دعت حركة "فتح" إلى عقد مؤتمرها الأول حول المقاومة الشعبية يوم 12/10/2019م في مدينة رام الله وقد شاركت فيه فعاليات قيادية متعددة من "فتح" وغيرها من القوى الفلسطينية وجميعها أكدت على إستمرار المقاومة طالما إستمر الإحتلال الإسرائيلي، وفي هذا الشأن نود أن نسهم بوجهة نظرنا في هذا الموضوع.
إن طبيعة الصراع الجاري على الأرض الفلسطينية بين الكيان الصهيوني، مدعماً من قوى الإستعمار الدولية من جهة، وبين الوطنية الفلسطينية ومحيطها العربي والإسلامي والقوى المحبة للسلام والمناهضة للعنصرية، يؤكد أن الخيارات الشعبية والسلمية والسياسية والدبلوماسية ستكون هي الأنجح في مواجهة الآلة العسكرية الصهيونية الإستعمارية وإفرازاتها من إستيطان وجدار ..الخ، خصوصاً وأن العنصرية الفاشية في البناء السياسي والمؤسساتي للكيان الصهيوني تتواصل يوماً بعد يوم، الشيئ الذي يسهم في إنكشاف حقيقته العدوانية المرفوضة من كافة بني البشر الذين يرفضون مثل هذه الفلسفات العنصرية الطوطمية التي يشيد بناؤه على أساسها والتي تجلت في قانون القومية (يهودية الدولة).
إن السلام الحقيقي هو الذي ينهي السياسات الصهيونية القائمة على أساس التوسع والإستيطان والعنصرية، والإقرار بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في وطنه، سيؤدي لا محالة إلى إنهاء الكيان الصهيوني، لذلك يعمل الكيان الصهيوني جاهداً على تدمير جميع فرص وآليات السلام من مفاوضات وغيرها، كما أنه يرفض أن ينحو النضال الوطني الفلسطيني نحواً شعبياً سلمياً، ويدفعه دفعاً إلى الميدان الذي يحقق فيه غاياته، وهو العنف المسلح حيث يكون له فيه التفوق ويتمكن من إلحاق الهزيمة بالقوى المسلحة، سواء كانت شعبية أو نظامية، وبالتالي إن استمرار المراوحة في الخيارات ما بين المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية السلمية، يبقى الوضع في المنطقة الرمادية .. وهنا تنصب الجهود السياسية الإقليمية والدولية على الجانبين من أجل التهدئة، وكأن التهدئة بحد ذاتها تصبح هي الهدف لكل الأطراف، وإعادة الأوضاع وإبقائها على ما هي عليه دون حل، وهذا أيضاً يخدم بشكل مباشر سياسات الكيان الصهيوني وأهدافه في إستمرار التوسع والإستيطان.
المطلوب توفره لإنجاح المقاومة الشعبية السلمية إجماعاً فلسطينياً حول رؤية سياسية موحدة تحدد ماذا يريد الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة، وكيف له أن يحقق ما يريد، وأن تكون الرؤيا السياسية وآليات العمل والنضال الفلسطيني لتحقيقها أيضاً محل إجماع فلسطيني وعربي، وأن يجرِ الإلتزام بها، وإنهاء الإنقسام القائم جغرافياً ورؤيوياً، وعندها تتجمع القوى الشعبية الفلسطينية في إطار الفصائل والإتحادات الشعبية والنقابية الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني، في إطار م.ت.ف في برنامج كفاح شعبي سلمي عمودي وأفقي يضم كافة فئات المجتمع وعلى مستوى الوطن والشتات، ويستمر الكفاح والنضال الشعبي السلمي دون أن تتوقف الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، ودون إنزلاق الوضع إلى ما يشتهيه العدو، بل والسعي إلى إسقاط المشروع الصهيوني برمته، عبر مد وتطوير كافة أشكال النضال الشعبي إلى جميع أنحاء فلسطين، وإشراك قوى السلام اليهودية المناهضة للعنصرية والفاشية الصهيونية، وكذلك القوى الدولية مثل BDS للوصول إلى الحل النهائي والتاريخي الذي لن يقوم إلا على أساس دولة واحدة موحدة على كامل إقليم فلسطين، يعيش فيها وعليها الجميع، على أسس من المساواة التامة، بعيداً عن كل أشكال التمييز العنصري، حتى يلاقي الكيان الصهيوني مصيره المحتوم.
بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
E-mail: pcommety @ hotmail.com
الرياض 14/10/2019م الموافق 15/02/1441هـ