علت في الأيام الأخيرة موجهة من خطاب الحقد والكراهية موجهة الى قطاعات وشخصيات متعددة تتضمن مفردات التخوين؛ كالتساوق مع الاحتلال أو مستشار الرئيس الأمريكي "كوشنير" القرن والفريق الأمريكي أو سوء التوقيت أو تغليب الاجتماعي على السياسي، ما يظهر أن قيم المجتمع الفلسطيني في خطر، وأن غيوما قاتمة تعبر سماء البلاد، وان الانقسام المجتمعي بات قاب قوسين أو أدني.
فقد غاب النقاش المجتمعي، وساد عدم القبول بالاختلافات في المسارات والأدوات على الرغم من أن الأهداف واحدة، وأطلت دعوات النبذ الاجتماعي برأسها عبر بيانات لفصائل واشخاص ومجموعات مستخدمة أدوات مختلفة؛ بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، بحق شخصيات نتفق جميعا على دورها الوطني وقد نختلف في طرق عملها.
إن التحريض الذي تتعرض له نقابة الأطباء بسبب الاضراب الحالي في قطاع الصحة، والهجوم على لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي المنبثقة من منظمة التحرير الفلسطينية، وحملات الضغط على مؤسسات المجتمع المدني سواء من قبل تنظيمات سياسية أو الحكومة لمنعها القيام بواجباتها في الرقابة على أداء الحكومة أو التضييق على التمويل يثير أجواء من الخوف وفقدان الثقة بالنظام السياسي.
إن وضع المختلفين في مواجهة الشعب الفلسطيني باستخدام خطاب التخوين تحت شعارات مواجهة صفقة القرن ومواجهة سياسات الاحتلال وازمة الحكومة المالية الناجمة عن عدم خضوعها لإملاءات الاحتلال بوقف دفع معاشات لأسر الشهداء والأسرى والتخويف بفيروس الكورونا، واظهارهم أنهم يقبلون بالصفقة والتساوق مع الاحتلال ويهيئون للوباء تؤدي الى تأزيم المشهد الفلسطيني.
هذه الأجواء تشبه تلك الظروف التي رافقت اغتيال الشهيد ظافر المصري رئيس بلدية نابلس عام 1985 الناجم عن الخلاف في الخيارات القائمة آنذاك بخصوص العودة لرئاسية البلدات في الأرض المحتلة، وغياب روح المسؤولية للأطراف الحاكمة في النظام السياسي. هذه الخطورة تقتضي أن يتدبر الجميع وأن يعتبر بإعمال العقل في الخطوات وفي الخطاب لكبح جماح هذا الجنون قبل أن نفيق على صدمة تهز المجتمع والنظام الفلسطيني.
إن المسؤولية تدعو الحكومة الثامنة عشر لفتح حوار جدي ومسؤول مع نقابة الأطباء والاتحاد العام للمعلمين ونقابة أطباء الاسنان وغيرها من النقابات فيما يتعلق بمطالبهم النقابية ومشاريع القوانين المنظمة لعملهم. كما أن روح المسؤولية تقتضي أن تتوقف الحكومة عن استخدام محكمة العدل العليا؛ محتكمين الى قرار بقانون في جوهره يحرّم الاضراب ويحرم أصحاب المهن الرئاسية من أدوات أساسية في العمل النقابي، ووسائل الاعلام والتنظيمات لمواجهة نقابة الأطباء مثلما استخدمتها الحكومة السابقة، والتوقف عن خطابها القائم على التفريق بين النقابات والاتحادات والاستغراب عن التوقيت وكأن المطالبة بحقوق أعضائها معادية للحكومة. ناهيك عن أنها أساليب بالية فإنها تؤجج "الصراع" وتسممه. إن روح المسؤولية تقتضي من النقابات والاتحادات التضامن مع نقابة الأطباء، بغض النظر عن أحقية الاضراب والخطوات الاحتجاجية أو التوقيت ومدى الرضا من عدمه، لوقف استهدافها من الحكومة أو أطراف غير مسؤولة أولا، وثانيا وكي لا يتم تدميرها لاحقا كما حصل مع نقابة الموظفين العامين، وثالثا عقلنة العمل النقابي في البلاد.
جهاد حرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت