بات الحديث عن التصعيد وتداعياته يأخذ طابع الملل , لأن السيناريو واحد , فالبداية ككل مرة , والنهاية ككل مرة , وليس هناك إختلاف سوا المكان والزمان , وحتى قبل أن تتحرك المساعي الأممية والمصرية والقطرية لإحتواء المشهد وعدم حدوث الحرب , فالجهاد الإسلامي يضع سقف معين للرد حتى لا تتطور الأمور الى حرب , وكذلك إسرائيل , فالجميع اليوم غير معني بالحرب , ولكن الجميع معني ليثبت نفسه للآخر كقوة ردع.. وحتى عندما قصفت إسرائيل مواقع للجهاد الإسلامي في سوريا , فهذا ليس غريباً , وليس من شأنه أن يصعد الأمور إقليمياً , فقبل ذلك قصفت إسرائيل أهداف لإيران وحزب الله في سوريا , وأيضاً أهداف للجيش السوري نفسه , وربما ينتهي التصعيد اليوم أو غداً أو بعد أيام , ولكن الإنتهاكات والإختراقات من قبل إسرائيل لم ولن تنتهي , بدليل ما حدث بالأمس شرق خانيونس..
كان المشهد المؤلم في إستهداف الشهيد محمد الناعم , عندما تم التنكيل بجسده بجرافة الإحتلال , المشهد أثر كثيراً على مشاعر الناس , وحرك عواطفهم , لدرجة أنهم أخفقوا بالتعبير عنه بسبب قسوته , فهناك صورتان إشتاحتا مواقع التواصل الإجتماعي , صورة رسم فيها المسيح بن مريم عليه السلام , وهو مصلوب على الجرافة , وصورة للسفير القطري محمد العمادي وهو يدخن السيجار بجانب صورة الشهيد محمد وهو معلق على جرافة الإحتلال , والصورتان تعبيريتان , فواحدة تعبر عن مؤامرة العمادي , والأخرى تعبر عن وجه الشبه بين ما فعلوه اليهود بالمسيح بن مريم قديماً وما فعلوه بالشهيد محمد الناعم , وبهذا إرتكب نشطاء التواصل الإجتماعي الخطأ وكالعادة ,عندما علقوا الخلافات والحسابات والإخفاقات والإنقسامات السياسية الفلسطينية الداخلية على شماعة العمادي , وكأن العمادي اليوم يحل عقد الألسنة التي كانت عاجزة عن الكلام والإنتقاد طوال ثلاثة عشرعاماً , ويتصدر هو وحده الإنتقاد دون الساسة والحكام الفلسطينيين..
أما بالنسبة للصورة التعبيرية للمسيح بن مريم وهو مصلوب على الجرافة , فهي خطأ من الناحية العقائدية , لأنها تؤكد الإعتقاد الخاطئ للمسيحيين بأن اليهود بالفعل صلبوا عيسى بن مريم عليه السلام , فالحقيقة الواضحة هي أن من صلبوه اليهود هو رجل عادي ألقى الله عليه شبه المسيح , بعدما رفع الله المسيح الى السماء , وهذا بدليل القرآن الكريم , فقال تعالى : وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم , صدق الله العظيم , بالطبع الصورة التي رسمت للمسيح على مواقع التواصل الإجتماعي , ليس ترويجاً لإعتقاد المسيحيين الخاطئ , إنما هي تعبر عن الغضب الناتج عن مشهد الجرافة والشهيد محمد الناعم , بالإضافة الى عدم وعي الكثير من الناس لأمور العقيدة والدين , ولذلك فالأمور غالباً تكون عاطفية وعفوية..
اشرف صالح
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت