تلملم هذيانه بهمساتها

عطا الله شاهين

يذكر بأنه كان يهذي من حرارة امرأة لمسته ذات حُلْمٍ، بيديها الناعمتين، وراحت تلملم هذيانه بهمسات من شفتيها، فنهض من حلْمِه ليتأكد بأنَّ الحُلْمَ حقيقةٌ.. بحث عنها فلم يجدها.. نظر من النافذة.. فرآها تسير على الرصيف بخطوات سريعة مرتدية رداء أزرق.. كانت تشبه الشبح.. أشعل سيجارة، وجلس على الشرفة ليدخنها، وراح يتذكر تلك الهمسات، وقبل أن يدخل مرة أخرى إلى الحجرة، رأى تلك المرأة تسير على الرصيف، وإنارة الشارع بيّنت كل ملامحها، لم تكن شبحا.. كانت هي تلك التي جعلته يهذي.. إنها تشبهها بردائها الأزرق.. فنادى عليها، لكنها لم ترد عليه، فنزل من على درج العمارة ليرى بأن ما يراه ليس حُلْماً، وعندما نزل ووصل إلى الشارع، لم يجد أي أحد هناك، فنظر جانبا ورأى رجلا مخمورا، فسأله أرأيت امرأة للتو؟ فقال له الرجل، الذي بدا سكرانا: لم أر أية امرأة منذ دهر،ٍ فتركه وصعد إلى شقته، ونامَ على سريره الخشبي، ونسي الحادثة، وبعد مرور وقت قصير راح يهذي من حرارةٍ تشبه تلك الحرارة، التي لسعته قبل ساعة من الزمن، ورأى امرأة تلملم هذيانه بكل جنون من همساتٍ كانت تدخل عقله بجوّ صامت بصخب.. فقال في ذاته: أنا لا أحلم، إنها هي تلك التي همست قبل زمنٍ، فنهض من نوْمه، ولم ير أية امرأة، فقال ما هذا الهذيان إذن؟ من أين يأتي؟ فهل هذا حلم؟ لكنه يذكر كيف كانت تلملم هذيانه بهمساتها، التي أطربته بها طوال الليل..

عطا الله شاهين

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت