لا ندرى ان كان العالم العربي والاسلامى على مقربة من سياسات ترامب وناتنياهو التى تذهب قدما الى انجاز مشروع حياتهما وهو تصفية القضية الفلسطينية وإقرار صفقة القرن كهدف نهائى لانشاء دولة فلسطينية منزوعة الأنياب خاضعة فى كل مسيرة حياتها القادمة لامرة الاحتلال الاسرائيلى ، ولا ندرى بعد كل هذا الظلم الذى ينتجه حلف الاقوياء ان بقى على ظهر البسيطة شعبا حرا يقف ضد الغطرسة الأمريكية الاسرائيلية بقيادة ترامب وناتنياهو . ولكن الذى ندريه على وجه اليقين ونعيه على وجه الدقة ان العالم قد اصبح فى متاهة الغاب يعيش فيها الاقوياء بمنطق القوة و ويسحق فيها الضعفاء بمواضعات الضعف كان ذلك على مستوى السياسة او القانون
لم يكن للقانون الدولى الذى نشأ وترعرع عبر اتفاقيات ومعاهدات وأعراف تتجه كلها نحو حفظ الحقوق ان يصبح فى يوم ما مطية للظلم الذى يقترفه الكبار بما لديهم من قوة ولا معبرا للقتل الذى يقدم عليه المجرمون بما لهم من سطوة ، ولم يكن الدفاع عن النفس موجبا للقتل سنبلة بأسباب يختلقها الأقوياء ويتلقفها اصحاب المطامح والمطامع ليسوقوا بها خنوعهم وعجزهم ويكذبون بها على شعوبهم ويتقربون بها زلفى الى اولياء نعمتهم وهم راكعون
لن ينطلى على العالم الحر أحاديث الافك التى يسوق بها ترامب وناتنياهو مشروعهما الكبير فى الشرق الاوسط ، ولن يصدق احد ما يبرر به ترامب ناتنياهو جرائمهما الشعنيعة فى حق الشعب الفلسطينى قتلا وترويعا وتجويعا، وتبعا لهذا لن يكون الدم العربى والمسلم الذى يستبيحانه صباح مساء مهدورا دون ثمن، ولن تقف الحرب على اسرائيل كما يظنون طالما ان القوى يستطيع ان يأخذ حق غيره قوة واقتدارا دون يردعه ضمير او يحاسبه قانون لم يكن قاسم سليمانى الا علقما فى حلق ناتنياهو لانه يعمل دون كلل على تحرير القدس التى يقود فيلقا باسمها لهذا وحده دارات ماكينة الاعلام الاسرائيلى ومن خلفها الحلفاء الطامعين منهم والطامحين لتصوير الرجل وحشا لا ترويه الا الدماء حتى غدا وحده رمزا للإرهاب ومنبعا للتخويف وحتى اصبح فى مرمى نيران دونالد ترامب ،سيد العالم الذى يفعل ما يشاء وقت يشاء
تم اغتيال الجنرال قاسم سليمانى بصواريخ امريكية وبقرار معلن من رئيس البلاد فكان هو القاضى الذى اصدر حكمه فى محكمة لا يوجد فيها سواه وكان هو الجلاد الذى نفذ الحكم الذى حدد مكانه وزمانه ، فهل اصبح بعد ذلك شخصا واحدا فى هذا العالم آمنا على نفسه من الاعدام ؟ وهل بات للقانون الدولى جدوى ؟
امن اسرائيل هو المحور الذى تدور حوله سياسة ترامب ناتنياهو فى الشرق الأوسط وامن اسرائيل هو الذى يحرك الادارة الامريكية والاسرائيلية فى تجاذبتتها مع دول العالم على العموم ودول المنطقة على الخصوص وامن اسرائيل هو الذى يحدد من هم الأصدقاء ومن هم الأعداء ومن الذى يتم دعمه ومن الذى تفرض العقوبات عليه ، وامن اسرائيل يحدد من الذى يقتل ومن الذى يكافأ . هذه هى الحقائق التى تدار بها السياسة الامريكية الاسرائيلية فى الشرق الأوسط .وعلينا نحن كأمة عربية اسلامية ان نحدد سياستنا تجاه اسرائيل والولايات المتحدة من منطلق ان لنا دولة مغتصبة هى دولة فلسطين وشعب محتل هو الشعب فلسطين وان لنا ثارات تجاه كل من قتل فلسطينيا منذ فجر الاحتلال وحتى الآن وان لنا دماء فى عنق كل من اراق قطرة منها ولنا قبل هذا وبعده أرضا محتلة وشعب مقهور .
ليس قاسم سليمانى هو الارهابى الوحيد فى هذا العالم وليست ايران هى المارقة الوحيدة بين دول العالم ... فعالم اليوم يزخر بالإرهابيين و اولهم بنيامين ناتنياهو والعالم اليوم يطفح بالدول المارقة وأولها إسرائيل ولكن قاسم سليمانى هو من اخاف دولة اسرائيل فحكم عليه بالموت وان ايران قد أرعبت إسرائيل فحكم عليها بالخراب ، ولا ننسى موقف ناتنياهو من البرنامج النووي الايرانى وكيف هدد وتوعد بانه لن يسمح لايران بامتلاكه، وكيف نسق ونفذ تعطيل الاتفاق النووى بين ايران والدول الكبرى الاخرى، وكيف ارتجف وخاف حينما هددت ايران باجتياح تل أبيب، وكيف ابتسم و ضحك حينما قتل سليماني ، ومع هذا فانه ليس من حق الرئيس ترامب ولا غيره ان يصدر حكما بقتل احد خارج نطاق القانون وليس من حق امريكيا ان تستبيح ارض دولة ذات سيادة لتنفذ عليها ذلك الحكم ، ولكن ترامب يرى فى نفسه ما لا يراه الناس ويظن فى سلطانه مالا يظنه الناس والناس الذين نعنى هنا هم اهل القانون والعدالة لان ترامب يرى انه سلطان زمانه فليس له رادع من عدالة وقانون ويظن فى نفسه ان أفعاله وأقواله محصنة ضد القانون والعدالة بل يرى ان القانون هو حجة الضعفاء لا يأخذ بها حتى وان كانت فى مصلحته حتى لا يحتج بها غيره عليه.
لا أمل من الخروج من ربقة الاحتلال الاسرائيلى الا بالمقاومة لان الذى يستقوى بالسلاح لا يحابه بالشجب وان الذى يلجأ الى القوة لا يواجه بالصياح وان الذى يريد ان يحيا حرا فى عالم اليوم يجب ان تكون له أظافر وأنياب ويجب ان يعلم العرب والمسلمون ان صفقة القرن تنضج على نار هادئة وان كل من يقف فى وجهها لن يجد الا الموت الزؤام واولهم كان قاسم سليمانى، وان علينا ان نختار .. اما الخضوع لمتطلبات الاحتلال والرضا بدولة فلسطينة مهينة وإما النهوض عاليا فوق الاحن واجبار العدو على احترام ارادة الشعوب لان الشعوب اذا ارادت الحياة فلا بد ان يستجيب القدر
ناجى احمد الصديق المحامى السودان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت