"المستشفى الأميركي الميداني" مشروع يثير ريبة الفلسطينيين

عمال فلسطينيون ينصبون أعمدة حديدية كجزء من أعمال بناء المستشفى الأميركي

يواصل عمال وفنيون أعمال إنشاء مستشفى ميداني جديد في قطاع غزة تشرف عليه منظمة خيرية أميركية في الوقت الذي وجهت لحركة حماس الإسلامية الحاكمة في القطاع انتقادات بسبب المشروع الذي أثار جدلا واسعا في الشارع الفلسطيني.

 

وتجري أعمال إنشاء المستشفى على مساحة 40 دونما منحتها حكومة حماس في غزة لمنظمة "فريند شيبس" الخيرية المسيحية الأميركية، بحسب ما أفاد نائب رئيس حركة حماس في القطاع خليل الحية.

 

وأحيط "المستشفى الأميركي الميداني" بسياج حديدي نصبت بداخله خيام زيتية اللون ستضم لاحقا أقسام المستشفى وغرف العمليات الجراحية والمرافق العلاجية، بالإضافة إلى مكاتب من الصفيح زرقاء اللون للشؤون الإدارية والفنية.

 

وبحسب مسؤول في وزارة الصحة في قطاع غزة المحاصر "ستتولى وزارة الصحة في غزة الإشراف على المستشفى الذي يفترض أن يضم 500 سرير و16 قسما علاجيا، في حين سيكون الإشراف الطبي من قبل طاقم أميركي، أما كوادر التمريض والإدارة فستكون من طرفنا".

 

وأنهت شركة فلسطينية محلية إقامة البنية التحتية وتمهيد الطرقات المؤدية إلى المستشفى، ويتولى عناصر من أمن حماس أعمال الحراسة وتأمين البوابات الرئيسية للموقع.

 

ووفقا للناطق باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم فإن "الأجهزة الأمنية في غزة مسؤولة عن تأمين كافة المؤسسات والمنشآت الموجودة على أرض القطاع".

 

وبحسب الحركة، يشكل المستشفى الذي يقع بجوار معبر بيت حانون (إيريز) بين القطاع وإسرائيل، خطوة أساسية في تفاهمات التهدئة بين إسرائيل وحماس.

 

وقال الناطق باسم حماس حازم قاسم "إدخال معدات المستشفى الدولي هو جزء من التفاهمات بين الفصائل والاحتلال وسيخدم أبناء قطاع غزة في المجال الصحي".

 

وأوضحت وحدة الجيش الإسرائيلي المسؤولة عن الأنشطة المدنية في الأراضي الفلسطينية "كوغات" أن "المستشفى الأميركي غير مرتبط بإسرائيل".

 

ولا يوجد جدول زمني لافتتاح المستشفى.

 

- "قاعدة أميركية سرية" -

 

وأثار موقع المستشفى وطريقة الإعلان عنه ريبة الفلسطينيين وحركة فتح على وجه الخصوص، حتى ظن البعض أن المستشفى يمثل موقعا لقاعدة أميركية سرية.

 

ويبدو موقع المستشفى بالنسبة لأحد الأشخاص الذين عملوا في المجال الإنساني في غزة فضل عدم الكشف عن اسمه غريبا، خاصة وأنه لا يبعد سوى بضع دقائق عن مستشفيين حكوميين فلسطينيين شمال القطاع هما المستشفى "الأندونيسي" ومستشفى "كمال عدوان".

 

وعلق قائلا "ما تحتاجه غزة هو المال لدفع رواتب كوادرها الطبية وشراء المزيد من المعدات والأدوية، وليس مستشفى إضافي".

 

لكن مؤسسة "فريند شيبس" ومقرها ولاية لويزيانا تؤكد أن لا علاقة للحكومة الأميركية بتمويلها وأنها هي الجهة المشرفة على المشروع الذي سيمول بأموال قطرية.

 

وقال مصدر في مكتب السفير القطري في غزة محمد العمادي إن "العمادي أبلغ حماس بأن دولة قطر ستساهم في تمويل عمليات المستشفى الميداني الأميركي الذي سيعمل بشكل مؤقت لتقديم الخدمات الطبية اللازمة، وأنها جزء من تفاهمات التهدئة" الأمر الذي أكده خليل الحية.

 

وعبر رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية التي جمدت علاقاتها مع الولايات المتحدة منذ أواخر العام 2017، محمد اشتية عن خشيته أن يجسد المستشفى "المخطط الأميركي الرافض للتعامل مع المطالب السياسية والحقوق الوطنية لشعبنا".

 

وقالت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن "حماس ترتكب جريمة ضد القضية الفلسطينية وضد شعبنا بموافقتها على إنشاء المستشفى الأميركي".

 

كما أعلنت وزارة الصحة في رام الله أنها "لن تتعامل مع المستشفى الأميركي في غزة".

 

أما حركة حماس فنوهت على لسان نائب رئيس الحركة بأن من لا يريد تأسيس المستشفى الأميركي "هم الذين لا يريدون تخفيف الحصار عن القطاع".

 

وقال الحية إن المستشفى الأميركي "يخضع للاختبار حاليًا من قبل الاجهزة الامنية والمقاومة في غزة".

 

واعتبر نائب رئيس الحركة أن هذا المشروع "إما أن يكون رافعة إنسانية لشعبنا لتلبية احتياجاته الطبية، أو سنطلب مغادرته فورًا، ولن نتردد لحظة في اتخاذ هذا القرار".

 

تحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ العام 2006، وخاضت مع حركة حماس ثلاث حروب منذ العام 2008.

 

وليست حركة فتح وحدها التي تشعر بالريبة من وجود المستشفى الأميركي.

 

ووصف القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين غازي الصوراني المستشفى بـ "الشبهة الأمنية، وإن جاء بلباس إنساني زائف".

 

- علاجات متطورة -

 

وتُظهر الصور المنشورة على صفحة المنظمة الخيرية على فيسبوك، عددا من المتطوعين الشباب يرتدون قمصانا داكنة وهم يثبتون أوتادا حديدية في الأرض، وينصبون الخيام.

 

وقالت المنظمة عبر موقعها الإلكتروني إن العلاج - مع استكمال بناء المستشفى - سيكون عن بعد من خلال التشاور مع أطباء متخصصين من جميع أنحاء العالم ومن الممكن أن يشمل في وقت لاحق تقديم علاج لمرضى السرطان بالإضافة إلى تقديم علاجات متطورة.

 

وستقدم المنظمة خدماتها للجمهور على يد "أطباء مسيحيين وأشخاص آخرين" على مدار "أربعة أيام في الأسبوع".

 

وكانت "فريند شيبس" في السابق تدير مستشفى ميداني بالقرب من حدود إسرائيل مع سوريا.

 

ولم تحصل وكالة فرانس برس على رد من المنظمة.

 

وأدخلت كافة معدات المستشفى وتجهيزاته إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم)، إلى جانب الطواقم الفنية والمهندسين المشرفين على الإنشاءات.

 

وتعاني المستشفيات في القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ أكثر من عقد من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية.

 

ويرى محللون أنه يمكن للمستشفى الميداني أن يقدم بديلاً للمرضى الغزيين الذين هم بأمس الحاجة للعلاج، لكن قربه من إسرائيل يثير مخاوف الفصائل الفلسطينية.

 

وتوصلت إسرائيل وحماس لتهدئة هشة بعد مفاوضات غير مباشرة برعاية مصر والأمم المتحدة بعد حرب 2014، ومنذ ذلك التاريخ وقعت مواجهات عسكرية بين الطرفين عدة مرات كان آخرها في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

 

واستشهد خلال المواجهة الأخيرة التي اندلعت على إثر اغتيال إسرائيل لقيادي بارز في حركة الجهاد الإسلامي، 36 فلسطينيا في قطاع غزة بينهم خمسة أطفال.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - أ ف ب