جريمة التميز العنصرى

بقلم: عبد الكريم شبير

عبد الكريم شبير

فى البدية لابد لنا من التعرف على معنى التميز العنصرى ، ثم معرفة اى نوع من انواع الجرائم الدولية يشكل التميز العنصرى ، ثم يمكننا التعرف على الموقف الاخير الى اللجنة الدولية للقضاء على جميع اشكال التميز العنصرى، حيث تعتبر دولة فلسطين طرفآ فيها.

اولا: تعريف العنصرية او التميز العنصرى، فالعنصرية هي الاعتقاد بأن هناك فروقًا وعناصر موروثة بطبائع الناس وقدراتهم وعزوها لانتمائهم لجماعة أولعرق ما،  وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف دينيآ واجتماعيا وثقافيآ وقانونيا وخلافه..، كما ويستخدم مصطلح التميز العنصرى للإشارة إلى الممارسات التي يتم من خلالها معاملة مجموعة معينة من البشر بشكل مختلف عن الاخرين ، سواء بالإقصاء أو التهميش أو التمييز بين البشر على أساس اللون أو الانتماء القومي أو العرقي ، وأولئك هم الذين ينفون أن يكون هناك مثل هذه الصفات الموروثة،
ويعتبرون أي فرق في المعاملة بين الناس على أساس وجود فروق من هذا النوع تمييزًا عنصريا.

ان بعض الذين يقولون بوجود مثل هذه الفروق الموروثة يقولون أيضا بأن هناك جماعات، أو أعراق أدنى منزلة من جماعات أو أعراق أخرى، وفي حالة المؤسسة العنصرية، أو العنصرية المنهجية، فإن مجموعات معينة قد تحرم بعض الحقوق أو الامتيازات، أو تؤثر في المعاملة على حساب أخرى بالرغم من أن التمييز العنصري يستند في كثير من الأحوال إلى فروق جسمانية بين المجموعات المختلفة، ولكن قد يتم التمييز عنصريا ضد أي شخص على أسس إثنية أو ثقافية، دون أن يكون لديه صفات جسمانية ، وقد تتخذ العنصرية شكلاً أكثر تعقيداً من خلال العنصرية الخفية التي تظهر بصورة غير واعية لدى الأشخاص الذين يعلنون التزامهم بقيم التسامح والمساواة ، وبحسب إعلان الأمم المتحدة فإنه لا فرق بين التمييز العنصري والتمييز الإثني أو العرقي.
 

ثانيآ: ماهو نوع الجريمة التى يمكننا تصنيف  التميز العنصرى؟.
ان التميز العنصرى يعتبر من اخطر الجرائم فى القانون الدولى الانسانى والقانون الدولى لحقوق الانسان والقانون الدولى الجنائى، فاى انتهاك لاى مبدأ اونص لهذه القوانين يعتبر  جريمة ، وعليه فقد اتفق جميع الفقهاء فى القانون الدولى بان هذا الانتهاك اوالجرم يعتبر جريمة ضد الانسانية وعليه فأن جميع الانتهاكات التى اقترفها ويقترفها قادة الكيان الصهيونى فى الاراضى الفلسطينية ، سواء " فى اراضى 48 والقدس او بالضفة الفلسطينية اوبغزة هاشم "، يعتبر جرائم ضد الانسانية.
ثالثآ: اما بالنسبة الى الموقف الاخير الى اللجنة الدولية للقضاء على جميع اشكال التميز العنصرى ، فقد جاء واضخا ودون ادنى مواربه مناصرآ وداعمآ للحق الفلسطينى، حيث جاءات القرارات التى صدرت بالامس القريب عنها في جلستها رقم "100" في جنيف، باختصاصها بالنظر في الشكوى التي قدمتها دولة فلسطين ضد الكيان الصهيونى،  استنادا للمواد (11-13) من هذه الاتفاقية.

أن هذه القرارات الحاسمة التى ارستها اللجنه الدولية تعتبر اهم سابقة فى الوقت الراهن ، ويمكن الى دولة فلسطين والقيادة الفلسطينية ان تبنى عليها بدعم و نصرة الحق الفلسطينى، وتعزيز سبل الانصاف وتحقيق العدالة الدولية الناجزه للحقوق الفلسطينية الغير قابلة للتصرف ، لكى يتم وضع حدا لغياب المساءلة والافلات من العقاب.

أن التمييز العنصري بكل اشكاله يعتبر اكبر واخطر الجرائم فى عالمنا المعاصر والمتحضر ، ويشكل خطرآ كبيرآ على السلم والامن الدوليين، ويقع على عاتق المجتمع الدولي التزامآ قانونيآ للتصدي لهذه الكارثة والمصيبة الاجرامية ، التى يقترفها قادة الكيان الصهيونى وان يتم محاسبتهم وملاحقتهم قضائيآ  امام القضاء الدولى ، وقد اكدت اللجنة الدولية بأن فلسطين هي دولة طرف في هذه الاتفاقية، ويحق لها تفعيل آلية المساءلة بها بالشكل القانونى والقضائى.

أن هذه الاتفاقية تعتبر من اهم اتفاقيات حقوق الانسان، حيث تحتوي على قواعد يقع على عاتق كل الدول السامية المتعاقدة احترامها، وتنفيذ بنودها بكل الوسائل القانونية المتاحه والمشروعه وخاصة الوسيلة القضائية ،استنادآ  للمبادئ السامية والمشتركة وكفالة احترامها،  من جميع اعضاء المجتمع الدولي، بغض النظر عن العلاقات، او المصالح الثنائية بين الدول الأطراف" بالاتفاقية .

أن الكيان الصهيونى يحاول ان يلتف على قرارات اللجنة الدولية وعرقلة إجراءاتها كالعادة، وكان من أبرزها الامتناع عن الامتثال لقرار اللجنة الصادر بتاريخ 15 كانون الأول 2018 ، والإيضاحات الصادرة عن فريق عملها في آذار 2019 ، اللذان دعت بهما اللجنة كل من دولة فلسطين، والكيان الصهيونى لتقديم مرافعات شفوية، تتناول حصراً مسألة الاختصاص، على أن يتم ذلك في جلسة مغلقة في حنيف بتاريخ 2 أيار/مايو 2019 ، عندما قدمت دولة فلسطين في ذات الجلسة مرافعة قانونية أمام اللجنة الدولية ، مبينه جميع الدفوع القانونية التي تؤكد اختصاص اللجنة في نظر هذه الشكوى ، مع العلم أن دولة فلسطين  تقدمت بهذه الشكوى بتاريخ 23 نيسان/ابريل 2018 بصفتها دولة عضو في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد الكيان الصهيونى، إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية باتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، استنادآ الى واجبها الوطنى والقانونى بحماية مواطنيها، من التمييز والممارسات والسياسات الأخرى ، التي تنتهك التزامات الدول الأعضاء في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري.

أن دولة فلسطين  بهذه المرافعة القانونية اكدت على حقها، عندما مارست حقها المتأصل في مركزها القانوني،  والتى اقرتها اتفاقية القضاء على التمييز العنصري في مواجهة الاحتلال الاستعماري العنصري للأرض الفلسطينية المحتلة، بفرض منظومةٍ من السياسات العنصرية بحق ابناء الشعب الفلسطيني.

أن دولة فلسطين لا تزال تحت هذا الاحتلال الاستعماري العنصرى البغيض، وبالتالي إن مواجهة هذه السياسات والانتهاكات العنصرية القمعية الواسعة النطاق، هي أولوية لا يمكن تأجيلها .

من هذا المنطلق وإيمانا والتزامآ بالقانون الدولي ومبادئ الشرعة الدولية، يجب على دولة فلسطين مواصلة هذه الطريق وطرق جميع الأبواب القانونية والقضائية والدبلوماسية، للمطالبة بسماع صوت الشعب الفلسطيني في حقه بتقرير مصيره على أرضه أسوةً بباقي شعوب العالم.
 ان دولة فلسطين بصفتها طرفآ فى اتفاقية القضاء على جميع اشكال التميز العنصرى وتقديمها لهذه الشكوى ، تعتبر خطوة فى الاتجاه الصحيح والسليم ، وهذه مسؤولية القيادة الفلسطينية بكفالة واحترام حق الشعب الفلسطيني في التحرر ، فهو حق غير قابل للتجزئة أو للتصرف او المساومة، ولا يحتمل أن يخضع للابتزازات السياسية المستهترة في عدالة قضيتنا العادلة.

من خلال هذه الشكوى تمكنت دولة فلسطين من طرح قضيتها بنجاح امام المجتمع الدولي، واليوم على المحتمع الدولى أن يثبت جديته وفعاليته في حماية النظام الدولي، والالتزام بمبادئ الشرعة الدولية لتحقيق السلم والأمن الدولي بتطبيقه وتنفيذ القانون الدولى، دون مهادنه او مجاملة للكيان الصهيونى او من يسانده ، بما في ذلك القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"، والتى تعتبر من اخطر الجرائم ضد الانسانية ، المنتهكة  للقانون الدولى الانسانى والقانون الدولى لحقوق الانسان.

ان الشعب الفلسطينى يطالب القيادة الفلسطينية بمطالبة جميع الدول السامية الموقعة على اتفاقيات القانون الدولى الانسانى وقانون حقوق الانسان، وكذلك جميع المنظمات الدولية الاخرى التى اعتمدت على المبادئ الواردة فى ميثاق الامم المتحدة، ان تنهج نفس نهج المنظمة الدولية لمكافحة جريمة التميز العنصرى، وان يتم تفعيل القانون الدولى بكل فروعه، واهمها القانون الدولى الانسانى، وقانون حقوق الانسان، والقانون الجنائى الدولى، التزامآ بالمسؤلية الدولية والانسانية والاخلاقية، ولوضع حدآ للكيان الصهيونى بتمرده على القانون والشرعية الدولية.

بقلم د.عبدالكريم شبير الخبير فى القانون الدولى

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت