأ لدى بحر في فهم طبيعة مشاركة الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، وليس فقط في الجمعية العامة، فهو "أي الرئيس" يمثل دولة فلسطين ما فوق السلطة الفلسطينية أكبر منها قيمة وهدفا، وهو يمثلها بصفته رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها منذ العام 1974 من قبل الجمعية العامة في الأمم المتحدة ممثلة للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجه الاوسع تمثيلا ومكانة.

أما حديث "دستورية بحر" فإنه يخالف النظام القانوني ذاته الذي تم انتخاب بحر على أساسه، فإنهاء ولاية الرئيس محمود عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية في الحالة الخاصة للمجلس التشريعي المنتخب عام 2005 تعني بوضوح انهاء المجلس التشريعي؛ فالمادة 111 من قانون الانتخابات تربط انتهاء ولاية الرئيس بانتهاء ولاية المجلس التشريعي، وهو بذلك "بحر" كمن يطلق الرصاص على رجليه. ويكشف مدى هشاشة وضعه الدستوري والقانوني. ناهيك عن الامعان في التفسير الخاطئ لأحكام المادة 47 مكرر التي تشترط لاستمرار ولاية "المجلس الحالي" وجود مجلس تشريعي منتخب ينتظر حلف اليمين الدستوري لبدء عمله. ان عدم توفر هذا الشرط تنطبق على ولاية المجلس التشريعي احكام المادة 47 التي تنص على مدة المجلس التشريعي فقد أربع سنوات أي أن المجلس الذي يتحدث عنه بحر قد مات منذ عام 2010.

في ظني لو أن بحر طالب ودعا الرئيس محمود عباس لإعلان وتحديد موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية لكان خيرا وأحسن عملا ومخرجا لحالة عدم الدستورية وانعدام الشرعية والمشروعية في البلاد. 

جهاد حرب