المحكمة الجنائية والإختبار القادم..

بقلم: أشرف صالح

اشرف صالح

نحن الفلسطينيين الآن أمام مشهدين , مشهد الفرحة بالإنتصار السياسي والدبلماسي , والذي تمثل في أن المحكمة الجنائية الدولية فتحت تحقيقاً في  جرائم الحرب التي إرتكبتها إسرائيل ضدنا ,  ومشهد الخوف من أن يتبخر هذا الإنتصار إذا ما إستطاعت إسرائيل الإفلات من المحاسبة القانونية , كما إستطاعت قبل ذلك الإفلات من قرارات الأمم المتحدة , والتي أدانتها بسبب الإستيطان والتهويد...إلخ ,  وكما أننا نعلم يقيناً أن إسرائيل كانت فوق القانون في كل القرارات السابقة , بسبب نفوذها الخارجي  ودعم الولايات المتحدة لها , إلا أننا هذه المرة يجب أن نراهن على التغيرات الدولية والحسابات الجديدة , فالعالم اليوم بات يؤمن بعدالة القضية الفلسطينية , بسبب قوة العمل الدبلماسي الفلسطيني , وقوة الإعلام الفلسطيني أيضاً , وبدليل أن غالب الدول تعترف بدولة فلسطين , والبقية تناقش قضية الإعتراف في برلماناتها , فالأيام القادمة ستشهد مزيداً من الإعترافات بدولة فلسطين , وكأن هناك خارطة جديدة للعالم , بقيادة دول قررت التمرد على أمريكيا وبنتها إسرائيل .

قرار المحكمة الجنائية بفتح التحقيق , وضعنا جميعاً أمام إختبار ذا أهمية , فعلى الصعيد الدولي مهم جداً أن نعرف مدى قدرة إسرائيل , وكيف ستحمي قادتها من المثول أمام القضاء , أو الإعتقال , وما هي الأدوات المتبعة لفعل هذا , وكيف ستتصرف الولايات المتحدة لحماية إسرائيل , وكيف ستتصرف إسرائيل مع السلطة , وخاصة أنها بدأت بتهديد السلطة بالتقويض كخطوة أولى بعد قرار المحكمة , وهذا ينقلنا الى الإختبار الأهم وهو على الصعيد الداخلي لنا .

الإختبار الداخلي يتمثل في مدى تعاطي الأحزاب الفلسطينية التي تستخدم العمل العسكري والمتمركزة في غزة , تجاه القيادة الفلسطينية والتي تستخدم العمل الدبلماسي , ومع العلم أن كلاهما يحتاج للآخر , فلا قيمة للعمل العسكري دون إنجاز سياسي , ولا قيمة للعمل الدبلماسي دون دعم عسكري , فالأيام القادمة ستكشف لنا علاقة أصحاب القوة الناعمة بأصحاب القوة الخشنة , وما إذا تعرضت السلطة الى هجمة شرسة من إسرائيل بسبب قرار المحكمة , فهل ستتدخل المقاومة في غزة لتدعم موقف السلطة , أم ستصمت بسبب الإنقسام , هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة , رغم أنني على يقين بأن العمل المسلح في غزة لا يخرج عن حدود غزة , وإذا تحقق الدعم بين السلطة وغزة , سيكون معنوياً..

رغم كل المخاوف من الإختبارات القادمة , فالإنتصار الدبلماسي يستحق التقدير والإحترام , لأنه أولاً حفر إسم دولة فلسطين في جميع المحافل الدولية , وثانياً كشف إسرائيل وقادتها أمام العالم , وكشف عن الحروب والجرائم التي كانت تختبئ تحت قناع الديمقراطية والعدالة والسلام .

اشرف صالح

كاتب صحفي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت