ارتكبت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية جريمة جديدة بحق الأسرى الفلسطينيين وهو لحظة تلقي نبأ استشهاد الأسير بسام السايح الأحد الماضي، بعد أربعة أعوام من "القتل البطيء" داخل سجون الاحتلال، وذلك بعد تدهور وضعه الصحي "بمشفى سجن الرملة" حيث كان يخضع للعلاج منذ عدة أشهر، الأمر الذي شكل صدمة لعائلته وزوجته التي حرمت من زيارته منذ سنوات دون أي مبرر لذلك.
في الحقيقة، وما نراه على أرض الواقع أن هناك حالة من الصمت واللامبالاة وعدم التحرك الجدي والفعال من قبل مؤسسات حقوق الإنسان إزاء الانتهاكات وما ترتكبه إدارة سجون الاحتلال من سياسيات إقصائية كل يوم من ضرب متعمد وإهمال وعدم تقديم العلاج المناسب والضروري للأسرى المرضى، ما يشكل خطراً كبيراً على حياتهم، ويجعلهم أكثر عرضة للقتل المتعمد كما حدث مع السايح وغيرهم من الأسرى الذين ماتوا في الأسر دون محاسبة الاحتلال على جرائمه.
وبعد استشهاد السايح، شهدت عدد من السجون الإسرائيلية التي يقبع فيها الأسرى حالة من الغضب، حيث علت التكبيرات والهتافات المنددة باستشهاد رفيق دربهم في الأسر وسط دعوات للتصعيد، وإغلاق أقسام السجون كافة وإرجاع وجبات الطعام اليوم.
إنها خطوة بالاتجاه الصحيح ومتوقعة من قبل الأسرى بعد استشهاد زميلهم السايح وسياسية الإهمال الذي تعرض لها من قبل إدارة سجون الاحتلال، ما يطرح تساؤلاً من يقف مع الأسرى وحقوقهم ومن يوقف هذه الهجمة الإسرائيلية الخطيرة المتبعة بحقهم؟ تساؤلات كثيرة بحاجة إلى إجابة من قبل صناع القرار وجمعيات حقوق الإنسان التي ترعى بحقوق الأسرى.
علينا أن نعترف بالواقع وتضحيات الأسرى الذي قدموها من أجل الشعب الفلسطيني والدفاع عن مقدساته، فضحوا بكل شيئ من أجل هذا الوطن المغتصب في أيدى الصهاينة، فمنهم من أضاع شبابه في المعتقل ومنهم من حرم من رؤية عائلته واحتضان زوجته وأبنائه، بسبب سياسات الاحتلال العنصرية بحقهم.
المتابع للإعلام المحلي، يرى أن الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي يعانون انتهاكات جمة، سواء على صعيد إدارة مصلحة السجون، أو من خلال سياسة الاحتلال، بالإضافة إلى القوانين التي تقدم في الكنيست ضدهم، وضد عائلاتهم، الأمر الذي يزيد من آلام الأسرى ومعاناتهم.
على القيادة الفلسطينية التحرك الجاد والفعال من أجل الدفاع عن حقوق الأسرى في سجون الاحتلال الذي يتعرضون كل يوم لانتهاكات جمة وتنقيص على حياتهم والدعوة لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لتقديم شكوى طارئة بعد استشهاد الأسير السايح وغيرهم من الأسرى الذي ماتوا ضحية الإهمال المتعمد داخل السجون.
ليست المرة الأولى الذي يقدم عليها إدارة سجون الاحتلال من انتهاكات بحق الأسرى من قتل متعمد وإهمال بحق الأسرى بل أمتد الأمر إلى باقي السجون، كالعزل الانفرادي وحرمان الكثير من الأسرى من رؤية أبناءهم وعائلاتهم، بل امتد الأمر إلى عدم تقديم العلاج اللازم لهم.
وتواجه الحركة الأسيرة كل يوم خطراً كبيرًا حيث تزيد سلطات الاحتلال في انتهاكاتها وتصعد من جرائمها بعد أن تحولت سجونها إلى ساحات للقمع والاعتداءات والقتل البطيء وأماكن للإهانة والإذلال والتعذيب الممنهج وزرع الأمراض العديدة.
رسالتي إلى الفصائل الفلسطينية بعدم الاكتفاء بالشعارات والتصريحات التي لا فائدة منها وهدر للوقت، بل عليها الدعوة إلى أوسع حركة تضامن مع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال وتفعيل النشاط بين أحرار العالم والمؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني التي تنادي باحترام حقوق الإنسان للضغط على سلطات الاحتلال من أجل الاستجابة لمطالب الأسرى، لتعرية المحتل وكشف جرائمه.
وأخيراً علينا، تفعيل الشارع الفلسطيني شعبياً وفصائلياً، ليكون داعماً لأسرى الحرية، وتنسيق الجهود والتعاون مع منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الحقوقية والإنسانية، لإحداث نقلة جدية في التعامل مع ملف الأسرى، بل ودفع المحكمة الجنائية الدولية إلى البدء بفتح تحقيق في الجرائم التي اقترفت وما زالت بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فمعظم الحالات المرضية داخل السجون من صناعة إدارة المعتقلات التي حرمت الأسرى من كل أصناف العلاج، وجعلت منهم مشاريع موت.
الكاتب والصحفي محمود غانم