قال تعالى: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا "صدق الله العظيم .. إخوتي الأماجد أخواتي الماجدات أعزائي القراء أحبتي الأفاضل فما أنا بصدده اليوم هو تسليط الضوء على سيرة عطرة وذكرى طيبة لرجل من رجالات الوطن وفدائي من مغاوير مقاتلين الثورة الفلسطينية وأحد أبرز القيادات العسكرية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح على مستوى الوطن والخارج، عضو المجلس الثوري لحركة فتح ،ومساعد مدير الشرطة الفلسطينية للعمليات والتخطيط والتنظيم على مستوي كافة محافظات الوطن والذي كان له شرف صناعة العديد من قذائف الهاون في قطاع غزة لرجال المقاومة الفلسطينية وقد أرتقى الشهيد القائد اللواء الركن عبد المعطي السبعاوي (أبو ياسر) صباح يوم الأثنين الموافق 18/12/2000م إثر إصابته بإحدى قذائف الهاون أثناء محاولته تطويرها, عن عمر يناهز 55 عاماً قضى جلّها في طاعة الله وخدمة الوطن والقضية...
بهذه المناسبة الأليمة نحُيى ذكرى استشهاد القائد الفلسطيني اللواء الركن/ عبد المعطي السبعاوي والذي برحيلة خسرنا وخسرت فلسطين وعائلته وشعبنا خسارة ثقيلة تاركا خلفة إرثاً نضالي ووطني وبصمة خالدة في مسيرة حياته النضالية الطويلة متوجا فصولها الأخيرة بالشهادة،. ولد الشهيد القائد الفلسطيني اللواء الركن/ عبد المعطي السبعاوي المكنى بـ"أبو ياسر"بحي التفاح بمدينة غزه بتاريخ 20/7/1947 وسط عائلة هاجرت من مدينة يافا في فلسطين المحتلة 1948م التي هجر سكانها منها كباقي العائلات الفلسطينية بقوة السلاح إلى مخيمات اللاجئين, إلى مدينة غزه واستقرت في بيتهم بالقرب من محطة القطار التي استهدفتها قوات الاحتلال الصهيوني عدة مرات تركت العائلة البيت لتبحث عن ماوي لها بعد ان أصبح بيتهم معرض للخطر وكان والده رحمة الله الشيخ حسين السبعاوي أحد الثوار الذين شاركوا بثورة القسام وكان أحد مناضليها في قطاع غزه مع ثله من القادة والمناضلين امثال الشهداء مدحت الوحيدي وأًبو الوليد داود وعبد ربه الافرنجي..
نشأ الشهيد القائد الفلسطيني اللواء الركن/ عبد المعطي السبعاوي في كنف أسرة فلسطينية متواضعة لاجئة مناضلة محافظة على تقاليد المجتمع الفلسطيني وملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف, تزوج المرة الأولى من السيدة / نجوى محمد رمضان عام 1970 وهي مصرية الجنسية وهي حفيدة اخر حاكم مصري حكم غزة وانجب منها ياسر عقيد شرطة, وحازم مهندس ويعمل في مكتب الرئيس وسحر خريجة كلية تجارة وهي متزوجة من السيد احمد عبد اللطيف السبعاوي ابن عمها, ثم تزوج للمرة الثانية من السيدة ثروة ابو غزالة في عام 1980 وانجب منها لؤي مهندس كمبيوتر ولما خريجة كلية تجارة, تلقى تعليمة الدراسي الابتدائي والإعدادي بمدرسة هاشم بن عبد مناف، وحصل على الثانوية العامة في مدرسة فلسطين والتحق في مجموعات الفتوه في المدرسة الثانوية وتلقى تدريباته العسكرية على يد ضباط فلسطينيين من جيش التحرير الفلسطيني وتعلم فنون الرماية بالسلاح والوثب وكان مولعا بها واحد انشط الطلاب في مدرسته والمدارس الاخرى..
محطات مضيئة في حياة الشهيد القائد الفلسطيني اللواء الركن/ عبد المعطي السبعاوي التحق في صفوف حركة فتح مبكراً هو ورفيق صباه الشهيد هاني الدبيكي وكان آنذاك طالبا في مدرسة فلسطين الثانوية بالمجموعات الاولى للحركة وكان يتابع اعداد مجلة فلسطيننا نداء الحياه التي كانت تصدر في بيروت وكان يشرف عليها فتحاويا الشهيد القائد خليل الوزير أبو جهاد. التحق المناضل الشهيد أبو ياسر ضمن مجموعه تابعه لحركة فتح في مدينة غزه مع بداية الاحتلال الصهيوني وتم اعتقالهم من قبل الامن المصري في مقر السرايا وكان في حينها يقودهم الدكتور المرحوم عمر سكيك احد قيادات الحركة وعضو بالمجلس الثوري واحد مؤسسين الخدمات الطبية العسكرية ويقودهم سياسيا احد مؤسسي حركة فتح وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح المرحوم عوني القيشاوي .
بعد احتلال القوات الصهيوني قطاع غزه عام 1967,لم يغادر الشهيد عبد المعطي السبعاوي قطاع غزه وبدأت المجموعات العسكرية التي التحق فيها تمارس عملها المسلح بأشراف الشهيدين كمال عدوان والشهيد خليل الوزير أبو جهاد وكانت توجه النداءات العسكرية لهذه المجموعات عبر اذاعة العاصفة في الاردن وكان ضمن هذه المجموعات الدكتور زهير الوزير عضو المجلس الثوري لحركة فتح سفيرنا في الامم المتحدة في أوروبا والشهيد المرحوم نعمان القدوه المعروف باسم صلاح ابو مشرف رحمة الله امين سر اللجنة الحركية العليا في قطاع غزه .
وحين اقام الشهيد ياسر عرفات قاعدته الارتكازية داخل الوطن واتخذ من مدينة نابلس والقدس ورام الله موقعه متنقلا ينظم مجموعات حركة فتح ويقودها بشكل ميداني خرج الشهيد عبد المعطي السبعاوي ليلتقيه وينقل اليه رسالة من حركة فتح في قطاع غزه إلى مدينة نابلس وكان آنذاك أصغر أعضاء مجموعات فتح في مدينة غزه وكان هو الرسول والذي يقوم بنقل السلاح إلى الحركة في الضفة الغربية من مخلفات الجيش المصري في غزه ويأتي بالأسلحة الناقصة على مجموعات فتح في غزه .
قامت مجموعات حركة فتح في قطاع غزه بالقيام بسلسلة عمليات ضد قوات الاحتلال الصهيوني اوجعته فشددت قوات الاحتلال الخناق علي القائد عبد المعطي السبعاوي اضطر إلى الخروج خارج الوطن باتجاه الأردن في نهاية عام 1967 بقوات الثورة هناك وكان في ذلك الوقت قد بلغ العشرين لاحظت القيادة امكانياته وخبراته العسكرية وتم اختياره ليشارك في دوره عسكريه في الصين .
شارك بعدة عمليات عسكريه وكان ضمن المجموعات المختارة للحركة ولعل اهمها معركة غور الصافي التي احتلت قوات الثورة اماكن داخل الوطن المحتل وقامت بدحر قوات الاحتلال الصهيوني عام 1968م وكانت بقيادة اللواء الشهيد موسى عرفات وكان له دور كبير في تدمير الناقلتين الحربيتين بيت يام وبيت شيبع ومساعدة القوات المصرية بهذه العمليات الهامه .
وكان احد ابطال معركة الكرامة المغاوير وشارك في حرب اكتوبر المجيدة عام 1973م وكان ضمن القوات المرابطة على الجبهة اللبنانية وقد اسرته القوات الصهيونية في لبنان وبقي في الاسر مدة ستة شهور واعطى اسم جندي مصري نظامي وقد افرج عنه ضمن تبادل للجنود المأسورين وعاد الى مصر وقد جن جنون القوات الصهيونية ان عرفت انه احد قادة حركة فتح .
عمل رئيس عمليات القطاع الجنوبي بالأردن وأحد مسئولي القطاع الغربي بعد عام 1971، قائد القوات المحمولة في لبنان، قائد قوات الثورة الفلسطينية على الساحة اللبنانية بعد العام 1982 وفي لبنان عمل ضمن القطاع الغربي لحركة فتح المسؤولة عن العمليات العسكرية داخل الوطن المحتل مع القائد هندي الشوبكي ابو زهير وبأشراف الشهيد القائد خليل الوزير وبعدها عمل ضمن قيادة الاخ الشهيد صبحي ابو كرش عضو اللجنة المركزية وتلقى دوره عسكريه عام 77 في الاتحاد السوفيتي دورة قادة كتائب ثم عام 1979م تلقى دورة قادة كتائب دبابات وتولى مناصب عديده وبعد معركة بيروت الخالدة تلقى دورة قيادة أركان في يوغسلافيا .
بعد الخروج من بيروت عاد الى طرابلس وتولى نائب القائد العام لمنطقة طرابلس وبعد اشتداد المعركة والهجمة السورية والليبية وخروج الثورة مره اخرى خرج الى الجزائر وعاد القائد عبد المعطي ا لى جنوب لبنان في اوائل اغسطس عام 1985م ليؤدي مهمه جديده بحماية شعبنا الفلسطيني في جنوب لبنان وقاد معركة مغدوشه القرية اللبنانية الأمنه المسيحية التي حاولت قوات الاحتلال الصهيوني التقدم اليها ولكن شجاعة وصمود قوات الثورة الفلسطينية المتمركزة فيها صدت هذا الهجوم وكان في ذلك الوقت القائد السياسي لحركة فتح في لبنان الاخ المناضل عبد العزيز شاهين ابو علي .
عاد الشهيد ليستقر في مصر وعاد مع طلائع قوات الثورة الفلسطينية الى قطاع غزه وكان اول من دخل القطاع بصحبة اللواء الشهيد زياد الاطرش قائد قوات الارتباط العسكري وعمل بمواقع مختلف في الشرطة الفلسطينية وكان مساعدة قائد الشرطة اللواء غازي الجبالي لشئون العمليات المركزية التي تقود وتوجه عمل الشرطة طوال الليل والنهار وكان دائما على راس عمله .
ومع انطلاقة الانتفاضة السابقة في الضفة والقطاع انتفض الثائر عبد المعطي وثار ثورة جديدة. ورآى في الانتفاضة اشراقة نور التحرير والعودة الاستقلال. حاول التسلل من جنوب لبنان ليكون مع المنتفضين لكنه اصطدم بعوائق عربية كثيرة. واقتنع ان اهل الانتفاضة ادرى بشجونها ودروبها، وانطلق من عين الحلوة في حركة دائمة لدعمها دون كلل او ملل. بعد حرب الخليج وتحول الجيوش العربية للخلف ايد العقيد المعطي عملية السلام، واعتبرها نافذه جديدة تفتح على العودة والاستقلال.
ولم ينتظر ظهور الخيط الابيض من الاسود واسرع في العودة الى حبيبته غزة. ورست سفينته في ميناء السلطة الوطنية وانخرط فورا في سلك الشرطة وظل يدافع ببسالة عن حقوق ناس الضعفاء ولم يبحث عن ملذات الحياة. وبعد تلاعب القيادة الصهيونية بالاتفاقات، قال "عدنا للوطن ونحن مقتنعين بصنع السلام الشامل فوجدنا مجتمعا صهيونياً غير ناضج لسلام عادل، وقيادة عنجهية لا ترى ما هو ابعد من انفها، تحاول شطب تاريخ الشهداء وتحويل السلام الى استسلام. نظرة الوداع الأخيرة ..
لرحيل المناضل القائد الوطني الشهيد اللواء الركن/ عبد المعطي السبعاوي ارتقى الشهيد اللواء لركن عبد المعطي السبعاوي مساء يوم الاثنين الموافق 18/12/2000م بعد إصابته بشظايا قذيفة صاروخية أثناء محاولة إبطال مفعولها في منطقة السودانية، على شاطئ البحر شمالي معسكر الشاطئ.
وطبقاً لبيان صدر عن مدير الشرطة الفلسطينية، كان الشهيد "يحاول إبطال مفعول قذيفة مدفع صهيوني تم إحضارها إلى وحدة الهندسة في الشرطة من المناطق التي تم قصفها الأسبوع الماضي من قبل القوات الصهيونية في منطقة دير البلح، حيث انفجرت القذيفة وتناثرت شظاياها لتصيب جميع أنحاء جسده الطاهر في منطقة العنق والصدر والحوض والقدمين.
شارك في تشييع جنازة الشهيد اللواء الركن/ عبد المعطي السبعاوي في مدينة غزة يوم الثلاثاء الرئيس الشهيد ياسر عرفات وكبار الشخصيات القيادية من حركة فتح والقوى الوطنية والإسلامية وألقيت نظرات الوداع الأخيرة عليه من قبل عائلته وأقيمت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة الظهر في مسجد الشيخ زايد في ساحة الكتيبة ووضع جثمان اللواء الركن عبد المعطي السبعاوي الذى لف بعلم فلسطين على ناقلة جند مكشوفة وتقدم الموكب فرقة الموسيقى العسكرية ودع جثمانه الطاهر جماهير غفيرة من أبناء شعبنا وسار في موكب جنائزي مهيب خيمت عليه أجواء الحزن ورغم هطول الامطار بشكل غزير سار المشيعون مشياً على الاقدام يتقدمهم الرئيس عرفات وكبار العسكريين الفلسطينيين للوصول إلى مثواه الأخير، حيث وارى الثرى في مقبرة الشهداء شرق مدينة غزة وحياه رفاقه بإحدى وعشرين طلقة وأقيم للمرحوم بيت عزاء وحضرت الوفود الرسمية وعامة الناس ورجال الإصلاح والوجهاء والمخاتير وأعيان البلد والشخصيات الوطنية والاعتبارية.. رحمك الله يا شهيدنا البطل أبو ياسر وإلى جنات الخلد بإذن الله تعالى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً
بقلم :- سامي إبراهيم فودة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت