ناقش المشاركون اليوم، في لقاء حواري نظمه المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية "مدى" بغزة بعنوان "الحقوق الرقمية في فلسطين".
وأكد المشاركون في اللقاء الذي التئم في فندق "جلوريا بغزة على ضرورة وضع تشريعات لضمان حق الحصول على المعلومات، وكذلك وضع تشريعات توفر الحماية لممارسة حرية الرأي والتعبير.
وشدد المشاركون خلال اللقاء على أهمية وضع آليات خاصة للمراقبة والمتابعة لقضية ضمان فاعلية الحقوق الرقمية في فلسطين، وعدم إحتكار بعض الشركات لخدمات الانترنت.
وهدف اللقاء الى التعريف بالحقوق الرقمية وماهيتها وقضايا الامان الرقمي، وتعزيز الوعي العام بمختلف هذه الحقوق وحمايتها.
وقال الدكتور/ أحمد إبراهيم حماد منسق مركز مدى بغزة الى أن اللقاء يأتي ضمن مشروع مدته 3 سنوات بدعم من مكتب الاتحاد الأوروبي تحت عنوان "خطوة إلى الأمام نحو تعزيز حرية التعبير في فلسطين" ، تهدف إلى التعريف بالعديد من الجوانب والمفاهيم التي تندرج تحت مختلف هذه العناوين والقضايا الحديثة نسبيا، لا سيما وان هناك نقصا عاما فيما يتعلق ببعض هذه الحقوق، والانتهاكات التي تحدث في كثير من الاحيان ولا يدركها بعض مستخدمي وسائل التكنولوجيا الحديثة.
ونوه حماد الى أن الحقوق الرقمية تعتبر جزءا من حقوق الإنسان التي تسمح للفرد بالوصول إلى الإعلام الرقمي واستخدامه وإنشائه ونشره أو الوصول إلى أجهزة الحاسوب والاجهزة الالكترونية وشبكات الاتصال واستخدامها، مضيفاً أن هذا المصطلح يتعلق بحماية وإعمال الحق في السرية وحرية التعبير في سياق التقنيات الرقمية الجديدة، وخصوصًا شبكة الإنترنت التي يعتبر الوصول إليها حقا يجب ان تكفله قوانين الدول المتعددة.
وأشار الى ان مجلس حقوق الإنسان أقر العام 2012 (ولاحقا في عامي 2014 و 2016) أن نفس حقوق الإنسان المحمية في الواقع يجب أن تكون محمية عبر الإنترنت أيضا. ان مبدأ الذي تنص عليه القرارات والتشريعات الدولية، والذي بموجبه أن الحقوق الرقمية، أي حقوق الأفراد على شبكة الإنترنت، هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان. ومن أبرزها: الحق في حرية التعبير عن الرأي على الإنترنت، والحق في الخصوصية والحماية ضد رقابة الحكومات والشركات.
من جهته، رحب المحامي جميل سرحان مدير مكتب الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في غزة بالتئام الورشة معتبراً أن هذا اللقاء الذي تنظمه مدى اليوم يعتبر مدخلا قويا لنا كحقوقيين للتدخل فيه لتسجيل المعيقات التي تواجه شركات الانترنت، وتوفير آلية عمل للتقدم في هذا المجال مشيدا بدور مدى في هذا المضمار.
وأكد على ضرورة وضع تشريعات لضمان حق الحصول على المعلومات وكذلك وضع تشريعات توفر الحماية لممارسة حرية الرأي والتعبير وفق المادة 19 في القانون، ومادة2 في قانون النشر والمطبوعات.
ونوه سرحان الى وجود بعض القوانين التي ساهمت بالحد من حرية التعبير وانتهاك الحقوق الرقمية، ومنها: قانون العقوبات، وقانون الجرائم الالكترونية.. والقانون المعدل "إساءة استخدام التكنولوجيا، مضيفاً أن النيابة العامة أساءت استخدامها بشكل أسوأ".
وذكر أن مجلس حقوق الإنسان يعمل في هذا الإطار منذ العام 2010 ويتفاعل بشكلٍ جدي مع هذه القضايا نظراً لما تمثله الحقوق الرقمية من أهمية.
ودعا الى التعمق في هذه القضية وتشكيل أدوات مهمة لمناقشتها بشكل موسع مضيفاً لقد أطلعت على قانون الاتصالات ولكن مع الأسف تحتكر شركة الاتصالات لوحدها خط الانترنت وهذا انتهاك ويخالف القانون.
ومضى بالقول إنه في السياق الفلسطيني، فتنعكس انتهاكات حقوق الإنسان على أرض الواقع كذلك في العالم الافتراضي، حيث أصبح الفلسطينيين، وخصوصًا الصحافيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، عرضة للقمع والتجريم بسبب آرائهم ونشاطاتهم على المنصات الاجتماعية. وفي ذات السياق اصبحت القدرة على مشاركة المعلومات والتواصل بحرية باستخدام شبكة الإنترنت أمرا ضروريا من أجل إعمال حقوق الإنسان على النحو المجسد في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ومضى بالقول نحن كحقوقيين يجب أن نولي أهميةً خاصة لهذا الموضوع وتشكيل أدوات لمنع الانتهاك.
واستعرض بلال جاد الله رئيس مجلس إدارة مؤسسة بيت الصحافة: تطور العمل الصحفي منذ القدم وحتى ظهور مواقع التواصل الاجتماعي مضيفاً أن من أبرز محاسن ومساوئ ظهور مواقع التواصل انتشار صحافة المواطن حيث باتت مواقع التواصل مصدرًا مهمًا للأخبار والمعلومات. وأشار الى أن مواقع التواصل خلقت بيئة رقمية جديدة معرباً عن رايه بضرورة عدم تقييدها لكن مع تنظيمها ومراقبتها بشكل مهني وقانوني لمنع اية انتهاكات لحقوق المواطن.
وعدد بعض مساوئ مواقع التواصل مثل: انتشار الأخبار الكاذبة والمُفبركة.. بالتزامن مع ازدياد الأحكام القاسية بحقي مستخدمي مواقع التواصل.. وانتشار خطاب الكراهية بفعل حالة الاستقطاب السياسي والتشويش الفكري والثقافي؛ وكذلك الشائعات مجهولة المصدر، والتعليقات الوهمية، وبروز انتهاكات جسيمة بحق المحتوى الفلسطيني على خلفية صورة أو كلمة فيصل أو شخصية معينة، منوهاً الى ظهور مجموعات عبر تطبيق "واتس أب" على سبيل المثال تضخ ألاف الأخبار غير موثوقة المصدر.
ودعا الدكتور ناهض عيد مدير شركة أفكتس للاستشارات الى وضع آليات للمراقبة والمتابعة لقضية ضمان تحقيق الحقوق الرقمية في فلسطين، منوهاً الى أن شركات الانترنت في قطاع غزة تعاني من الاحتكار.
وقال إنه لا توجد قوانين معينة تحدد الحقوق الرقمية مما يتطلب سن قوانين ناظمة، مشيراً الى عدم وجود توعوية بقضية الحقوق الرقمية.. حيث أن هناك جهل واضح في هذا الشأن نتيجة حداثة الموضوع.
وشدد المهندس معتز مشتهى مدير شركة نت ستريم على ضرورة أن يكون تحرك قانوني لمنع احتكار بعض الشركات لخدمة الإنترنت موضحاً أن خط النفاذ لا يلبي كافة الاحتياجات كما أن ارتفاع أسعار الإنترنت أدى لانتهاك خصوصية المستخدم.
ونبه د. أمين وافي رئيس قسم الصحافة في الجامعة الاسلامية بغزة الى ان هناك غياب للوعي في الحقوق الرقمية مستعرضاً بعض القوانين الموضوعة في بعض الدول فيما يتعلق بحرية التعبير والرأي وقدم نموذجًا "بريطانيا وفرنسا".
ورأى أن غياب جهة قانونية مدركة لأهمية ومحتوى الحقوق الرقمية ترك المجال للمحاكم تأخذ القوانين بيدها وتنتهك الحريات دون معرفة كافية وواضحة بطبيعة القوانين التي وضعت مؤخرًا مطالباً بالمزيد من البرامج والخطط التوعوية حول الحقوق الرقمية في فلسطين.