إن النقاط الحاكمة فى موضوع أزمة سد النهضة الاثيوبى تتعلق بمبادىء القانون الدولى وبخاصة ما يتعلق منها بمجارى الأنهار الدولية,والتى تنطلق من التوزيع العادل والمنصف وعدم الإضرار,وتترسخ مع عدد من المبادىء الهامة التى تتمثل فى الاخطار المسبق ,وقد حرصت مصر منذ إنطلاق مشروع الاندوجو لبطرس غالى على ترسيخ مبادىء الأخوة والمشاركة التنموية لدول حوض النيل ,الا أن سعى بعض الاطراف وفى مقدمتهم اثيوبيا الى انتهاج سياسة تعتمد على خرق مبادىء القانون الدولى والاعتماد على نظرية السيادة الاقليمية,حيث ترى أن منبع النهر فى اراضيها ولها الحق وفقا لسيادتها على السيطرة عليه أو حتى وقف تدفقة أو إعتباره سلعه تباع وتشترى ,ومن ثم فقد عملت بمساعدة أطراف دولية واقليمية على إقامة عدة سدود على مجرى النهر دون مشاورة مصر,وكان أخرها سد النهضة دون الأخذ فى الاعتبار أن نهر النيل هو نهر دولى وليس محلى حيث تشترك به سبع دول , ومن ثم فهو لا تنطبق عليه نظرية السيادة الإقليمية وإنما هو نهر مشترك لعدة دول تحكمة مبادىء مجارى الانهار الدولية ,ورغم ذلك فقد حرصت مصر على مناقشة الأمر ضمن الأطر السلمية بين مصر والسودان واثيوبيا وصولا الى اتفاق المبادىء عام 2015 , وشهدت الفترة اللاحقه مماطلات اثيوبية كان هدفها كسب الوقت من أجل إكمال بناء السد وملىء الخزان,وهو الأمر الذى دفع مصر إلى اللجوء للمجتمع الدولي عبر كلمة للرئيس عبد الفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة,حتى باتت هناك وساطة من الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولى من أجل التوصل لتفاهم بين مصر واثيوبيا والسودان بهذا الصدد,وكان قرار اثيوبيا بعدم الذهاب للمفاوضات وعدم التوقيع اعقبتها تصريحات نارية لرئيس وزرائها ووزير الخارجية الاثيوبى مفادها"ان السد سدنا والارض ارضنا وبنى بمالنا ولن تستطيع أى قوة فى الارض ان تمنعنا" وهى تصريحات استفزازية لمصر ,تزامنت تلك التصريحات مع نشاط قنوات الاعلام الاخوانية والقطرية وغيرها لتدشين خطاب اعلامى يستفز المواطن المصرى ويستفز المؤسسات المصرية ويصفها بالمشلول ازاء هذا التعنت الاثيوبى,والحقيقة أن ما يخرج من تصريحات عن الجانب الاثيوبى ينم عن ضعف جديد فى الالمام بمبادىء القانون الدولى ولاسيما ما يرتبط بمجارى الانهار الدولية ,وعدم إدراك فعلى وواقعى لقوة وقدرات مصر التى تفوق عملية ضرب السد عسكريا بكثير, إن مصر دولة محورية فى المنطقة ولها دور كبير فى المنطقة على المستوى العربي والأفريقي , وتعتمد الى انتهاج سياسة حل النزاعات بالطرق السلمية حرصاً على تعزيز الاخوة بين الشعوب الافريقية ولا سيما دول حوض النيل,لكن ذلك لا يعنى ان مصر تفرط فى حقوقها ,وبخاصة حقوقها فى حصة نهر النيل, فنهر النيل فى مصر لا يمثل مصدر مياه طبيعي بل مصدر للحياة سواء للبشر أو للارض والبيئة,وإن إضطرت لاستخدام القوة العسكرية فلن تتوانى عن ذلك فى سبيل حرصها على أمنها القومى وبخاصة أمن مياة النيل.
بقلم/محمد الفرماوى
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت