من أوسلو إلى صفقة القرن .. لا لإلغاء اتفاق أوسلو

بقلم: ناهض زقوت

منذ فترة تتعالى الأصوات الفلسطينية المطالبة بإلغاء اتفاق أوسلو، وجعلوا عنوان جمعة مسيرة العودة المطالبة بإلغاء اتفاق أوسلو من تاريخهم. فإذا كان اتفاق أوسلو جريمة في نظركم، فالإلغاء جريمة أكبر لأن معناه الدخول في حالة من الفوضى السياسية، وتوقيع اتفاقيات جديدة.
إذا شطبنا أوسلو من تاريخنا ... ما هو مصير الامتيازات التي حققها أوسلو من وزارات ومؤسسات أمنية وشرطية، ومجلس تشريعي، وجواز سفر، ورتب عسكرية، ودرجات وظيفية عليا، وموازنات مالية، ومساعدات عبر المعابر، وتجارات وشركات ومصانع.
إذا شطبنا أوسلو ... هل ستتحرر فلسطين في اليوم التالي؟!.
إلغاء اتفاق أوسلو سادة، يا خبراء السياسة، ليس مطلبا فلسطينيا، بل مطلبا إسرائيليا أمريكيا، أتدرون لماذا؟. لان اتفاق أوسلو اتفاق دولي ومتوافق عليه من المجتمع الدولي، وملزم التطبيق من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ولا يتم إلغاؤه إلا بموافقة الطرفين. إسرائيل أخلت بتطبيق اتفاق أوسلو، ونحن ساندناها منذ زمن الراحل الشهيد أبو عمار، وأعطيناها المبررات لكي تتنصل من الاتفاق الذي يقول بالوحدة الجغرافية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا هو المهم، فقتلت رابين، ومن بعده ياسر عرفات لكي لا يتم تنفيذ الاتفاق، وعملت بعض دول الإقليم على دفع بعض القوى لمهاجمة الاتفاق، وأخيرا عملت على فصل الوحدة الجغرافية، لكي تضمن عدم تطبيق اتفاق أوسلو، وإلغاء الاتفاق يعني إلغاء هذا البند ليتم استبداله بالكيان الفلسطيني المسخ في قطاع غزة عبر اتفاق جديد أقل بكثير من اتفاق أوسلو.
لذلك قبل أن تهاجموه، وتشطبوه من تاريخكم، عودوا إلى قراءته مرة أخرى، لكي تدركوا ما فعلناه بأيدينا ضد اتفاق أوسلو، ساهم في عدم تطبيقه.
إن المطالبة بشطب أوسلو، يعني هناك اتفاق جديد سوف يوقع لكي تستمر مسيرة السلطة بكل امتيازاتها، لأنه لا يمكن توقيع اتفاق جديد دون إلغاء اتفاق أوسلو، وكل ما ترتب على هذا الاتفاق، وإذا تم إلغاء اتفاق أوسلو ما هو البديل؟ رأي يقول بوحدة القيادة والفصائل والشعب لمواجهة التحديات، كلام عاطفي لا يسمن ولا يغني من جوع في عالم السياسية. رأي آخر يقول المقاومة، وهو أيضا كلام مثالي فأنتم لن تقاوموا من أجل التحرير، بل من أجل تحسين شروط التفاوض.
أما البديل الجاهز الذي يرث أوسلو، هو ما يسمى اتفاق صفقة القرن، الذي شطب القدس، واللاجئين، وشرع الاستيطان، وضم الجولان، ويسعى لضم الضفة الغربية.
من لديه الاستعداد لكي يشطب أوسلو، ويوقع اتفاق صفقة القرن؟؟؟.
هناك جهات بدافع خبيث توحي لكم بأن مصائب الشعب الفلسطيني هو اتفاق أوسلو، ولن تتقدموا سياسيا أو اقتصاديا إلا إذا ألغيتم اتفاق أوسلو، كلام معسول ينقع بالسم.
أعيدوا ترتيب أفكاركم السياسية وفق تطوير اتفاق أوسلو، والدخول في منظمة التحرير، ووحدة الضفة والقطاع بإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية، هنا تكمن قوتكم التي يرفضها العدو ويعمل جاهدا على عدم تنفيذها، لأنه سيكون عند ذاك ملزم أمام العالم والموقعين على اتفاق أوسلو بتنفيذ بنوده، وإقامة دولة مستقلة.
لقد استغلت إسرائيل وأمريكا حالة الضعف الفلسطيني وحالة الانقسام السياسي، وبدأت في تفكيك قضايا الحل النهائي، القدس، اللاجئين، تشريع الاستيطان ومصادرة الأراضي، والمياه داخل الجدار، استباقا لما هو قادم، حتى لا نطالب بها في مفاوضات ما بعد اتفاق أوسلو.
وإذا كان اتفاق أوسلو قال غزة أريحا أولا، وتمدد ليشمل الضفة الغربية وأجزاء من القدس، فصفقة القرن تقول غزة أولا وأخيرا.


الكاتب والباحث/ ناهض زقوت