مع اطلالة العام 1968، بدأت مجموعات وخلايا المقاومة الفلسطينية المسلحة بالإزدلاف العلني والواضح الى جنوب لبنان، وتحديداً عبر القاطع الشرقي (قطاع العرقوب) من بوابات الحدود السورية مع لبنان، ومن زاوية جبل الشيخ، عند قرى : دير العشاير، رخلة، عيتا الفخار، وراشيا الوادي، وكفر شوبا وصولاً الى شبعا ومزارع شبعا، وغيرها من القرى والبلدات على السفوح الشرقية لجبل الشيخ واسفل منحدراته...واستتباعاً للبقاع الشرقي عند قرى ينطا، وحلوة، أم دوخة، وخربة روحا (من منّا يتذكر الأغنية التي مطلعها : في خربة روحة في حنفية ... مشروب الهنا للفدائية) ...
... تلك المنطقة التي بدأت من حينها تعجُّ بالمقاتلين والفدائيين، وقد اطلقت عليها مصادر الإحتلال مُسمى (فتح لاند)، حيث الحاضنة الوطنية والشعبية اللبنانية التي باتت تتسع كل يوم لصالح العمل الوطني الفلسطينية واللبناني، وخاصة بعد تشييع أول شهيد لبناني في الثورة الفلسطينية المعاصرة، الشهيد البيروتي خليل عز الدين الجمل، حيث شهدت بيروت وعموم لبنان أكبر تشييع لشهيدٍ في تاريخ البلد، وقد استشهد في الأغوار الشمالية من الجبهة الأردنية مع فلسطين المحتلة في نيسان/ابريل عام 1968، وتلاه الشهيد اللبناني الثاني راجح غرز الدين... فيما كانت البنى الفدائية الفلسطينية تتطور وتتحشد في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، والتي شهدت ما اصطلح عليه في حينها : انتفاضة المخيمات بوجه تسلط وبطش وانفلات المكتب الثاني من العام 1948 الى العام 1968. كل تلك التحوّلات والإنتشار العسكري الفلسطيني أدى لوقوع احتكاكات معينة، سقط خلالها الشهيد النقيب رياض عواد، فيما سقط الشهيد الأخضر العربي (أمين سعد) أثناء التصدي لجيش الإحتلال الذي حاول اختراق تلك المنطقة وتدمير الوجود العسكري الفلسطيني مع بدايات انتشاره.
الصورة الأولى المرفقة، بسيطة، غنية بمحتواها، هي صورة من ذاكرة العمل الوطني الفلسطيني. الصورة ملتقطة عام 1969، لمقاومين فلسطينيين في جنوب لبنان، في القطاع الشرقي، قطاع العرقوب، أثناء استراحة بسيطة، قرب الخيمة العسكرية المُختفية بين أشجار الزيتون.
وكما قال غيري ممن كتب عن هذا : هم شباب في عمر الورد باعوا الدنيا لأجل حلمهم الوطني المشروع، بوطن حر, منهم من ترك عمله بالكويت أو غيرها, ومنهم من ترك جامعته وكذلك مدرسته، ومنهم من ترك أهله وبيته وترك عجوزين ليس لهما من حطام الدنيا الاّ هذا الشاب الذي هجرهم لأجل الحلم الوطني المشروع. ونضيف القول : في الصورة، شباب المقاومة في قطاع العرقوب عام 1969 في لحظة استراحه لشرب الشاي وعزف الشبيبه، ومنهم من بقي للحراسة في سفح الجبل، ومنهم من سرح في آماله وأحلامه الوطنية المشروعة، وصولاً للحلم الشخصي الذي لايبتعد في نهاية المطاف عن الحلم الوطني. أما الصورة الثانية فهي للشهيد خليل عز الدين الجمل، والصورة الثالثة للشهيد راجح غرز الدين.
علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت