لا شك بأن أحد أهم عناصر الصمود، للمقاومة الشعبية في فلسطين، هي الدعم الخارجي الذي تتلقاه، باعتبارها انعكاسا مباشرا، للحركة الجماهيرية الفلسطينية وتعبيرها السياسي، وهذا الدعم الذي ينقسم بين دعم مباشر مادي، أو دعم سياسي وإعلامي. في المقاومة الشعبية تمثل معركة زمنية مفتوحة، وليست بسيطة وسريعة، بل تحتاج إلى تضحيات كبيرة، قد تستنزف الشعب بأسره إذا ما توفر له الحد الأدنى من عوامل الصمود والثبات التي تمكنه من موازنة احتياجاته الشخصية، وتأمين أبسط مقومات العيش البسيط، ومن الاستمرار في خوض معركة الصمود والتحدي، في وجه العدو الإسرائيلي، وتحقيق مكاسب سياسية على طريق انتزاع كامل الحقوق الوطنية.
وعليه فإن للعرب والمجتمع الدولي مسؤولية كبيرة في دعم صمود الشعب الفلسطيني، الذي يناضل في إطار محاولة خلق مساحة من السلام، التي تتحقق في تنفيذ الجانب الإسرائيلي قرارات الشرعية الدولية، والتي تشكل محط توافق عربي ودولي كبير، باستثناء (الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل)، وهذا يفرض على الدول العربية تسخير الإمكانيات المادية والسياسية في دعم صمود الفلسطينيين، وفي توفير مقومات الثبات، وذلك بتقديم المساعدات المادية والعينية، بالإضافة للعمل على تحشييد الرأي العام الدولي من أجل دعم نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، وإستخدام عناصر القوة العربية ( النفط – الحركة التجارية)، لكي تشكل أداة ضغط على المجتمع الدولي لكي تدفعه بإتجاه، إتخاذ مواقف واضحة وحاسمة، في توفير الحماية للشعب الفلسطيني، وإجبار إسرائيل على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، وذلك بالانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية التي إحتلتها عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، لكي يتمكن الشعب الفلسطيني من إنجاز حلمه، في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، بعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين وفقا للقرار 194.
كما يتطلب توثيق العلاقة، بين المقاومة الشعبية الفلسطينية، وحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيلي (BDS) وإيجاد مساحات عمل مشتركة وفعالة، لما تمثله من عمق إقليمي ودولي لنضال الشعب الفلسطيني، ولما تحتويه الحركة من طاقات ( فكرية - ثقافية- سياسية – إعلامية - فنية – أكاديمية...) من مختلف المؤسسات والجمعيات والحركات... المهتمة بالقضية الفلسطينية، والتي تسخر طاقاتها في خدمة النضال الفلسطيني، وفي تعزيز صمود وثبات الشعب الفلسطيني، على أن تشكل حركة المقاطعة للمقاومة الشعبية الصوت واللسان حول العالم، وفي جميع المحافل الدولية، والنشاطات العالمية التي تعنى بحقوق الانسان، والمهتمة بإنهاء جميع أشكال الاحتلال والتمييز بجميع أشكاله، خاصة في ظل البرنامج التي تناضل في سبيله حركة المقاطعة والذي يجسد طموح الشعب الفلسطيني ونضاله الحالي.
جاء تشكيل حركة المقاطعة (BDS) في أعقاب تزايد الإجرام الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، واستمرار الاحتلال في التنكر لجميع الالتزامات الدولية في إنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية (1967)، والتي تمثلها قرارات الشرعية الدولية، وفي ظل النداءات المتكررة التي أطلقها الشعب الفلسطيني، لجميع المناضلين والاحرار حول العالم، للعمل على فرض حصار اقتصادي وثقافي وأكاديمي على إسرائيل، ودعم مقاطعة كل ما ينتج عن الاحتلال في مختلف المجالات، والتي نشأت عام 2005، ووضع لنفسها مجموعة من النقاط التي تناضل في سبيلها وهي:
1. إنهاء إسرائيل احتلالها للأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة)، بما في ذلك تفكيك الجدار الفاصل والمستوطنات الإسرائيلية.
2. إنهاء إسرائيل كافة أشكال الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، واعترافها بحق فلسطينيي 1948 بالمساواة الكاملة.
3. احترام وحماية ودعم حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم التي هجروا منها واستعادة ممتلكاتهم، كما نص على ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
تتمحور نشاطات الحركة فيما يلي:
1. مقاطعة: تشمل مقاطعة الشركات الإسرائيلية، وكذلك الدولية المتواطئة في انتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين، ومقاطعة المؤسسات والنشاطات الرياضية والثقافية والأكاديمية الإسرائيلية.
2. سحب الاستثمارات: تعني الضغط على المستثمرين والمتعاقدين مع الشركات الإسرائيلية، والدولية المتورطة في جرائم دولة الاحتلال، بسحب استثماراتهم وإنهاء تعاقدهم مع هذه الشركات.
3. فرض العقوبات: والمقصود بالعقوبات تلك الإجراءات العقابية التي تتخذها الحكومات والمؤسسات الرسمية والأممية ضد دولة (مثل إسرائيل) أو جهة تنتهك حقوق الإنسان، بهدف إجبارها على وقف هذه الانتهاكات. وتشمل العقوبات العسكرية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية وغيرها.
جهاد سليمان
إعلامي فلسطيني ـ بيروت
مجلة الحرية الفلسطينية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت