قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية "إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطيرة جدا لأنها تتعامل وفق نموذج قائم على محاولة إيقاع الهزيمة بالفلسطينيين ليستسلموا ثم يرضخوا"، مؤكدا "أننا لن نُهزم أو نستسلم أو نقبل بأي مبادرة لا تحقق الحد الأدنى من العدالة لشعبنا".
جاء ذلك خلال ندوة حول فلسطين ضمن أعمال الدورة الـ 56 لمؤتمر ميونخ للأمن، يوم الأحد، بمشاركة الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط، ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، بإدارة الباحث دانييل ليفي، وحضور عدد من الفاعلين والمهتمين بالشأن السياسي.
وأكد رئيس الوزراء أن "تطبيق الخطة بدأ قبل الاعلان عنها بنقل السفارة الامريكية إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وايقاف كل المساعدات للاونروا، وكذلك وقف التمويل للحكومة الفلسطينية."
وأضاف: "إن المقترح الأمريكي ليس للتفاوض بل للتنفيذ، فقد أعطى الاسرائيليين الحق بضم الأغوار الفلسطينية والقدس ومناطق أخرى فورا، إذ تشكلت أمس لجنة أمريكية إسرائيلية لرسم خرائط الضم بالشكل النهائي".
وتابع: "هذه الخطة ليست أكثر من مذكرة تفاهم بين نتنياهو وترامب، لا يمكننا ابدا دعوتها بخطة سلام، وهي جزء من الحملتين الانتخابيتين لهما، لا سيما عندما نتحدث عن توقيت الاعلان عنها".
وقال اشتية: "إن الخطة تعطي الطرف الاسرائيلي تنفيذ ما حصل عليه بالخطة فورا، بينما على الجانب الفلسطيني أن يعمل ليكون مؤهلا لذلك، خلال أربع سنوات وبشروط. علينا القبول باسرائيل كدولة يهودية، وان يكون سلوكنا جيدا وفق المعايير الإسرائيلية، وعلينا الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل".
وتابع: "ما يعرضه ترامب كيان بلا سيادة، وغير متصل الاطراف ولا يشمل القدس، ولا اللاجئين، ويُبقي 720 ألف مستوطن في أراضنا يعيشون في 221 مستوطنة، كما تريد الخطة ضم 40% من الاراضي الفلسطينية، وضم نحو ألفي كيلو متر مربع مقابل تعويضنا بألف كيلو متر مربع من صحراء النقب على الحدود مع مصر، وهي مناطق سبق واستخدمتها إسرائيل كمكبات للمخلفات النووية".
وأكد رئيس الوزراء: "هذه الخطة لا تقدم اكثر من بانتوستانات، حيث إن الفلسطينيين معزولين في جزر غير متواصلة مع بعضها البعض، تربط بينها أنفاق او جسور بإمكان إسرائيل إغلاقها متى شاءت".
وبخصوص الجانب الاقتصادي في الخطة الأمريكية، شدد اشتية على أن "الأموال في المقترح ليست مخصصة لدعم المسار السياسي، بل لمقايضة السياسة بالمال، وهي ببساطة ثمن للتنازل".
وتابع اشتية: "الفلسطينيون موحدون في رفض هذه الخطة، وكذلك العرب الذين رفضوها بوضوح في قمة وزراء الخارجية، وكذلك الدول الإسلامية، والاتحاد الافريقي، ومعظم الدول الاوروبية ومؤسسات يهودية في الولايات المتحدة، واعضاء من الكونجرس ومجلس الشيوخ الأمريكيين، جميعهم رفضوا هذه الخطة".
وشدد: "ترامب ليس لديه شريك دولي لا في اوروبا ولا العالم العربي ولا فلسطين. خطة ترامب ولدت ميتة وستدفن قريبا".
وقال اشتية: "المفاوضات الثنائية فشلت كنموذج لحل القضية الفلسطينية، وعلينا الانتقال من الثنائي الى المتعدد، وأن يكون القانون الدولي مرجعية لهذه العملية وكذلك قرارات الامم المتحدة"، داعيا إلى خلق ائتلاف دولي لحماية حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي.
وتابع: "أدعو أوروبا للرد بشكل جدي على مبادرة ترامب، وأن يخرج اجتماع وزراء الخارجية غدا برفض واضح لهذا المقترح، وملء الفراغ الذي انتجته الإدارة الامريكية بانحيازها الكامل لإسرائيل عبر عقد مؤتمر دولي يقوم على الشرعية الدولة من أجل فلسطين".
ودعا اشتية للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدول 1967 مع القدس عاصمة لها، ردا على الاجراءات الاسرائيلية نحو ضم اجزاء من الاراضي الفلسطينية.
كما طالب بالتركيز على دعم الانروا والحفاظ عليها في وجه المحاولات الامريكية لتجفيف مصادرها المالية، لإزالة قضية اللاجئين عن طالولة المفاوضات.
من جانب آخر، طالب اشتية الرؤساء التنفيذيين ورؤساء مجالس الشركات العاملة بالمستوطنات، بناء على السجل الذي نشره مجلس حقوق الانسان مؤخرا، إلى اخذ هذا التنبيه على محمل الجد، كونهم سيكونون مسؤولين قانونيا عن كل الخطوات غير القانونية التي اتخذتها هذه الشركات على الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وتابع: "كما قررنا أن ننفك تدريجيا من التبعية الكولونيالية التي فرضتها علينا حقيقة كون فلسطين تحت الاحتلال، نحاول النجاح على المستوى الجزئي في ظل الفشل في المستوى السياسي الشامل".
واختتم اشتية بالقول: "ما نريده في غاية البساطة؛ انهاء الاحتلال، إقامة دولتنا المستقلة على حدود 1967 وهي فقط 22% من أرض فلسطين التاريخية، هذه تسوية تاريخية قبلها الفلسطينيون، وما زالوا حتى الآن".
من جانبه، قال أبو الغيط: "إن بعض الدول العربية انشغلت مؤخرا بمشاكلها الداخلية، إلا أن ذلك لم يُغير حقيقة أن القضية الفلسطينية ما زالت قضية العرب الاساسية. سمعنا كثيرا من الاسرائيليين أن العرب يتخلون عن القضية الفلسطينية، هذا لم يحصل ولن يحصل، وفي الوقت الذي سيقرر فيه الفلسطينيون قرارا في قضيتهم سيقف كل عربي وراءهم".
وأضاف: "في اللحظة التي قال فيها الفلسطينيون نرفض الخطة، دعمهم الجميع وهذا الأمر سيستمر، رفضناها لأن الفلسطينيون رفضوها، ولأنها ببساطة وثيقة هزيمة لا أكثر، والفلسطينيون ليسوا مهزومين رغم بعض الخسائر، ما زالوا يناضلون من أجل حقوقهم".
وفي السياق، أوضح الصفدي: "القضية الفلسطينية مركزية في المنطقة وهي مصدر عدم الاستقرار في الإقليم، والحل الذي يحقق العدالة والسلام سيكون مقبولا لأنه سيحقق الاستقرار في المنطقة بأجمعها".
وأكد أن "المفاوضات يجب أن تتم وفق مرجعية مقبولة وعلى أساس القانون والقرارات الدولية، ومن أجل تحقيق ذلك يجب إنهاء الاحتلال وتأكيد الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني."
وأكد أن الموقف الأردني كان دائما مع حل الدولتين على أساس حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقلة، مشيرا إلى أن مبادرة السلام العربية هي اكثر خطة شاملة لتحقيق السلام.
وفي مداخلة من الأمير تركي بن فيصل خلال الندوة، قال إن "السعودية تدعم الفلسطينيين وتطلعاتهم بشكل كامل، وكل الدعاية القادمة من اسرائيل حول التنسيق الإسرائيلي- السعودي واللقاءات وغيرها، ليست حقيقية، بما فيها الحديث عن لقاء بين نتنياهو والامير محمد بن سلمان، الذي تم نفيه في بيان واضح".
وتابع بن فيصل: "الملك سلمان أخبر الرئيس أبو مازن أن السعودية ستدعم ما تريدون، هذا هو الموقف السعودي اليوم وأمس".