للمرة الثانية اكتب مقالا ً ردا على الدكتور ابراهيم ابراش دكتور العلوم السياسية وعلى مقالاته الموجهة والتي تخلو من وضع الحقائق بشكلها الصحيح في تناول الازمات الداخلية الفلسطينية ، فالمقال الاول كان رسالة موجهة من قبله الى الرئيس عباس ولم يخلو هذا المقال من حالة استزلام وترقرق للرئيس في تقديم استقالته من رئاسة مجلس امناء جامعة الازهر وافرد فيها نصوص اتهامية للاخ محمد دحلان وللتيار الاصلاحي وهي غير لائقة باستاذ علوم سياسية ، والمقال الثاني والذي بصدد الرد عليه ، مقال ايضا ً مباشر عن التيار الاصلاحي وعن محمد دحلان ايضا ً متباكيا ً مفصلا ً كيف وجد التيار وكيف تحصل على انصاره ومؤيديه ، ذاكرا ً عدة نقاط قد اتفق على كثير منها لسبب بسيط ان مجمل تلك النقاط هي حالة اتهامية لقائد فتح او ما يسمى قائدها ابو مازن وللجنته المركزية والا ما كان هناك انقسام داخلي في داخل حركة فتح بل كان من المطلوب ان يبحث الدكتور ابراش اكثر واكثر كدكتور علوم سياسية في الحراك الداخلي في داخل حركة فتح تاريخيا ً لكي يستطيع ان يوصف حالة التيار بشكل اقرب بكثير مما وصف ابجديات وجود التيار، فالحراك الداخلي في حركة فتح هو حراك تاريخي عبر مسيرتها ومنذ مؤتمرها الحركي الاول ، هذه الحراكات لم تخرج عن حركة فتح بل كانت كلها تصب لحالات خلافية على البرنامج او الممارسة او السلوك ، فمنها من خرج خارج الاطار ويحمل نفس اسم حركة فتح ، ومنها من بقي داخل الاطار لو ركز قليلا ً الدكتور ابراش على مجريات الامور في داخل التجربة الفتحاوية التي عانت كثيرا ً من عدة ظواهر قاتلة جعلت التيارات الوطنية في داخلها تتملل وتثور وتصرخ احيانا وتنفصل احيانا اخرى ، وما اسوء ما شهدته حركة فتح عندما تخلت عن ادبياتها بقيادات اهمها قيادة محمود عباس لحركة فتح .
ليس هناك اسم مسمى "جماعة " دحلان لا يقود جماعة بل يقود استمرارية حراك فتحاوي اصلاحي داخلي امام عدة ظواهر كانت الحالة التشخيصية لها مدمرة وقاتلة على مر التجربة الحركية الى ان استفحلت تلك الظواهر واخرجت حركة فتح عن خطوطها الادبية والسياسية .
كنا نتمنى ان يبقى الحراك داخلي في فتح بدون اقصاء وما كفلته ادبياتها من ديموقراطية وعدم استخدام مواقع القوة والنفوذ في اقصاء المعارضة الفتحاوية في داخل اطرها .
والسؤال هنا ماهو المطلوب من محمد دحلان والتيار الاصلاحي ؟
هل كان المطلوب ان يستسلم محمد دحلان وباقي الاخوة لعملية الاقصاء من داخل حركة فتح ام يحافظون على هويتهم النضالية والفتحاوية التي اكتسبوها عبر نضالاتهم في البيت الحركي والوطني ، شيء مذهل ما يتحدثون به فصلابة الفتحاوي ان لا يترك مكانه النضالي مهما كانت الظروف ولان حركة فتح ليست مربعا ً خاصا ً لهذا او ذاك او كما يقولون ....
وهنا اوجز بعض النقاط الهامة ردا ً على الدكتور ابراش :
1 – حركة التحرر الوطني الفلسطيني بكل فصائلها اعتمدت على التمويل العربي من دول الخليج وغيره ومنذ تبنيها الكفاح المسلح الى تبنيها الخط السياسي والمفاوضات ، ولذلك الامارات العربية والدول الاخرى هي تلك الدول التي ساندت الفلسطينيين في كل الظروف والمنعطفات ، فليس من اللائق ان نتهم الامارات بانها هي من صنعت او احدى العوامل المهمة من صنعت التيار الاصلاحي في حين ان الامارات و دول اخرى هي من اعطت حركة فتح منذ انطلاقتها الاولى ، فهل لنا ان نقول بان الثورة الفلسطينية وفتح كانت تابعة لهذا النظام او ذاك ! شيء غريب وتبريرات وتعليلات ساذجة وتفصيلات ساذجة ايضا ً .
2 – بخصوص التقارب مع حماس وهنا اود ان اشير لما ذكره الدكتور ابراش بمسوقة تاريخية لكثير من الشعوب اشتعلت بينها حروب اهلية على مدار عشرات السنين وتجاوزتها من اجل مصالحها الوطنية مستقبل ابنائها وصنعت انظمة سياسية مبنية على الشراكة فلا يجوز لغزة بكل محنها الناتجة عن الحصار والذي احد اسبابه محمود عباس شخصيا ً والمتساوقين معه في اللجنة المركزية ان يبقى الحال كما هو عليه ، بل دفع دحلان وسمير المشهراوي وكثير من الاخوة بكل امكانياتهم لحل ازمات غزة التي من المفترض ان تسعد الدكتور ابراش ولا تجعله متذمرا ً من هكذا بناء وطني يساهم في تصليب الجبهة الداخلية لقطاع غزة ، فليس عيبا ً هذا التقارب في ظل فشل المصالحة التي دعمها دحلان بكل الطرق والوسائل المادية والمعنوية والخطاب السياسي .
3- بخصوص عودة كوادر التيار لقطاع غزة ، اولا واخيرا هؤلاء هم مواطنين فلسطينيين من ابناء قطاع غزة ، ولا يجوز ان يبقى الظلم واقعا ً عليهم بالمنظور الوطني واي منظور اخر لهذا الحراك او العودة فهو يخرج عن التفكير بمنظور وطني .
4 – اما ان هناك دور لدحلان في المرحلة القادمة فانا اقول ببساطة من حق دحلان واخرين ان يكون لهم دور بحكم المواطنة والتاريخ والتجربة ، فليس عيبا ً ان يكون لدحلان طموح وهو طموح مشروع وليس عيبا ان يكون للتيار الاصلاحي طموح في ظل تصوراته الدائمة والثابتة بالتزامه بفتحاويته وبنظامها وادبياتها وببرنامجها .
5 – وكما وصف السيد ابراش بان للتيار قاعدة عريضة الان وهذا يدعو للاعجاب لا القفز عنه ولكن اريد ان اذكر ان التيار الاصلاحي بقيادة دحلان قدم اربع مبادرات في خلال اربع سنوات للوحدة الوطنية ، ودعى لحكومة انقاذ وطني ودعى لحكومة وحدة وطنية ومن ثم انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني وبالرجوع ايضا ً للقاءات التي تمت عبر القنوات الفضائية للاخ محمد دحلان والاخ سمير المشهراوي والذي برهنوا فيها عن نسيان الذات امام تنفيذ اي مصالحة بين فتح المؤتمر السابع وحماس بل كانوا اشد اندفاعا ً للوصول الى اتفاق واكثر حرصا ً على ذلك .
اذا ً ماهو المطلوب من محمد دحلان والتيار الاصلاحي ؟
بقلم/ سميح خلف