طالما كانت ومازالت المرأة الفلسطينية فاعلة في كل الميادين في فلسطين والشتات الفلسطيني، ولكن هذه الفعالية مازالت منقوصة، ولم تصل الى الحد المطلوب، من شعبٍ يمتلك تجربة كفاحية ناصعة، وميرية منذ عقودٍ طويلة. ومازالت تلك التجربة حية وعلى الأرض في ظل استمرار الإحتلال، واستمرار الشعب الفلسطيني بممارسة حقه المشروع بالأشكال الممكنة وفق القانون الدولي.
لقد شهدت انتفاضةُ الحجارة في فلسطين حضورًا قويًّا للمرأة في مقاومة الاحتلال. وتجلّى ذلك في نشاطها السياسيّ عبر انخراطِها في صفوف التنظيمات، وحضورِها في الفعّاليّات الميدانيّة، بالإضافة إلى نشاطِها الإعلاميّ والاجتماعيّ والثقافيّ. وهو مادفع بنساء فلسطين في الشتات، لمضاعفة جهودهم من أجل دعم الإنتفاضة بما توفر من امكانيات، ومد يد العون لشعبنا في الداخل. فالمرأة الفلسطينية في الشتات كانت ومازالت شريكة في الحدث، في مراحل النضال الفلسطينيّ، وهو مايكتنز وعياً جماعياً باعتبار المرأة جزء فاعل في الحياة العامة الفلسطينية، وشريكٍ في الحدث. وفي العمل بكل اشكال المقاومة الممكنة (بحسب الظروف الزمانيّة والمكانيّة): فتُعتبر المقاومةُ "اللاعنفيّة" (مثل المقاطعة والتظاهر) أكثرَ جدوى وقابليّةً للتنفيذ في هذه الظروف من المقاومة المسلّحة، أو تكون هذه الأخيرةُ أنجعَ وأقوى أثرًا من المقاومة الأولى في ظروفٍ أخرى، أو يكون الجمعُ بين أكثر من شكلٍ من أشكال المقاومة أفضلَ في ظروفٍ مختلفةٍ عن هذه وتلك. متابعة قضايا ومشاكل المرأة الفلسطينية في المهجر والشتات عبر توفير خدمات إرشادية، واستشارات قانونية، وعبر القنصليات والممثليات الفلسطينية في الخارج.
إذاًـ الساحة الفلسطينية في الداخل، وبخاصة في قطاع غزة ومخيمات وتجمعات الشتات في سوريل ولبنان، تتطلب إعادة إنتاج ومأسسة دور النساء كفاعلات في الساحة السياسية وكل المجالات في شكلٍ أفضل وأكثر فعالية، وتوظيفه لإحراز التنمية المنشودة في المجتمع الفلسطيني، وتطوير أدواته على الصعيد الوطني، فلا كفاح حقيقي، ولا طريق نحو الإستقلال، ول تنمية حقيقية من دون إشراك وتفعيل دور المرأة الفلسطينية في الحياة العامة، وكل ذلك كفيل بأن يُحقق نتائج جيدة أيضاً على صعيد عدة قضايا وعناوين هامة يمكن تلخيصها بالتالي :
أولاً ، إيجاد الحلول المناسبة للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة، وهي الظاهرة الموجودة في شكلٍ أو آخر، وبتفاوتٍ ملحوظ بين الضفة الغربية والقطاع وبين الشتات من حيث النسب وانتشار تلك الظاهرة.
ثانياً، تطوير إستراتيجية وطنية لتعزيز العدالة والمساواة بين الجنسين في العمل السياسي والمؤسساتي، ومختلف الوظائف، والهيئات المنبثقة من السلطة الوطنية الفلسطينية، ومختلف القوى والفصائل.
ثالثاً، تكريس أهداف التنمية المستدامة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، بما فيها قطاع غزة، بحيث تلحظ أهمية توفير تلك التنمية لقضايا المرأة في المجتمع الفلسطيني، وإعطاء المرأة دوراً مُتميزاً في منظمات المجتمع المدني الفلسطيني نتيجة قربها من المستفيدين من الخدمات الحكومية لعموم المجتمع وقطاعات النساء على وجه الخصوص، وبالتالي فإنها أقدر على رصد أهم الاحتياجات وتحديد الخدمات، والأكثر إلحاحاً مثل المدارس والمستشفيات ومراكز التأهيل والمساعدات الاجتماعية، والقضايا الخاصة بالمرأة... إلخ.
رابعاً، تطوير برامج التثقيف الفصائلية، لتحسين الوعي السياسي والوعي العام لدى المرأة الفلسطينية، بما يساهم في تطوير دورها الوطني، عدا عن خروجها بنتائج تُفيد المجتمع بعامة.
خامساً، إن التحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية، والمرأة المقدسية في شكلٍ خاص، لا تقتصر على العمل من أجل الحقوق الاجتماعية والسياسية والقانونية، بل تتخطى ذلك في العمل من أجل حقوق أكثر أهمية وقدسية تتعلق بالأمن والحرية والاستقلال والتخلص من الاحتلال والظلم.
سادساً، تضمين قضايا المرأة في السياسات والخطط والبرامج الوطنية، بخاصة أنه تمّ تشكيل دوائر المرأة في الوزارات منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 تم تشكيل وزارة شؤون المرأة، لتكون مهمتها الأساسية تطوير الالتزام الحكومي تجاه قضايا المرأة، والنهوض بأوضاعها في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وجاء نهج هذه الوزارة، بوضع خطط ودراسات إستراتيجية تضمن تحسين وإعادة تمكين المرأة في المجتمع الفلسطيني.
سابعاً، إيجاد سياسات وطنية تأخذ بعين الاعتبار مشاكل المرأة وقضاياها خارج فلسطين، وذلك بالتنسيق بين وزارة المرأة وبعض الوزارات ذات الصلة، مثل: (وزارة الشباب والرياضة، أو وزارة العمل) والممثليات الفلسطينية في الخارج بهدف تطوير الفرص النسائية في الخارج ودمجها في الحياة العامة.
ثامناً، الضغط على الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، بخصوص تحسين الظروف القانونية المتعلقة بالحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين، مثل: حق التنقل، وحق العمل، والتعليم وغيره.
لانا بدوان
كاتبة وناشطة فلسطينية
دراسات عليا بالقانون الدولي
جامعة موسكو
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت