خسائر بشرية ومادية ضربت عمق غزة في جولة التوتر الأخيرة

آثار الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة

أجبر الفلسطيني الستيني حمودة أبو عمرة على خوض سباق مع الموت، بعد تلقيه اتصالا هاتفيا من رجل مخابرات إسرائيلي، لإخلاء منزله في غضون سبع دقائق بعد انتهاء المكالمة.

وتلقى أبو عمرة الاتصال خلال جولة التوتر الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية المسلحة وإسرائيل، واحتوى على عبارة واحدة من المتصل باللغة العربية تضمنت "سرعة مغادرة المنزل لقصفه" ما قلب حياته رأسا على عقب.

وفي بادىء الأمر، لم يصدق أبو عمرة الذي يقطن في بلدة "القرارة" شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ما يحدث واعتبره مزحة من أحد أصدقائه، الى أن أخبره ضابط المخابرات بأسماء جيرانه الذين يريدهم أن يخلوا منازلهم خشية أن يتأثروا من القصف.

وفي سباق مع الزمن، حاول أبو عمرة الخروج جاهدا من المنزل برفقة أفراد عائلته ومعهم بعض الأوراق الثبوتية المهمة، قبل أن تنتهي المهلة المحددة لينجو بحياة الجميع.

ويقول أبو عمرة، بينما يقف على أنقاض منزله بعد أن أصبح أثرا بعد عين لوكالة أنباء "شينخوا"، "سبع دقائق فقط تلك التي كان علي أن أهرب فيها أنا وعائلتي من الموت، وأن نقف بعيدا عن منزلنا قبل أن نرى تدميره من قبل الطائرات الإسرائيلية".

ويضيف أبو عمرة، وهو يشرح لحظة الاتصال العصيبة عليه أنه نسي ابنه الصغير نائما في المنزل، فاضطر أن يتوسل للضابط كي يحضره قبل أن يقصفوا منزله.

وأشار أبو عمرة الى أن الضابط رد عليه ومنحه دقيقتين فقط كي يحضر ويعود لمكانه، مطالبا اياه بألا ينهي المكالمة وأن يبقيها جارية لحين الانتهاء من عملية القصف بشكل كامل.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها منزل أبو عمرة للقصف الكامل، حيث سبق أن جرى استهدافه في أعوام 2008 و2012 و2014 وخلالها شنت إسرائيل عمليات عسكرية ضد القطاع استمرت كل واحدة أياما.

ويوضح والحزن بدا عليه لهول ما جرى، "هذه هي المرة الرابعة ولم يعد لدي المقدرة أن أبنيه مجددا".

ويؤوي المنزل قرابة 20 فردا ما بين أبناء وزوجاتهم وأحفاد، أصبحوا مشردين بلا مأوى، ولا يملكون المال اللازم لاعادة بنائه، وفق ما يقول أبو عمرة الذي حاول أن يحبس دمعته.

وبموازاة ما حدث مع أبو عمرة، استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي ورشة للأخشاب تعود لعائلة عبد العال في حي التفاح شرق مدينة غزة بعدة صواريخ دون سابق إنذار.

وأدت الغارة في حينه، إلى أدى مقتل ثلاثة أشقاء كانوا متواجدين داخل الورشة وهم أحمد (24 عاما )، وإبراهيم ( 18 عاما)، وإسماعيل (17 عاما)، بالإضافة إلى تدمير مصدر الرزق الوحيد للعائلة المكونة من 19 فردا.

ويقول أيمن عبد العال والد القتلى لـ "شينخوا"، "كنت مع أبنائي بالورشة، حيث كنا نعمل على إنجاز بعض الاعمال، وغادرت للعودة إلى البيت ولكن بعد ساعتين تلقيت اتصالا بأنه تم قصف الورشة وأبنائي فيها".

ويضيف "ما ان وصلت الى المستشفى حتى عرفت بمقتل أبنائي الاثنين والثالث كان يتم اجراء عملية جراحية له، ولكنه تم توفى بعد وقت قصير".

وحتى اللحظة لم يعلم عبد العال السبب الذي دفع إسرائيل لقصف الورشة، قائلا ان "الاحتلال الإسرائيلي مجرم، لا يفرق بين مدني وعسكري (..) ولا يردعهم أي قانون في العالم"، مشيرا بحسرة كبيرة، إلى أنه "فقد فلذات كبده الثلاثة ومصدر الزرق الرئيسي في الوقت نفسه.

وشهد قطاع غزة جولة توتر بدأت فجر الثلاثاء الماضي باغتيال إسرائيل القيادي العسكري في حركة الجهاد الإسلامي بهاء ابوالعطا وزوجته عبر استهداف منزله.

وردت حركة الجهاد الإسلامي بإطلاق عشرات القذائف الصاروخية على إسرائيل، التي شنت في المقابل سلسلة غارات جوية أسفرت عن استشهاد 34 فلسطينيا، بينهم أطفال ونساء.

وتم الإعلان الخميس عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجهاد الإسلامي وإسرائيل بوساطة مصرية وأممية.

في السياق، أعلنت وزارة الأشغال العامة والإسكان التي تديرها حركة "حماس"، في قطاع غزة، أن خسائر قطاع غزة جراء جولة التوتر الأخيرة مع إسرائيل بلغت ثلاثة ملايين دولار.

وقال وكيل الوزارة ناجي سرحان خلال مؤتمر صحفي في غزة، إن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة خلّف خسائر مادية مباشرة بقيمة 3.1 مليون دولار فضلًا عن الخسائر غير المباشرة.

وأضاف سرحان، أن الخسائر تمثلت في تضرر 500 وحدة سكنية بشكل جزئي، و30 وحدة ما بين هدم كلي- جزئي بليغ "غير صالح للسكن"، تقدر قيمتها بمليوني دولار، وتضرر الأراضي الزراعية وشبكات الري وقوارب الصيد، وتقدر قيمة الخسائر في القطاع الزراعي بقرابة 500 ألف دولار.

وتابع، أن قيمة خسائر قطاع البنية التحتية من شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والطرق قرابة 300 ألف دولار، فيما تضررت 12 منشأة تجارية وبلغت قيمة الخسائر المباشرة في المنشآت الاقتصادية قرابة 100 ألف دولار.

وأشار سرحان، إلى تضرر العديد من السيارات ووسائل النقل والآليات المختلفة وبلغت قيمة الخسائر قرابة 100 ألف دولار، بالإضافة إلى 15 مدرسة ومديريتي تعليم ومقر أمني حيث بلغت قيمة أضرارها قرابة 100 ألف دولار.

وأعلن عن تقديم منحة إغاثية بقيمة ألف دولار لكل أسرة هدم منزلها بشكل كامل وذلك من خلال وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالتنسيق مع لجان الزكاة، كما تم توزيع مساعدات إغاثية من خلال وزارة التنمية الاجتماعية.

واعتبر سرحان، أن "عدوان" إسرائيل الأخير أدى إلى تعميق المأساة الإنسانية في قطاع غزة نتيجة للحصار الجائر الذي تفرضه منذ ما يزيد على 14 عاما والذي "يعد أقسى أنواع العقوبات الجماعية" في العالم، داعيا دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي إلى تقديم الدعم اللازم لاستكمال برامج إعادة الاعمار ورفع الحصار المفروض على القطاع.

وسبق أن شهد قطاع غزة نحو 15 جولة توتر مع إسرائيل منذ انتهاء آخر هجوم إسرائيلي واسع النطاق على القطاع صيف عام 2014 والذي خلف استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني.

ودائما ما يتدخل وسطاء إقليميون لتطويق الموقف.

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء