رفض الفلسطينيون اليوم الأحد، تهديدات إسرائيل بفتح الباب أمام اليهود لممارسة "الشعائر الدينية" في المسجد الأقصى شرق مدينة القدس المحتلة.
وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد أردان صرح قبل يومين، أن إسرائيل "ستتيح قريبا لليهود حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية" في المسجد الأقصى، في مؤشرات ارتفاع مستمر لدخول المستوطنين المسجد منذ توليه المنصب عام 2015.
وقال أردان في تصريحات لصحيفة محسوبة على تيار الصهيونية الدينية، إن "الأمور تتجه في القدس نحو استعادة السيادة والسيطرة على المكان"، مشيرا إلى أن إسرائيل ستصل إلى هدفها "فتح أبواب المسجد الأقصى لاقتحامات المستوطنين وممارسة شعائرهم الدينية".
واعتبر المفتي العام للقدس والديار الفلسطيني محمد حسين في بيان صحفي، أن تصريحات أردان "خطيرة وغير مسؤولة، وتسوق المنطقة والعالم بأسره نحو حتمية صراع ديني لا نتمناه".
وقال حسين، إن "أي مساس بالمعتقدات والمقدسات هو ازدراء وتعالي على حقوق الشعوب والأمم، ولن يجلب معه إلا الخراب والدمار لكل من تحدثه نفسه بأن وعدا باطلا أو مجرد حلمٍ أو خرافة بالية قد تحقق له مطامع استعمارية احتلالية، مغلفة بغطاء ديني في بيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك".
وأكد حسين، أن "المسجد الأقصى إسلامي رغم محاولات أعدائه الحاقدين للسيطرة عليه، وتغيير الوضع القائم في مدينة القدس منذ احتلال المدينة في حزيران عام 1967، محذراً من عواقب هذه التصريحات العنجهية واللاواعية".
بدوره اعتبر رئيس دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية عدنان الحسيني في بيان، أن ما يجري في القدس خاصة بالمسجد الأقصى من استهداف إسرائيلي في "غاية الخطورة ستحكم على مستقبل المدينة المقدسة ومقدساتها".
وقال الحسيني، إن "إسرائيل تسعى إلى تفريغ القدس من سكانها الفلسطينيين عبر تثبيت سياسات ظالمة وكذلك تقسيم مكاني للمسجد الأقصى بحيث تحول أجزاء منه إلى المستوطنين لأداء الطقوس الخاصة بهم".
وأضاف الحسيني، أن "إسرائيل تقوم بممارساتها في القدس عبر لغة القوة والبلطجة، داعيا الدول العربية والإسلامية إلى وقفة استثنائية وجادة لوقف ما يتعرض له المسجد الأقصى".
وحذر الحسيني، من أن "الممارسات والإجراءات الإسرائيلية في القدس لن تمر مرور الكرم وستكون ضررا عليهم قبل غيرهم".
في حين، أكد محافظ القدس عدنان غيث، على عروبة المدينة المقدسة، وعلى إسلامية المسجد الأقصى المبارك بكل جزء فيه وبكل ذرة من ترابه، وقال "إنه لا حق لأحد فيه غير المسلمين من قريب أو بعيد، وأنه والمدينة المقدسة من بين أهم ثوابت قضيتنا الفلسطينية العادلة التي لن نتنازل عنها".
وناشد غيث في بيان صدر عن مكتبه ردا على أردان، أبناء الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم المقدسيين وأهل فلسطين عام 48 وكل من يستطيع الوصول الزحف إلى المسجد الأقصى المبارك والتصدي للمخططات التي تستهدف وجوده وبنيانه، والحضور الدائم فيه لإفشال أي محاولة للمساس به. كما ناشد الأمتين العربية والإسلامية أن تتولى مسؤولياتها بصورة جدية وأن تساند الشعب الفلسطيني في معركة المسجد الأقصى المبارك بعيداً عن بيانات الشجب والاستنكار التي لم تعد تجدي نفعاً.
وطالب المحافظ غيث، كافة دول العالم والمحافل الدولية للتدخل ووقف جميع الإجراءات التي اتخذتها حكومة الاحتلال بعد احتلال مدينة القدس عام 1967 بحق المسجد الأقصى المبارك، وما تقوم به حاليا من انتهاك لحرمة المسجد، والالتزام بالاستاتيكو المعمول به بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
ووصف المحافظ غيث تصريحات، بـ"الخطيرة وغير المسؤولة وتقود المنطقة الى صراع ديني لا يحمد عقباه"، موضحا أن ما تقوم به إسرائيل من إجراءات لتهويد القدس وتغيير معالمها ومصادرة مزيد من الأراضي في عموم انحاء الضفة الغربية وهدم المنشآت الفلسطينية، يأتي في سياق تكريس احتلالها العسكري والاستعماري الاستيطاني وبشكل متسارع من أجل منع الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
واشار غيث في بيانه الى الحواجز الاحتلالية التي أدت إلى عزل المدينة عن محيطها الفلسطيني، بهدف بسط السيطرة عليها وتهويدها، والتي أصبحت ايضا مسرحًا لقتل واعتقال وإهانة الفلسطينيين، وانتهاكا لحريتهم في الحركة والوصول لأماكن عملهم وعبادتهم.
وأضاف أن "مدينة القدس ومقدساتها، وعلى وجه الخصوص المسجد الاقصى المبارك، بات يمر بتحديات خطيرة للغاية واوقات عصيبة، وأن الدعوات اليمينية المتطرفة لاقتحامه وتقسيمه في تزايد، وأن مسلسل التهويد ماض على قدم وساق وبدعم مطلق من أصحاب القرار في الحكومة الاسرائيلية، وبدعم أمريكي صريح، ولا مبالاة أوروبية، وعجز عربي مطبق".
وأوضح غيث أن العاصمة المحتلة تعيش حرب التهويد من خلال الاقتحامات والاعتقالات ومصادرة الأملاك وهدم البيوت والتمييز العنصري والاغتراب في شتى المجالات. وأكد على أن ابناء الشعب الفلسطيني الذين اعتادوا على الذود عن مقدساتهم لن يدخروا جهدا في تعزيز وحدتهم ورص صفوفهم وحماية مقدساتهم الاسلامية والمسيحية وصد ودحر الاحتلال واقامة دولتهم المستقلة بعاصمتها الأبدية القدس الشرقية.
من جهته اعتبر المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم، أن "التهديدات الإسرائيلية مرفوضة جملة وتفضيلا، مؤكدا أن المسجد الأقصى خاص بالمسلمين ولن يجوز لليهود أن يتخذوا منه كنيسا لهم".
وشدد ملحم في تصريحات لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية، على أن تهديدات إسرائيل لن تمر ولن تخلق أي وقائع على الأرض في المسجد الأقصى الذي يحيمه المقدسيون بكل ما يملكون.
وقال ملحم، إن أرادن والمسئولين الإسرائيليين ومن خلفهم المستوطنين المتطرفين لن يفلحوا في فرض وقائع جديدة تغير ملامح المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث المسجدين.
واعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أن "اعترافات إسرائيلية رسمية بحقيقة المخططات التي تنفذها إسرائيل بشكل يومي للحرم القدسي الشريف، هى محاولة لإعطاء الشرعية لتغيير معاهدة السلام مع المملكة الأردنية.
وقال بيان صادر عن الوزارة، إن قرارات "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه تشجع أردان وأمثاله على التمادي في تنفيذ مخططاتهم الهادفة إلى تهويد الأقصى وباحاته، بما يؤدي ليس فقط إلى تحويل طابع الصراع من سياسي إلى ديني، وإنما إلى فرض مرجعيات ومقولات وأسس الحل الديني للصراع".
وأكد البيان، أن الشعب الفلسطيني قادر على اسقاط الحلول الدينية للصراع كما يسقطون الحلول المجتزئة والصفقات و المشاريع التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا العادلة والمشروعة.
وسبق أن دعا أردان في تصريحات إذاعية قبل شهرين، إلى تغيير الوضع القائم في القدس ليتمكن اليهود من أداء طقوس تلمودية في المسجد الأقصى، معتبرا أن الواقع الراهن السائد منذ عام 1967 "يحمل ظلما لليهود ويجب العمل على تغييره".