اختتمت مساء الثلاثاء، فعاليات أعمال المؤتمر الدولي بعنوان "السيادة على الغذاء.. المستعمرة والحدود" في مدينة رام الله بالتزامن مع قطاع غزة، والذي نظمه كل من اتحاد لجان العمل الزراعي ومرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية وحركة الفلاحين العالمية "لا فيا كمبسينا"، بحضور أكثر من 800 شخص من شرائح وفئات اجتماعية مختلفة، خصوصاً المزارعين، والذي جاء كامتداد لمؤتمر الحركات الاجتماعية الدولي الذي عقد العام الماضي.
وقد حضر المؤتمر كوكبة غنية من المتحدثين/ت الممثلين/ت لحركات اجتماعية فلاحية من أربع عشرة دولة، تجمعوا في مكان واحد ضم الحركات الفلاحية التحررية من أمريكا اللاتينية وأوروبا وإفريقيا والولايات المتحدة وآسيا وفلسطين، كما ضم الغيورين الحريصين على الشعوب وحقوقها، وقد ثمن القائمون على المؤتمر مداخلات زملاءهم وأصدقاءهم من الأكاديميين وممثلي الحركات الزراعية الفلاحية في الدول العربية، ليشكل هذا المؤتمر تجربة غنية بالكثير من الدروس المستفادة من التجارب التي تم تداولها خلال المؤتمر.
وقد هدف المؤتمر إلى إيجاد بيئة غنية بالتجارب الوطنية والأممية التي استعرضت من خلالها الآليات والأساليب التي تعمل على تحقيق مفهوم السيادة على الغذاء، كما تناول الأدوار الوخيمة للاستعمار والإمبريالية ودورهما في السعي دون تحقيق سيادة الشعوب على غذائها، جامعاً تحت هذه المظلة عدداً كبيراً من الجهات الفاعلة اجتماعياً وزراعياً، ونقاش طبيعة التحديات الوطنية والعالمية التي يتم التعامل معها. وانطلاقاً من ضرورة ملحة تستدعي تعزيز التشبيك والتنسيق والتعاون وتبادل الخبرات ما بين الحركات الاجتماعية - الزراعية الفلسطينية وتلك الناشطة عالمياً، بما يسهم في تطوير واقع الحركات الاجتماعية الفلاحية في المستقبل، وتحديداً في زيادة مساهمة تلك الحركات في النضال الوطني التحرري، وفي مجالات تحقيق العدالة الاجتماعية والدفاع عن حقوق الفقراء والمهمشين والمواطنين بشكل عام من خلال تحقيق مفهوم السيادة على الغذاء.
وقد أجمع المؤتمرون على عدد من التوصيات المهمة والتي من شأنها الارتقاء بالزراعة دولياً وإقليمياً ومحلياً والتي تم تلخيصها بأهمية التضامن العالمي مع نضال الفلسطينيين في السيادة على أراضيهم ومواردهم الطبيعية، والضغط على الحكومات من أجل تبني إعلان الأمم المتحدة لحقوق الفلاحين والعاملين في المناطق الريفية على طريق الدفاع عن حقوق الفلاحين والصيادين، كما أكد المؤتمرون على أنه يجب أن تعمل الحكومات بعدالة في التوزيع تصاحبها عدالة في الجباية، وضمان العمل على عدالة مدخلات للإنتاج الغذائي التي تضمن لصغار الفلاحين الاستمرار في انتاجهم، وذلك من خلال توحد حركات التحرر الاجتماعية التي تنادي بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية ومن ضمنها الحركات
الفلاحية من حول العالم، لتعمل يداً بيد للخلاص في انهاء استبداد الامبريالية العالمية والرأسمالية التي تسرق موارد الفلاحين حول العالم، ولإنهاء مبدأ الاحتكارية لكبرى الشركات التي تسيطر على مدخلات الإنتاج وتضغط على صناعة السياسات فيما يصب لصالح رأس المال.
وأكد المؤتمرون كذلك على أهمية تبادل الخبراتً، وضرورة الحفاظ على تناقل الخبرات واكتسابها على الدوام، وألا تنقطع شبكة التواصل ما بين الحركات الفلاحية التحررية في ذلك. بالإضافة إلى أن على الجهات المسؤولة الدولية أن تكون أمام مسؤولياتها، وأن تحث وتساهم في تأسيس البنية التحتية في المدن والريف، وهو ما يؤسس لقاعدة استهلاك مستقبلية تحمي الفلاحين من استنزاف مياه الزراعة حول العالم، في الوقت الذي تعتبر فيه مياه الأمطار في فلسطين مهدورة تماماً. والتأكيد على ضرورة العودة إلى الآليات الأصيلة كالزراعة البيئية والبذور البلدية، وأنه يجب التركيز عليها لضمان الوصول لحالة عامة في السيادة على الغذاء.
ومن ناحية أخرى أكد المؤتمرون على ضرورة رفع الوعي بمفهوم السيادة على الموارد وتحديداً الغذاء، من خلال تضمين هذا المفهوم في خطط وبرامج كل المؤسسات والفاعلين في كل المجالات التنموية، بالإضافة إلى تقديم مفهوم السيادة على الغذاء على مفاهيم الأمن الغذائي لأن الحالة الفلسطينية ينطبق عليها حالة السيادة على الغذاء ولأن القضية سياسية ولأن هناك من بين الفلسطيني وموارده وهو الاحتلال الاسرائيلي في حين أن مفاهيم الأمن الغذائي هي مفاهيم اجتماعية لا تعالج الأسباب وراء انعدام الأمن الغذائي في فلسطين وفقط تكتفي بالحديث عن وفرة الغذاء للناس.
وتناولت التوصيات التأكيد على أن المطلوب من صانعي القرار وتحديداً الحكومة الفلسطينية إن كانت جادة في مسألة الانفكاك من الاقتصاد الإسرائيلي أن تقوم فوراً بخطوة عملية تدلل على جدية مسعاها هذا من خلال مراجعة كافة القوانين والسياسات المتأثرة بها، بحيث تتضمن مفاهيم السيادة على الموارد والغذاء في جميعها انسجاماً مع الحاجة الفلسطينية بسياسات وطنية حقيقية تفضي بالضرورة إلى تعزيز صمود المزارع الفلسطيني والانسان الفلسطيني في مناطق تواجده المختلفة وتحديداً في مناطق "ج"، وأن السياسة المطلوبة هي سياسة وطنية غير منسوخة من أي دولة أو تجربة أخرى لا تنطبق عليها الحالة الفلسطينية، سياسة تقوم على التحدي والمبادرة وتقدم كجزء من المشروع الفلسطيني المواجه والمقاوم لمشروع الضم الذي يلوح في الأفق وبات على الأبواب، ومواجهته تكون من خلال تطوير سياسة وطنية تساهم بشكل حقيقي في حماية الأرض الفلسطينية.
وأكد المؤتمرون على ضرورة تفعيل آليات المتابعة القانونية والضغط والمناصرة بشكل واسع وحقيقي لاتجاه حماية الفلاحين والصيادين والعاملين في المناطق الريفية الذين يتعرضون لأبشع الانتهاكات من خلال الاعتداء المتواصل عليه ومن خلال هدم ومصادرة الأراضي والمنشآت.
وجاء في التوصيات ضرورة ملاحقة الاحتلال في كل المحافل الدولية من أجل محاسبته وفضحه وكشف وجهه القبيح، وهو ما سيساهم في حماية الموارد الفلسطينية المصادرة والمعتدى عليها من قبل الاحتلال.
وجاء في ختام البيان بأن مؤتمر "السيادة على الغذاء.. المستعمرة والحدود" أسس لمرحلة نضال جديدة في أوساط الفاعلين والناشطين الفلسطينيين تعتمد على أهمية إيلاء مصادر الغذاء أهمية وأولوية في النضال ضد الاحتكار والجشع وتحكم رأس المال بقوت الناس، وهذا يكون من خلال إطلاق الدعم والاسناد الفلسطيني لتثبيته على أرضه وتعزيز قدراته على مواجهة المستثمرين الكبار الذين يديرون شركات مدعومة ضد كثير من وكالات التنمية العالمية، مما ساهم في إجهاض الكثير من أحلام ومشاريع المزارعين الصغار. وأن الحضور الدولي اللافت لعدد كبير من المؤسسات والحركات التي تكافح من أجل السيادة على الغذاء ورفع الظلم عن الفلاحين والصيادين والعمال الزراعيين حول العالم وفي مقدمة هذه الحركات حركة طريق الفلاحين العالمية ما هو إلا دليل على عدالة نضال الفلاح الفلسطيني وأنها فرصه هامة وكبيرة لإطلاق أكبر حملة مناصرة وضغط على المستوى العالمي لنقل قضية الفلاح الفلسطيني إلى العالم عن طريق التأكيد على أهمية مقاطعة منتجات الاحتلال، وتحديد يوم عالمي للتضامن مع الصياد الفلسطيني.