المقالة الثالثة :
(7) شكيم بن حمور يغتصب " دينا " ابنة يعقوب ويزني بها:
تقول قصة التوراة أن يعقوب وبنيه وخدمه ومواشيه قد أتوا مدينة شكيم التي في أرض كنعان، حين جاء من فدان آرام، وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد بني حمور أبي شكيم بمئة قَسِيطة. " وخرجت دينا ابنة ليئة التي ولدتها ليعقوب لتنظر بنات الأرض، فرآها شكيم ابن حمور الحِوِّي رئيس الأرض، وأخذها واضطجع معها وأذلها ". تك صح 34: 1– 2. ولكنَّ يعقوب أباها وإخوتها غضبوا على شكيم الذي نجس أختهم، فانتقموا لها وقتلوا شكيم وأباه حمور وعدداً من رجال المدينة بحد السبف.
(8) رأوبين يضطجع مع " بلهة " سُرِّيَّة أبيه يعقوب:
" ... ثم رحل إسرائيل- من بيت لحم بعد وفاة زوجه " راحيل " أم يوسف- ونصب خيمته وراء مجدل عِدر، وحدث إذ كان إسرائيل ساكناً في تلك الأرض، أن " رأوبين "– الابن البِكر ليعقوب– ذهب واضطجع مع " بلهة " سُرِّيَّة أبيه ". تك صح 35 : 21 – 22 . ( سُرِّيَّة أبيه يعني: امرأة أبيه، وهي في الأصل جارية لراحيل التي لم تكن تنجب في بداية زواجها من يعقوب، فدفعتها غيرتُها من ضُرتها (أختها) ليئة الولَّادة، فقامت " راحيل " وأخذت جاريتها " بلهة " وأعطتها لزوجها يعقوب، ليكون مَن تنجبُه الجارية يُسمَّى باسم سيدتها ( أي باسم راحيل)، فأنجبت " بلهة " الجارية من يعقوب ولديْن: دان و نفتالي) انظر تك صح 30 :1– 8.
(9) يهوذا بن يعقوب يزني بكِنَّته " ثامار" :
" يهوذا " هو الابن الرابع ليعقوب من زوجه " لَيْئَة "، وهو أحد الأسباط الاثني عشر، وجَدُّ اليهود الأعلى الذي ينتسبون إليه، كان له ثلاثة أولاد: "عِير" الابن البِكر، الذي اتخذ له أبوه زوجة اسمها " ثامار"، وكان هذا الابن شريراً في عين الرب، إذ كان إذا جاء زوجه للاضطجاع معها فإنه يأتيها من مكان يخالف فيه السُنَّة التي أمر بها الله ، فأماته الرب بعمله الشر، ولم
تنجب زوجه منه، فزوجها يهوذا إلى ابنه الثاني " أُونان"، حتى يقيم نسلا لأخيه. وعندما علم أُونان أن النسل لا يكون له بل لأخيه إحياءً لاسم الميت. سلك طريقاً أغضبت الرب، إذ كان " أونان " إذا دخل على امرأته أفسد زرعه على الأرض، لكي لا يعطي نسلا لأخيه، فقبُح في عيني الرب ما فعله، فأماته أيضاً. أما الابن الثالث " شِيلَة " فكان صغيراً ولم يبلغ الحُلُم ، فطلب يهوذا من كنته " ثامار" أن تقعد في بيت أبيها حتى يكبر ابنه الصغير ويزوجها منه. ذهبت ثامار إلى بيت أبيها تنتظر، فلما طال الزمان ماتت (شُوع) امرأة يهوذا الأب. علمت " ثامار" يوماً أن حماها سيخرج إلى مكان اسمه ( تِمنة) ليَجُزَّ غنمَه، فخلعت ثياب ترمُّلها وتحررتْ من مظاهر الحداد، ولبست برقع وأخفت شكلها بملاءة كبيرة، وجلست في الطريق تنتظر مروره، وأضمرت في نفسها فعل الشر، لأن حماها لم يَفِ بوعده ولم يزوجها لابنه الذي كبُر. مر يهوذا بها " فنظرها يهوذا، وحسبها زانية، لأنها كانت قد غطت وجهها، فمال إليها على الطريق وقال: هاتي أدخل عليك، لأنه لم يعلم أنها كِنَّتُه. فقالت: ماذا تعطيني لكي تدخل عليَّ ؟. فقال: إني أرسل جَدي معزى من الغنم، فقالت: هل تعطيني رهنا حتى ترسله؟. فقال: ماذا الرهن الذي أعطيك؟ فقالت: خاتمك وعصابتك وعصاك التي في يدك. فأعطاها، ودخل عليها، فحبلت منه ". تك صح 38: 15– 18. ولما أرسل الجَدي للزانية مع أحد أصحابه ليفك الرهونات لم يجدها صاحبه الرسول. ومرت ثلاثة شهور، فبان عليها الحمل، فأخبره الناس أن كِنته قد زنت، وها هي حُبلى من الزنا. فأمر يهوذا بإخراجها لتُحرق، فأرسلت ثامار إلى يهوذا، وقالت: نعم ! لقد زنيتُ وأنا حُبلى من الرجل الذي له هذه الأشياء، وأخرجت أمامه الخاتم فالعصابة ثم العصا، وهي تبتسم كالأفعى، فغاص في عاره وندمه، واعترف أنها أبرُّ منه بالعهد والوعد، فقد انتظرت حتى كبر شِيلة . أما هو لم يفِ بوعده ولا بَرَّ بعهده لأنه لم يُزوجها من شِيلة حين كبر. وكان ثمرة الزنا أن ولدت ثامار من يهوذا توأميْن: فارص و زارح .
قبائح بني إسرائيل في سفر الخروج :
(10) لم يَسلَم الرب من افتراءات بني اسرائيل:
أ - شخَّص بنو إسرائيل الله ، وأنزلوه من السماء منزلة البشر؛ فيتصارع مع يعقوب . " فبقي يعقوب وحده، وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر. (أي : أن الله نزل في صورة إنسان). ولما رأى أنه لا يقدر عليه (أي أن يعقوب أقوى وقد غلب الله)، ضرب حُقَّ فخذه، فانخلع حُقَّ فخذ يعقوب
في مصارعته معه. وقال(الرب ليعقوب) : أطلقني، لأنه قد طلع الفجر. فقال (يعقوب يشترط على الرب): لا أُطلقك إن لم تباركني. فقال له: ما اسمك ؟. فقال: يعقوب. فقال: لا يُدعَى اسمك في ما بعد يعقوب، بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقَدَرتَ. وسأل يعقوب وقال: أخبرني باسمك . فقال: لماذا تسأل عن اسمي؟. وباركه هناك . فدعا يعقوب اسم المكان (فَنِئِيل) قائلا: لأني نظرتُ اللهَ وجها لوجه ونُجِّيَتْ نفسي ". تك 32: 24– 30.
ب – وصف بنو إسرائيل الربَّ كسائر البشر؛ ينسى ويتذكَّر:
لقد صنَّف بنو إسرائيل الرب كما وسوست لهم شياطينهم، فوصفوه كسائر البشر: يتذكر وينسى . " وحدث في تلك الأيام أن ملك مصر مات، وتنهَّد بنو إسرائيل من العبودية وصرخوا، فصعد صراخهم إلى الله من أجل العبودية. فسمع الله أنينهم، فتذكَّر الله ميثاقه مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب " . خروج صح 2: 23– 24.
ج – اتهام موسى لربه بالإساءة لشعبه:
الإساءة هنا مركَّبة، ذلك أنهم أظهروا نبيهم موسى بعدم اللياقة الأدبية، وتنقصه التربية ليعرف كيف يخاطب الله خالقه. ثم جعلوا موسى يتهم ربه بالإساءة إلى شعبه ويكيل له في لومه. " فرجع موسى إلى الرب، وقال: يا سيد ، لماذا أسأت إلى هذا الشعب؟ لماذا أرسلتني؟ . فإنه منذ دخلت إلى فرعون لأتكلم باسمك، أساء إلى هذا الشعب، ( ثم يلومه موسى) وأنت لم تُخلِّص شعبك " . خروج صح : 5: 22- 23.
(د) الرب يخطئ في اختيار شاول ملكاً على إسرائيل، ثم يندم:
ولما شاخ " صموئيل "- الرائي (النبي)- أخذ الشعب يلح عليه، يطالبونه بتنصيب ملك عليهم يسُوسُهم ويحميهم من هجمات الفلسطينيين. فاختار الرب " شاول " (في العربية: طالوت)، وأوعز إلى صموئيل بتنصيبه ملكاً على بني إسرائيل بحضور رؤساء القبائل. " وقال صموئيل للشعب: هلموا نذهب إلى الجلجال، ونجدد هناك المملكة، فذهب كل الشعب إلى الجلجال، وملَّكوا هناك شاول أمام الرب في الجلجال". صم1: صح11: 14-15.(الجلجال:هي المدينة التي اتخذها شاول مدينة لحُكْمه). ولكن شاول يُغضب الرب لأنه لم يسمع كلامه، بل خالف ولم يطع أمره في عدم محاربة الخُطاة من العماليق ولم يحاربهم.(القصة في صم1 صح 15) . وكان كلام
الرب إلى صموئيل قائلا: " ندمتُ على أني قد جعلت شاول ملكاً، لأنه رجع من ورائي ولم يُقِم كلامي". صم1 صح15 :11. ثم يبدي الرب ندمه في موضع آخر: " والرب ندم لأنه مَلَّكَ شاوُل على إسرائيل ". صمويل الأول صح 15 : 35. ثم يختار الرب " داود " ويطلب من صموئيل أن يمسَحه مَلكاً على بني إسرائيل بدلا من شاول الملك المخلوع . ومن هنا تبدأ الحرب الباردة بين الاثنين لغيرة شاول من داود الذي استقطب الشعب حوله بعد أن انتصر على " جوليات " الفلسطيني. فكان على شاول أن يفكر بطريقة تخلِّصه من منافسه. فقد حدث- بحسب ادعاءات التوراة- أنَّ (ميكال) ابنة شاول أحبت داود الذي بادلها حباً بحب، فطلبها داود من أبيها شاول زوجاً له، فاشترط أبوها شاول أن يكون مهرها مئة من الفلسطينيين(الغُلف) فوافق. وكان في هذا المهر مكيدة أراد بها شاول أن يوقع غريمه داود في يد الفلسطينيين الجبارين، اعتقاداً منه أنه لن ينجو من الموت، وبهذا يتخلص من منافسه إلى الأبد. هذه هي بعض قبائحهم التي لا تخلو من المؤامرات والدسائس، والأمر بعمل المنكر والشر والنهي عن الإحسان والبِر. (انظر القصة صم1 صح 18) ***
للكاتب الصحفي/عبدالحليم أبوحجاج
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت