وسط ترحيب فلسطيني كبير واستياء إسرائيلي، يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الأربعاء، فلسطين في أول زيارة له منذ توليه الحكم في أيار 2017.
ويستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، عصر اليوم، في مقر الرئاسة في مدينة رام الله.
حكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو، حاولوا ثني الرئيس الفرنسي ماكرون عن زيارة فلسطين ولقاء الرئيس محمود عباس.
وقالت مصادر في الخارجية الإسرائيلية إنها أبلغت نظيرتها الفرنسية باعتقادها بان "زيارة ماكرون لرام الله لم تكن فكرة عظيمة ومستحبة، ولسنا متحمسين لها".
كما أبدت مصادر سياسية إسرائيلية استياءها من الزيارة، وقالت إن "الحكومة الإسرائيلية تشعر بخيبة أمل من قرار ماكرون بالاجتماع مع الرئيس عباس".
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن ماكرون سيؤكد للرئيس عباس خلال لقائهما على موقف باريس الثابت من حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل.
وكانت فرنسا انتقدت الأسبوع الماضي سياسة "الأمر الواقع" التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية بتكثيف المستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية في السنوات الأخيرة.
وسعت فرنسا بشكل منفرد أو من خلال عضويتها في الاتحاد الأوروبي الى دفع عملية السلام والحفاظ على حل الدولتين، ورفضت الاجراءات أحادية الجانب التي تقوم بها اسرائيل.
وأكد الرئيس الفرنسي بوضوح رفض بلاده قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، واعتبره مؤسفا، وشدد على تمسك بلاده وأوروبا بحل الدولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن، ضمن حدود معترف بها دوليا ومع القدس عاصمة للدولتين.
كما أكد مرارا على أن فرنسا ستواصل السعي لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وفقا لمبدأ حل الدولتين، وأن السلام يجب أن يمر عبر تحقيق الحقوق الفلسطينية المشروعة، وهي إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، وفقا للشرعية الدولية.
الرئيس ماكرون يؤمن أن الحل الوحيد المطروح هو حل الدولتين، ولا حلول غيره، لكن هذا الحل يتعرض لخطر حقيقي في ظل مواصلة التوسع الاستيطاني، الذي تواصل فرنسا إدانته بشكل مستمر، والذي وصل لأرقام ومؤشرات خطيرة منذ بداية هذا العام، والذي يعتبر غير شرعي بناء على القانون الدولي، فمساعي فرنسا في دعم جهود تحقيق السلام كانت واضحة، كذلك في مؤتمر باريس للسلام مطلع عام 2017، الذي حضرته 70 دولة، وكان يسعى لدفع عملية السلام.
وتربط فرنسا وفلسطين علاقات تاريخية وثيقة، فقد صوّتت لصالح الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية عضوًا مراقبًا في منظمة الأمم المتحدة، في 22 تشرين الثاني 1974، مؤكدة حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
وكان فرانسوا ميتران أول رئيس فرنسي يعرض الهدف المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية أمام الكنيست الإسرائيلية عام 1982.
ورفعت فرنسا درجة التمثيل الدبلوماسي للمفوضية العامّة لفلسطين في عام 2010، وأصبحت بعثة فلسطين وعلى رأسها سفير.
وتدعو فرنسا إلى التقيّد بالقانون الدولي ولا سيّما القرارات ذات الصلة الصادرة عن الأمم المتحدة، وإلى اعتماد حلّ الدولتين (القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة)، والحل العادل للاجئين (القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة)، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي (القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة)، والحفاظ على وضع القدس (القراران 476 و478 الصادران عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة).
وتضع فرنسا ثقتها بجميع المنظمات الدولية التي من شأن أنشطتها أن تسهم في إحراز تقدّم في القضية الفلسطينية، خاصة وكالة الأونروا التي تؤدي دورًا ضروريًا وجوهريًا من أجل مساعدة ما يزيد عن خمسة ملايين لاجئ فلسطيني.
وليس بعيدا عن الدعم السياسي للقضية الفلسطينية، ساهمت فرنسا في دعم بناء مؤسسات الدولة والبنية التحتية في فلسطين، وتعزيز الاهتمام المتبادل بتمتين العلاقات الثقافية بين البلدين.
ويُعدّ قطاع المياه والصرف الصحي أولوية من أولويات التعاون الثنائي بين فرنسا وفلسطين والقطاع الأساسي الذي تسهم فيه الوكالة الفرنسية للتنمية.
وتسهم علاقات التعاون اللامركزية العريقة بين فرنسا (70 سلطة إقليمية ومحلية فرنسية) وفلسطين في مؤازرة هذه الجهود. وتسهم فرنسا كذلك في تحقيق التنمية الاقتصادية الفلسطينية، خاصة في القطاع الخاص كدعم المنطقة الصناعية في بيت لحم، إلى جانب المساعدات المباشرة لموازنة الحكومة الفلسطينية.