نميمة البلد: الانتخابات العامة ... الخيارات والضغط الشعبي

بقلم: جهاد حرب

أعلن الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس الفارط نيته الاعلان عن موعد اجراء الانتخابات العامة "على كل حال، عند عودتي إلى أرض الوطن سوف أدعو إلى انتخابات عامة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس".  وإن كان هذا الإعلان يتعلق بالشأن الداخلي الا أنه بات التزاما فلسطينيا أمام المجتمع الدولي بأسره، وهو بكل تأكيد ضرورة وطنية لتجاوز العقبات أمام اجراء المصالحة الفلسطينية ودستورية للحفاظ على مشروعية النظام السياسي الفلسطيني.

تعني الانتخابات العامة اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية كما هو محدد في قانون الانتخابات الفلسطيني. لكن قد يفسر البعض الانتخابات العامة بأنها الانتخابات المتعلقة بالمجلس التشريعي فقط. فعلى الرغم من عدم قانونية الرأي الداعي لعدم إجراء انتخابات رئاسية بعد الانتقال من السلطة إلى الدولة التي تم الاعتراف بها في الأمم المتحدة "ترفيع مكانة فلسطين من كيان إلى دولة مراقبة" والاكتفاء بإجراء انتخابات تشريعية، إلا أن هذا الرأي قد يتم تفهمه سياسيا إذا ما كانت حجيته تتعلق بتخوف الطبقة السياسية من عدم التزام حركة حماس بنزاهة الانتخابات في قطاع غزة أو التريث في اجراء الانتخابات الرئاسية لفهم ما ستؤول إليه نتائج الانتخابات التشريعية أو منح فرصة لحركة فتح لاختيار مرشح بديلا عن الرئيس محمود عباس.

يحمل اعلان الرئيس ثلاثة خيارات ممكنة للانتخابات العامة في سياق النقاشات الفلسطينية التي جرت على مدار السنوات العشر الفارطة لكن جميعها تحترم حق المواطنين ورغبتهم بإجراء الانتخابات، وهي جميعها تحاول تقديم حلولا للازمة الدستورية المتعلقة بانتقال السلطة، وتتيح فرصة لإحداث توازن في النظام السياسي وتحد من سطوة السلطة التنفيذية.

 فالخيار الأول "إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية معا" يقدم حلا مثاليا كمدخل لإنهاء الانقسام، ويضمن عدم مقاطعة الفصائل الفلسطينية المختلفة في هذه الانتخابات ويضمن إجراء هذه الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة لتوفير أوسع مشاركة للشعب الفلسطيني فيهما. ويقدم الخيار الثاني "إجراء الانتخابات التشريعية في الضفة والقطاع"، فرصة لضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة، وفي حال الاتفاق على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعد لاحق قريب، فإن ذلك سيفتح المجال أمام حركة حماس للمشاركة في هذه الانتخابات وضمان مشاركة واسعة لفصائل العمل الوطني وقطاعات مجتمعية مختلفة. فيما يُلغي الخيار الثالث "إجراء انتخابات تشريعية في الضفة الغربية فقط" الفيتو على اجراء الانتخابات وعلى حق المواطنين في اختيار ممثليهم، ويوفر فرصة لإعادة التوازن بين مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني ويقدم حلا دستوريا لانتقال السلطة في حال شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينية.

في ظني يمكن للقيادة الفلسطينية أن تجعل من إجراء الانتخابات العامة فرصة كمدخلٍ لإنهاء الانقسام بعد فشل الخيارات والجهود التي بذلت في السنوات العشر الأخيرة، ولتوطين الحوار الفلسطيني ومأسسته تحت قبة البرلمان. ويمكنها جعلها فرصة لإعادة المشروعية للنظام السياسي وتحقيق التوازن بين مؤسساته السياسية. ويمكنها جعلها في نفس الوقت فرصة متاحة لتوحيد الجهود الفلسطينية في مواجهة مشاريع التصفية والإجراءات الامريكية والإسرائيلية المتسارعة.

كما أن هذا الالتزام الرئاسي فرصة للضغط من جديد لإجراء الانتخابات العامة كأحد أدوات حماية المشروع الوطني ومشاركة المواطنين في بإرادتهم الحرة لاختيار ممثليهم في المجلس التشريعي والرئاسة، واختيار مستقبلهم واتجاهاته من خلال تصويتهم للبرامج السياسية والاجتماعية عبر الاقتراع الحر، وهذا كله توفير إجراءات تضمن نزاهة الانتخابات وحريتها.

 

جهاد حرب